السفير خضور: بقاء “إسرائيل” خارج معاهدة عدم الانتشار النووي خطر جسيم
فيينا – سانا:
حذّرت سورية من سلوك كيان الاحتلال الإسرائيلي العدواني في المنطقة وبقائها بما تمتلكه من قدرات نووية خارج إطار معاهدة حظر الانتشار النووي واتفاق الضمانات الشاملة.
وقال الدكتور حسن خضور مندوب سورية الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في فيينا في بيان سورية ألقاه مساء أمس الثلاثاء أمام الدورة الـ 66 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية: إنّ “قرار المؤتمر العام في الدورة الـ 53 المعنون (القدرات النووية الإسرائيلية) عبّر بوضوح عن قلق المجتمع الدولي من التهديد الذي يشكله انتشار الأسلحة النووية على الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، كما وجّه رسالة واضحة حول القلق البالغ من القدرات النووية الإسرائيلية وطالب إسرائيل بالانضمام لمعاهدة عدم الانتشار النووي وإخضاع جميع منشآتها النووية للضمانات الشاملة للوكالة”.
وشدّد خضور على أنّ “سلوك (إسرائيل) العدواني في المنطقة وبقائها بما تمتلكه من قدرات نووية خارج إطار المعاهدة واتفاق الضمانات الشاملة يمثل خطراً جسيماً على نظام عدم الانتشار وتهديداً للأمن والسلم الإقليمي والدولي”، مشدداً على أنّ رفض “إسرائيل” الانضمام لمعاهدة عدم الانتشار، أو إلى أي من الاتفاقيات الدولية الأخرى المتعلقة بنزع أسلحة الدمار الشامل، وامتلاكها لقدرات نووية كبيرة، لا يؤهلها للحديث عن حالات عدم الامتثال للمعاهدة.
وطالب خضور بتحرّك دولي مكثّف لاتخاذ إجراءات عملية رادعة تؤدي لانضمام “إسرائيل” لمعاهدة عدم الانتشار، وتمكّن من إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية، وكل أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط في ظل التزام جميع دول المنطقة بتحقيق هذا الهدف، منتقداً الدعم المطلق للكيان الإسرائيلي من الولايات المتحدة التي تمارس سياسة المعايير المزدوجة بهذا الشأن.
ولفت خضور إلى أنّ “انعقاد المؤتمر العام للوكالة كأعلى هيئة اتخاذ قرار فيها يوفر لجميع الدول الأعضاء منبراً مهماً لمناقشة أوجه عمل الوكالة وسبل تجاوز التحديات التي تواجهها، بما يضمن استمرارها بالقيام بوظائفها بكل استقلالية ومهنية وحيادية، ومنع حرفها عن مسارها أو استخدامها أداةً لخدمة أجندات سياسية ضيقة لبعض الدول”.
ونبّه مندوب سورية الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في فيينا إلى أنّ البند الذي يناقشه مجلس محافظي الوكالة بشأن تطبيق اتفاق الضمانات في سورية يمثل أحد الأوجه السلبية لاستغلال بعض الدول لهذه الوكالة لخدمة أجنداتها السياسية، منتقداً عدوان “إسرائيل” على سيادة الأراضي السورية في عام 2007 الذي يستوجب الشجب والإدانة، واستخدامه منصّةً للهجوم على سورية التي وقعت ضحية العدوان بهدف تشويه صورتها وممارسة الضغوط السياسية عليها ومحاصرتها، لافتاً إلى أنّ الإقرار “الإسرائيلي” بالمسؤولية عن هذا العدوان على سورية بعد عقد من الإنكار والكذب يحتّم على الوكالة الشروع فوراً إرسال بعثتها التفتيشية إلى الكيان الإسرائيلي، منبّهاً إلى أنّ الاستمرار بمناقشة هذا الموضوع سيبقى بلا جدوى ما لم يتعاون الكيان الإسرائيلي مع الوكالة.
وذكر الدكتور خضور بأنّ سورية تعاونت مع الوكالة بكل شفافية ومارست أقصى درجات المرونة، ولم تدّخر أي جهد لتسوية المسائل العالقة، بما في ذلك الاتفاق على خطة عمل لحلها، موضحاً أنّ التقارير السنوية للوكالة بشأن تنفيذ الضمانات، وآخرها عام 2022 شهدت على وفاء سورية التام بالتزاماتها، بموجب اتفاق الضمانات الشاملة ومعاهدة عدم الانتشار وتلبية كل طلبات التفتيش الدورية في مواعيدها، والتي كان آخرها في يومي الـ 10 والـ 11 من شهر أيار الماضي، على الرغم من التعقيدات التي فرضها تفشي جائحة كوفيد 19.
كذلك أكّد خضور ترحيب سورية بوفاء إيران بتطبيق التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة للاتفاق النووي، مشدداً على أنّ الانسحاب الأحادي الأمريكي من الخطة دون أي مبررات شرعية يشكل انتهاكاً صارخاً لقرار مجلس الأمن 2231 ويدعو للاستهجان والإدانة، ومذكّراً بأنّ خطة العمل الشاملة المشتركة تتضمن حقوقاً وواجبات، ونجاح تطبيقها لا يعتمد على إيران فقط ولكن يجب أن يقابله إيفاء الأطراف الأخرى بالتزاماتها بموجب الخطة المذكورة وبشكل خاص رفع العقوبات الجائرة المفروضة على الشعب الإيراني.
وأكد أيضاً تأييد الوفد السوري لمتابعة الحوار الثنائي بين الوكالة الدولية وإيران كسبيل وحيد لاستكمال معالجة المسائل العالقة وإغلاقها.
ونوّه خضور بالجهود الحيوية للوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار الحملة العالمية لمواجهة جائحة فيروس كورونا، معرباً عن امتنان سورية العميق لاستجابة الوكالة السريعة لطلب الدعم منها وتقديم المساعدة اللازمة، آخذين بالاعتبار ما تعانيه سورية من آثار سلبية للتدابير الاقتصادية القسرية الأحادية الجانب المفروضة عليها من بعض الدول الأعضاء، وجدّد خضور مطالبة سورية بالوقف الفوري لهذه التدابير الظالمة واللا إنسانية والتي أعاقت من قدرتها على الاستجابة بكفاءة لمواجهة هذه الجائحة.
وأشار إلى أنّ سورية انضمت لمعظم الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأمن والأمان النووي والإشعاعي، وتدرس حالياً تطوير قانون التداول الآمن للمواد النووية والإشعاعية والاتفاقيات الأخرى ذات الصلة.
ولفت إلى أنّه على الرغم من العقوبات الاقتصادية الجائرة على سورية فقد تمّ تسديد المساهمات المالية المترتبة عليه، كما تّم تنفيذ نسبة جيدة من مكونات مشاريع التعاون التقني الوطنية والمساهمة في العديد من برامج التعاون التقني الإقليمية.
وأعرب خضور عن ترحيب سورية بالاستفادة من خدمات برنامج معالجة السرطان “بي ايه سي تي” وتطلعها للاستفادة من مشروع العمل المتكامل للأمراض الحيوانية المنشأ وبرنامج استخدام التكنولوجيا النووية في التحكم بالتلوث بالبلاستيك، كما أبدى خضور تطلع سورية لدعم الوكالة في استبدال وقود المفاعل “منسر” والمساعدة في إنشاء مركز لإنتاج النظائر المشعة “قصيرة عمر النصف” في مدينة حلب، وللمزيد من دعم الوكالة لبرامج الاتفاق التعاوني للدول العربية في غرب آسيا في مجال التدريب والبحث في العلوم والتكنولوجيا النوويين “عراسيا”، وترحيبها باستضافة أنشطة الوكالة التدريبية على أراضيها، مؤّكدة استعدادها لتوفير الضمانات اللازمة لإنجاح هذه الأنشطة.