20 % من القضايا لمحتوى “غير لائق”.. 100 دعوى معلوماتية بعد القانون الجديد في مقدمتها الاحتيال
دمشق – ريم ربيع
بين محتوىً رديء وآخر غير أخلاقي، تعج اليوم مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بمضامين منوعة لم تجد لها قبولاً لدى الكثير من المتلقين الذين حوّلوا البعض منها إلى قضايا رأي عام، مستنكرين التراخي بتقديم هذا المحتوى على منصات مفتوحة، مقابل تشدد صارم فرضه قانون الجرائم المعلوماتية فيما يكتب وينشر على الصفحات الخاصة منها والعامة.
القانون “حديث العهد” الشامل لمعظم تفاصيل الفضاء الإلكتروني، هو اليوم أمام تساؤلات كثيرة، لاسيما مع الفوضى التي تتزايد فيما يتعلق بمنصات وسائل التواصل، وحتى في صفحات البيع والتسويق وحالات النصب والاحتيال الإلكتروني متعددة الأشكال، فالسؤال اليوم حول مدى المتابعة لما ينشر من محتويات مسيئة، بدلاً من التركيز على انتقاد هنا وشكوى هناك.
صفحات وهمية للسفر والتوظيف
قاضي التحقيق الخامس وجرائم المعلوماتية، زمن بديع عبد الله، أوضح أن القانون 20 لعام 2022 أحدث ضابطة خاصة بالمتابعة لم تكن موجودة في القانون السابق، وهي معنية بمتابعة ما ينشر على تلك المنصات وغيرها لاتخاذ الإجراء القانوني بحقها عند المخالفة دون أن يتطلب الأمر رفع دعوى من أحد، كاشفاً أن 20% من القضايا الواردة لدائرة التحقيق تتعلق بمحتوى غير لائق، فيما تختلف العقوبة تجاه هذا النوع من القضايا بحسب كل حالة والمضمون الذي نشر.
وبيّن القاضي عبد الله أن ما يرد للتحقيق هو الدعاوى ذات الوصف الجنائي، أكثرها الاحتيال المعلوماتي الذي أصبح جناية بالمطلق، بعد أن كان المرسوم 17 لعام 2012 يفرق بالاحتيال بين أن يكون جنائي أو جنحي، موضحاً أن أشكال الاحتيال منوعة لكن التركيز على أن تكون الشبكة هي الخادعة، فليس كل احتيال ناجم عن تعارف أو تواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي يكون معلوماتي إن لم تكن الشبكة هي وسيلة الاحتيال، وهنا تعد الصفحات والمنشورات المتعلقة بالسفر والهجرة في مقدمة القضايا الموجودة بالمحاكم، إذ يعمد شخص ما لإنشاء حساب وهمي ينشر من خلاله فرص سفر وتأمين فيزا وإقامة وعمل مقابل مبالغ معينة يحصل عليها ومن ثم يحذف الحساب وينقطع التواصل مع الضحايا.
بعض القضايا أيضاً – بحسب عبد الله – تأتي كعروض عمل، فإحداها عبارة عن موقع مشابه لموقع عرض أزياء عالمي، بدأ مستخدمه بالتواصل مع الفتيات ليحصل على صور قد تكون غير لائقة لهنّ، ومن ثم ابتزاز تلك الفتيات بالصور، وهذا يسمى تهويلا عن طريق الشبكة (التهديد بنشر صور)، يضاف إليه أيضاً قضايا الذم والقدح والنيل من هيبة الدولة.
اختلاف النوع لا الكمّ
ومنذ صدور القانون الجديد في أيار الماضي بلغ عدد الدعاوى في دائرة التحقيق 80 – 100 دعوى، وهي بالمعدل ذاته وفق القاضي عبد الله الذي أشار إلى اختلاف بنوع الدعاوى وليس عددها، حيث تراجعت قضايا الذم والقدح بعد القانون الجديد لأن الجميع صار يدرك عقوبة هذا الأمر، فيما بقي الاحتيال محافظاً على نسبته، إذ ترد قضايا معقدة ومركبة بعد أن طوّر المجرمون أساليب الاحتيال لإخفاء أي دليل، فيما حدد القانون الجديد عقوبة الاحتيال بالسجن 3-5 سنوات وغرامة 3-5 مليون ليرة، وتشدد لـ5-7 سنوات و5-7 ملايين إذا وقع على جهة عامة أو مصرف أو مؤسسة مالية مشتركة أو خاصة، علماً أنه لم ترد أية دعوى متعلقة بجهات عامة.
وحول مواقع البيع والتسويق وحالات الاحتيال فيها، بيّن قاضي التحقيق أن الجرم قد لا يكون معلوماتي بحت إن لم يخف الشخص نفسه خلف الشبكة وتحت غطاء صفحات وهمية، أما المواقع والصفحات المرخصة للبيع فيتم التعامل مع مخالفاتها في المحاكم المختصة بها، مضيفاً أن حالات الاحتيال بالدفع الإلكتروني موجودة بالقانون، إلا أن البيئة التشريعية للتحول الرقمي بشكل كامل قد تتطلب بعض التوسع والدقة.
حماية الضحية
وأكد عبد الله أن القانون الجديد حمى حقوق الضحية، فلم يعد بالإمكان التعامل مع قانون صادر بـ2012 في ظل الضوضائية والعشوائية المنتشرة بالعالم الافتراضي، والانتقال لنظام المعلومات الذي يتطلب حماية قانونية، فأحاط القانون بجميع الحقوق التي يمكن الاعتداء عليها بالعالم الافتراضي، ومع ذلك فإن المدة لا تزال قصيرة على تقييم نتائج القانون وأثره، إلا أنه حقق بعض الردع العام في بعض القضايا.
ولفت القاضي عبد الله إلى أن النشر عن فساد أو نقد جهة ما، ليس جرم إن لم يتم انتهاك الخصوصية أو التشهير، موضحاً أن عقوبة الذم الالكتروني العلني حبس شهر لثلاثة أشهر، وغرامة 300-500 ألف، أما الذم غير العلني – عبر محادثات خاصة أو مجموعات مغلقة – فقط الغرامة 200 – 300 ألف، مشدداً على ضرورة زيادة التوعية تجاه مخاطر استخدام الشبكة والمخالفات المرتكبة فيها.