الثقة بـ “الأوادم”
علي بلال قاسم
عبر سنوات طويلة لم نكن – نحن المواطنين – نتفهم سياسة الطبطبة وغناج الطبقة الاقتصادية، التي شكلت ممارساتها حالات من التململ لا يشفع لها إلا ذاك الخطاب الذي “أكل بعقل المجتمع حلاوة”، عندما قدمهم في الصفوف الأولى، ليعتلوا المنصات محاولين ذر الرماد في العيون على أنهم وطنيون بامتيازات على شكل قالب شمولي وصورة مبروظة، ومع تراكم القضايا والأضابير غير النظيفة من سرقة المصارف بحيل القروض والودائع الوهمية، إلى التهرب من التكليف الضريبي، إلى الاستحواذ على مشاريع الدولة، واحتكار الصناعة والتجارة إلى.. .
لم تعد الحكومة بقادرة على مواجهة المجتمع والتغطية على من يفترض بهم شركاء في التنمية، وفي صناعة القرار، كما كانوا يسوقون لخطف المكاسب التي كانت تمرر تحت مبرر “ليس لنا في السياسة.. نحن اقتصاديون”!!
هنا كانت الطامة التي جعلت البعض يطمع لدرجة ارتكاب “السبعة وذمتها” دون محاسبة، بشفاعة تأييد الدولة فقط.؟
إن الصمت المريب الذي مورس خلال العقود الماضية تجاه ملفات “التجار والصناعيين ورجال الأعمال” لم يعد مقبولاً اليوم بعدما أصبح اللعب “عالمكشوف”، وافتضح المستور أمام الشارع والرأي العام، ليغدو أصحاب الرساميل الدسمة التي لا يخفى على أحد كيف كدست، عراة حتى من ورقة التوت التي حاولوا تغطية عوراتهم بها بعناوين الاستثمار وتوظيف الأموال وإقامة الصناعات والمشاريع!!
اليوم، هناك واقع جديد وظروف مختلفة أفضت إلى قلب المفاهيم، فالزمن الذي كانت فيه الحكومة “تعد للألف” عندما تلوح بنشر لائحة إعلامية سوداء للتجار المخالفين والمرتكبين، وكذلك المتهربين ضريبياً، ولم تفعل، راح وولّى، لتشهد التطورات توجهات لم يعد فيها مجال للصبر وامتصاص أخطاء “الرأسمالية الوطنية ” التي جاء الزمن المناسب للتشهير بها، بعدما أفصحت الكثير من التسريبات عن أرصدة رجال أعمال سوريين، في لبنان وغيره، يدعون أن أعمالهم متوقفة ولايستطيعون سداد قروضهم.
هنا، يعرف المواطن أن الدولة “تدرك الخمير والفطير”، وصمتها أحياناً ليس ضعفاً، وهي تمسك بملفات المتورطين، ولكنها لم تحبذ التشهير في يوم ماً، وهناك انتهاكات مارستها بعض الفعاليات الاقتصادية بحق المقدرات والأخلاقيات، ولعبت دوراً وسخاً في سياق الأزمة الاقتصادية الراهنة، لأنها أوصلت البلد لحافة الهاوية اقتصادياً، وأدخلت المواطن حدود الوجع والجوع معيشياً.