تراس تقود الاقتصاد البريطاني نحو الفوضى
تقرير إخباري:
بعد حملاتٍ وإعلاناتٍ وعناوينَ عريضة مفادها أن ليز تراس رئيسة وزراء بريطانيا ستعمل على إصلاح ما أفشله سابقها بوريس جونسون من ملفات اقتصادية عالقة فشل في معالجتها فشلاً ذريعاً، مبشّراً بالمزيد من التدهور وازدياد أسعار الكهرباء وحوامل الطاقة بشكل قد يدفع المواطن البريطاني إلى الجنون حسب تعبيره، بعد خروجه من السلطة، يبدو أن البداية لن تكون مبشرة لتراس، ويظهر ذلك عبر دلائل قوية ومؤشراتٍ خطيرة تغمر الأسواق البريطانية كفقدان أسواق الأسهم والسندات البريطانية نصف تريليون دولار من قيمتها السوقية “على أقل تقدير”، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن تراس عبر سياستها المالية عزّزت حالة الهلع في الأسواق بدلاً من إرساء الاستقرار، وخاصةً بعد رفع البنك المركزي البريطاني سعر الفائدة الرئيسي بواقع نصف نقطة مئوية إضافية.
أما البنك المركزي فقد أكد أنه سيشتري السندات الحكومية على أساس مؤقت للمساعدة في “استعادة أوضاع السوق المنتظمة” حسبما أعلنه، في خطوة يعدّها تصبّ في تنظيم العملية الاقتصادية وتعزيز قيمة النقد الوطني، ولكن على الرغم من ذلك ومن ادّعائه أنه قادر حتى اللحظة على كبح جماح التضخّم عبر مجموعة من الخطط والإجراءات المدروسة لإنقاذ البلاد، فإنه يتناسى أن خططه السابقة كانت ذات نتيجة عكسية على قيمة الجنيه الإسترليني وفي مقدّمها خفض الضرائب، التي كانت خطوة مثيرة لسخط جموع المواطنين البريطانيين نتيجة تأثيرها المباغت في قيمة الجنيه انخفاضاً.
أما المواطنون، فقد حذروا تراس من أن أيامها باتت معدودة في رئاسة الحكومة، مؤكدين أنها ورغم حداثة وجودها في منصبها أودت البلاد فيما يمثل فوضى حقيقية بسياستها الاقتصادية والمالية والنقدية التي وصفوها بأنها غير مدروسة ومتغطرسة، وتساءل العديد منهم عمّن فوّض حكومتها بتخفيض قيمة الجنيه بحجة أن ذلك سينعش الاقتصاد؟ وعن سبب توجيه الإعفاءات الضريبية لمن هم في قمة الهرم الاقتصادي البريطاني بينما تزداد مدفوعات وضرائب المواطن العادي.
أما فيما يتعلق بالرهن العقاري فقد تخوّفوا من ارتفاع الفوائد على قروضهم العقارية بعد ازدياد المبالغ التي أصبحوا مضطرّين إلى دفعها إبان سياسة تراس وإجراءاتها الخاطئة حسب تقديرهم.
وترافق هذا السخط الشعبي مع تحذيرات من الخبراء الاقتصاديين مما هو قادم من النوائب على العملة البريطانية في القريب العاجل.
وطالب زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر حكومة تراس بالمسارعة إلى تصحيح الأخطاء التي اقترفتها على الصعيد الاقتصادي والمالي، مؤكداً أن التدخل الاستثنائي أظهر فقط الفوضى التي أحدثتها الحكومة في الاقتصاد.
وحتى صندوق النقد الدولي يُستشفّ من خلال بيانه الصادر يوم الاثنين الماضي عدم رضاه عن الطريقة التي انتهجتها حكومة تراس مالياً ونقدياً، محبّذاً عدم منح الحزم المالية الكبيرة وغير المستهدفة في هذه المرحلة.
بالنتيجة، حكومة تراس نقلت الفشل إلى فشل آخر أكثر حدة، ويُرجح أن ذلك مردّه تناسيها الأسباب الحقيقية لأزمتها التي تعود إلى موقفها السياسي المتعنّت تجاه روسيا بحجة الأزمة الأوكرانية، وما خلفه ذلك من أزمات في قطاع حوامل الطاقة سواء على بريطانيا خصوصاً أم على أوروبا عموماً، ومهما اختبأت تلك الحكومة أو الحكومات خلف إصبعها ستبقى النظرة إلى الموقف الروسي هي حجر الأساس لمحاولة إعادة إنعاش الاقتصاد البريطاني وغيره من اقتصادات أوروبا، ولن تنفعهم إجراءات التقشف والتشدّد في السياسة المالية.
بشار محي الدين المحمد