فريدريك شوبان في متحف حلب الوطني
حلب – غالية خوجة
كأن كنوز الآثار العابرة للعصور، السورية الأصول، الموزعة في أجنحة متحف حلب الوطني، انتبهت مع الأشجار والقطع الأثرية السورية إلى أن مساء جميلاً يحدث، محفوفاً بصوت آلة البيانو، لتصغي معنا إلى سبع مقطوعات موسيقية لفريدريك شوبان البولندي الأصل، الفرنسي الجنسية، تعزفها أنامل الشابة لونا بطل وترافقها شاشة عرض الكترونية بصرية تحتفي بالموسيقار شوبان و”نوتاته” الموسيقية.
وهذه هي المرة الأولى التي تشرق فيها مبادرة فنية تقام في الباحة الخارجية للمتحف، ولمن يدخل باحة المتحف الخارجية، أن يشعر بحالة موسيقية يحضنها الهواء الطلق، وتنعكس ظلالها على الإضاءة الملونة والعناصر السينوغرافية الأخرى المرافقة لهذه الأمسية التي قال عنها لـ “البعث”، عبد الحليم حريري، نقيب فناني حلب: قمت بهذه المبادرة الأولى في حلب، لتلتقي الموسيقا مع الآثار السورية بتناغم حيّ ومعاصر في هذا الفضاء المتحفي من مدينتنا العريقة حلب، وحديقته المغروسة بآثار تعود لعصور مختلفة، لتتناغم معنا الحالة الاجتماعية الثقافية الفنية، ويجذب المتحف ـ إضافة إلى قيمته الأثرية الثقافية السياحية ـ البعدَ الموسيقي، وينشئ حالة تُواصِل حضارتَها المميزة، خصوصاً، وأن الفينيق حضارة جديدة ومتجددة، ولونا بطل عازفة من هذا الجيل الذي تعلّم في الحرب، وتخرّج، وأصرّ على متابعة العلوم والفنون والبناء.
وبدورها، أخبرتنا عن مشاعرها العازفة الشابة لونا بطل بأنها لم تتوقع أبداً أن حفلتها في هذا المكان تحدث الآن، في هذا المتحف بقيمته الفنية الأثرية التأريخية العالية، وتابعت: أنا خريجة معهد صباح فخري، وطالبة طب بشري سنة ثالثة، وأشعر بدهشة ورهبة ومحبة لأنني أول مرة أعزف في هذا المكان.
وبينما كونشرتو شوبان وأغانيه الراقصة تنتشر في المكان الذي احتشد فيه الحضور ومنهم من استمع واقفاً، لمحت الكثير من أهالي حلب يتحلقون خارج المتحف ويتابعون، فاقتربت من شابين تبدو عليهما ملامح الانسجام والاستغراب والتساؤل، فتعرفت إليهما، وكان اسم الأول محمود سرحان، واسم الثاني بشار خياط، وكلاهما يدرسان في كلية الآداب ـ قسم التأريخ بجامعة حلب، فسألتهما عن سبب انجذابهما؟ فأجابا: شيء غريب وجميل، لذلك توقفنا لنشاهد ونسمع، نحن نحب المتحف والآثار، ولم نزره حتى الآن، فكيف إذا كان المتحف يقيم مثل هذه الحفلات؟ بالتأكيد ستكون الحياة أجمل.
وتجدر الإشارة إلى أن الحفل الموسيقي الثاني “مقاطع شهرزاد”، للموسيقار الروسي نيقولاي ريمسكي كورساكوف، في حديقة المتحف 28 أيلول الجاري، من نصيب طلاب آلة البيانو، معهد صباح فخري، بإشراف ورجين رئيسيان.
يذكر أن معهد صباح فخري أقام، أيضاً، أمسية موسيقية 24 أيلول الجاري في المركز الثقافي بالعزيزية لفرقة “تريوليت” بإشراف عبد الحليم حريري وقيادة كل من العازفين ديانا أنقر ـ آلة العود، ونورس جسري ـ آلة القانون، ومشاركة 9 عازفين على آلات مختلفة منها الكمان والبزق الإيقاع والكونتر باص.