اليمين المتطرف وصل إلى إيطاليا أيضاً
قسم الدراسات
حقّق اليمين المتطرف في إيطاليا، بعد السويد، انفراجة جديدة له في أوروبا، بفوز جيورجيا ميلوني -المعجبة بموسوليني- في الانتخابات التشريعية التي جرت قبل يومين، وبعد أن بقي في صفوف المعارضة في كلّ الحكومات المتعاقبة منذ الانتخابات التشريعية في 2018، فرض حزب “فراتيلي ديتاليا” نفسه بديلاً رئيسياً ليصبح بذلك الحزب المتصدّر في البلاد، حيث ستتاح لحزب من الفاشيين الجدد فرصة حكم البلاد للمرة الأولى منذ عام 1945.
التحالفُ الذي يشكّله الحزب مع كلّ من “الرابطة اليمينية” المتطرفة بقيادة ماتيو سالفيني، وحزب “فورزا إيطاليا” المحافظ بقيادة سيلفيو برلسكوني، يتوقع أن يفوز بما يصل إلى 47 في المئة من الأصوات، وبالتالي فإن حزب “فراتيلي ديتاليا”، و”الرابطة” سيكونان قد حصلا معاً على أعلى نسبة من الأصوات التي سجلتها أحزاب اليمين المتطرف على الإطلاق في تاريخ أوروبا الغربية منذ عام 1945 إلى اليوم، بحسب المركز الإيطالي للدراسات الانتخابية.
ومثلما فعلت قبلها زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، مارين لوبن، تخلّت ميلوني عن مشروعها القاضي بالخروج من الاتحاد الأوروبي، لكنها تطالب بـ”مراجعة قواعد ميثاق الاستقرار” المعلقة بسبب الأزمة الصحية والتي تحدّد سقف العجز في ميزانية الدول وديونها بـ3 في المئة و60 في المئة على التوالي من إجمالي ناتجها المحلي.
لا شكّ أن هذا الفوز، شكل زلزالاً كبيراً في إيطاليا، إحدى الدول المؤسّسة لأوروبا، وثالث قوة اقتصادية في منطقة اليورو، وفي الاتحاد الأوروبي عموماً الذي سيضطر إلى التعامل مع السياسية المقرّبة من رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان الذي ما انفك يعرقل قرارات بروكسل الجماعية، ويرفض الزج ببلاده في أتون الأزمة الأوكرانية ضد روسيا. كما يعدّ فوز ميلوني ضربة لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي أشارت إلى أن لدى الاتحاد الأوروبي “أدوات” لمعاقبة الدول الأعضاء التي تنتهك سيادة القانون وقيمه المشتركة”.
وأياً تكن الحكومة التي ستنبثق من الانتخابات لتتولى مهامها اعتباراً من نهاية تشرين الأول القادم، فهي تواجه منذ الآن عقبات على طريقها، إذ سيتحتّم عليها معالجة الأزمة الناجمة عن الارتفاع الحاد في الأسعار في وقت تواجه إيطاليا ديناً يمثل 150 في المئة من إجمالي ناتجها المحلي، أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد اليونان. وفي المسائل الاجتماعية، تعتمد ميلوني المتحدرة من روما مواقف محافظة متشدّدة، وقد أعلنت في حزيران الماضي “نعم للعائلة الطبيعية، لا لأيديولوجيا النوع الاجتماعي!”. رغم ذلك، يتفق الخبراء منذ الآن على أن ائتلافاً حكومياً كهذا ستواجه فيه ميلوني تحدياً حقيقياً في التعامل مع حلفاء إشكاليين سواء سيلفيو برلسكوني، أو ماتيو سالفيني، وبالتالي لن يستمر طويلاً في بلد معروف بافتقاره إلى الاستقرار الحكومي.