مأزق التكيف مع سياسات الولايات المتحدة
ترجمة: عائدة أسعد
تتجه أوروبا الآن نحو الركود، حيث وصفت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، قبل أيام التوقعات الاقتصادية لمنطقة اليورو بأنها قاتمة، وأنها تتوقع أن يتباطأ النشاط التجاري بشكل كبير في الأشهر المقبلة، نتيجة للارتفاع الكبير في الأسعار، وانخفاض القدرة الشرائية، وعدم اليقين العام الناجم عن الصراع في أوكرانيا.
وقالت أثناء حديثها أمام جلسة استماع لجنة الشؤون الاقتصادية والنقدية في البرلمان الأوروبي: “لقد خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتها للنمو الاقتصادي العالمي لعام 2023 من 2.8٪ إلى 2.2٪ ، كما حذرت أيضاً من أن العديد من الدول الأوروبية قد تواجه ركوداً العام المقبل”.
وذكر تقرير حديث مؤقت لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن المزيد من الاضطرابات في إمدادات الطاقة ستضر بالنمو وتزيد التضخم، خاصة في أوروبا حيث يمكن أن تخفض النمو بمقدار 1.25 نقطة مئوية، وتزيد التضخم بمقدار 1.5 نقطة مئوية، مما يدفع العديد من البلدان إلى الركود بأكمله في عام 2023.
لقد كان الأمر قاتماً بشكل خاص على التوقعات الاقتصادية لألمانيا، حيث يعتمد أكبر اقتصاد في أوروبا اعتماداً كبيراً على إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا، والتي تعطلت بسبب الأزمة الأوكرانية.
قد يوفر الوضع الصعب الذي تجد العديد من الدول الأوروبية نفسها فيه فرصة لها للتفكير في ما أدى إلى مأزقها الحالي، والتكيف مع سياسات الولايات المتحدة التي تلحق الضرر بنفسها والتي تحاكي سياساتها الخارجية، فعلى سبيل المثال، شهدت التجارة بين الصين والاتحاد الأوروبي نمواً قوياً بنسبة 27.5 في المائة على أساس سنوي في عام 2021، مما أظهر قوة ومرونة في تعاونهما الاقتصادي على الرغم من الانتعاش العالمي الضعيف بسبب العواقب السلبية لوباء كوفيد 19، وظلت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي.
ولكن في ظل هذه الخلفية، من الواضح أن الاتحاد الأوروبي، تحت ضغط من الولايات المتحدة، تبنى موقفاً أكثر صرامة تجاه الصين خلال العام الماضي، حيث أدخل قواعد جديدة تفرض تدقيقاً أوثق للاستثمارات الصينية في أوروبا، كما تم فرض عقوبات على الصين بحجة انتهاكات حقوق الإنسان، وأعلنت الصين خصماً استراتيجياً، أي أن مثل هذه السياسات العدائية هي بالفعل أقرب لتتماشى مع سياسات المواجهة التي اعتمدتها الولايات المتحدة تجاه الصين.
إن تبني موقف المواجهة الأمريكي يخاطر بإلحاق المزيد من الضرر بتعاون الاتحاد الأوروبي مع الصين، وهو ما يضر بالمصالح الاقتصادية لأعضائه، ولذلك يجب أن يتصرف الاتحاد الأوروبي بشكل أكثر استقلالية، بدلاً من السماح للولايات المتحدة بإملاء سياساتها عليه.