ماذا بعد الانضمام إلى روسيا؟
تقرير إخباري:
تتسارع الأحداث في ملفّ انضمام جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك ومقاطعة خيرسون ومنطقة زابوروجيه إلى روسيا، بعد توقيع قادتها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو معاهدة انضمام كاستكمال للإجراءات القانونية بعد أن تمّ إجراء استفتاءاتٍ أيّدت خلالها الأغلبية العظمى من السكان الانضمام إلى روسيا.
ويبدو واضحاً أن الهدف الأساسي من ذلك هو إرسال رسالة قوية إلى حلف شمال الأطلسي مفادها أنّ هذه المناطق باتت روسية، وأيّ اعتداء عليها سيتم الردّ عليه بالتدريج وصولاً على السلاح النووي سواء التكتيكي أم القنابل، وفرض الإرادة الروسية في تحدٍّ للناتو الذي وقف عاجزاً عن أي ردّ.
كذلك يعزّز الضم ثقة الداخل الروسي والعالم بصوابية قرار بوتين المضيّ في العملية الخاصة في أوكرانيا، عبر نجاحها بتحقيق أهداف عريضة تصبّ في تعزيز أمن روسيا، وإزالة أي مخاوف من استغلال تلك المناطق القريبة كخاصرة رخوة قد تهدد أمن وسلامة روسيا.
من جهةٍ أخرى، ترتبط جزيرة القرم مع الأراضي الروسية بجسر كان دائماً مثاراً للتهديد بقصفه، ولكن مع انضمام خيرسون إلى روسيا تصبح القرم متصلة جغرافياً مع أراضي روسيا عبر أربع مناطق برية، وهذه المناطق ستجعل من بحر آزوف بحيرة روسية بالكامل وتحدُّ بشكل كبير من استفادة أوكرانيا من البحر الأسود، وتجعل أي حكومة قد تصل للسلطة في كييف متعاونة مع الجانب الروسي القوي بدلاً من الغرب.
ما ذُكر آنفاً يوضح كمية الخسارة والضعف اللذين مُني بهما نظام كييف بسبب سياسته الاستفزازية لموسكو، وفوق كل ذلك يعلّق رئيسه فلاديمير زيلينسكي بالقول: “لا تفاوض مع الروس بعد واقعة الاستفتاءات”، طالباً المزيد من المساعدات ممن يقاتل عنهم بالوكالة، وداعياً إلى “اختراع” عقوبات جديدة يظنّ أنها “ستجبر موسكو على الانصياع”، على حد تعبيره.
وهنا، لابد من الإشارة إلى أنّ نظام كييف أساء للسكان وحرمهم أبسط حقوقهم كالتحدّث باللغة الروسية “لغة 90% من سكان المناطق الأربعة”، كما لابد أيضاً من التذكير بأنّ للشعوب الحق في تقرير مصيرها، وأن خطوة الانضمام تعكس رغبة الشعب على الرغم من رفض الغرب وحكومة كييف لها. والسؤال الذي يراود الكثير من المحللين والمتابعين: هل فعلاً ستكون هذه الخطة هي نهاية العملية الخاصة؟
في الحقيقة، إنّ متابعة دقائق ملف هذه العملية ترسم فكرة يقينية مفادها أنها لن تتوقف عند هذا الحدّ كما يروّج، لأن روسيا منذ البداية طالبت بمحاسبة نظام زيلينسكي واحترام الإرادة الشعبية لجميع مواطني أوكرانيا، ووقف الإرهاب وإطلاق السجناء السياسيين والسماح للأحزاب المحظورة بتحرير نشاطاتها والسماح للسكان باستعمال لغتهم الأم، وهذا حتى اللحظة لم يتم تنفيذه، بسبب ضغوط وتدخلات الغرب، وبالتالي فإن ما يحصل الآن قد يكون مقدّمة لحرب، وربما تنتقل الحرب القادمة إلى أراضي “الناتو” في معركة يعدّها بوتين مصيرية لا تراجع فيها.
في النهاية، بنك أهداف روسيا تحسّن من خلال منع الناتو من الوجود على الأرض الروسية كما كان في ظل نظام كييف، كما أن الغرب يخسر خسارة كبرى لا تعوّض، فقد راهن على إطالة أمد الحرب لخلق الانقسام في الصف الروسي أو إخراج المظاهرات أو خلق البلبلة، لكن ما حدث هو العكس، فالاتحاد الأوروبي يلفظ أنفاسه استعداداً للانقسام مع تصاعد تيار اليمين الفاشي فضلاً عن المظاهرات المندّدة بدعم أوكرانيا، ومسلسل طويل من الفشل والانهيار الاقتصادي.
بشار محي الدين المحمد