واشنطن تحكم قبضتها على أوروبا بعد “السيل الشمالي”
تقرير إخباري
لا يخفى على أحدٍ أن الرئيس الأمريكي جو بايدين كان قد هدّد عبر مقطع فيديو له، بألا يكون هناك خط أنابيب “السيل الشمالي-2” إذا ما “اعتدت” روسيا على أوكرانيا على حدّ تعبيره، فهل نفّذ كهل البيت الأبيض تهديده بتعطيل خط الأنابيب؟.
روسيا لا تستبعد أن يكون التعطيل ناتجاً عن عملية تخريبية وخاصة بعد رصد عملاء الزلازل في الدنمارك والسويد وقوع انفجارات قوية في المناطق التي حدثت فيها تسريبات الغاز، ولاسيّما أنه تم في اليوم ذاته افتتاح خط أنابيب Baltic pipe الذي سينقل الغاز النرويجي إلى بولندا عبر الدنمارك.
فالأطراف المتهمة بعملية التخريب هم أنفسهم الذين كانوا يسعون إلى إغلاق الخط فيما مضى سواء أميركا أم الأطلسي، وليس مستبعداً أن تكون أصابع الاتهام موجّهة باتجاه واشنطن، وخاصة أن هذا يصبّ في مصلحتها، حيث إن تفجير الأخيرة لخطوط الغاز يجعل ألمانيا تعتمد بشكل إجباري على إمدادات الغاز الأمريكي المسال، في حين تملك دول الناتو روبوتات تحت الماء قادرة على تخريب الأنابيب، وهذه الربوتات يمكن ضبطها وتهيئتها بواسطة الإحداثيات ومصادر الكشف عن الرادار.
على الضفة الأخرى، رأت صحيفة غلوبال تايمز الصينية أنه لو تعاونت روسيا والدول الأوروبية بحادث السيل الشمالي فسيكون ذلك بمنزلة “غصن زيتون”، منوهة بأن الصراع الروسي لا يقتصر على المجال العسكري بل يمتدّ إلى الطاقة والاقتصاد والغذاء، وبالتالي هذا الحادث يؤزّم الوضع بينهما، وبالمحصلة أيّاً كان مَن ضغط الزر لتخريب الخط فهو بالتأكيد قد وجّه ضربة قوية للتعاون الروسي الأوروبي في مجال الطاقة.
ولفتت الصحيفة إلى المعارضة الأمريكية القوية التي واجهها هذا التعاون منذ اليوم الأول ابتداء بحملة التهديدات، مروراً بسلسلة العقوبات، وصولاً إلى إعلانها الصريح بأنها لن تتوقف حتى تفسد السيل الشمالي.
رغم كل هذا، تصرّ أمريكا على أنه لا مصلحة لأحد في التخريب وفق ما جاء في تصريحات وزير خارجيتها، التي وصفتها المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بالسخيفة والكاذبة، وخاصة أن حادثة التسرّب وقعت في المنطقة التي تسيطر عليها الاستخبارات الأمريكية.
الاتحاد الأوروبي اعتبر أن تسرّب الغاز ليس مصادفة، وهناك مؤشرات على أنه متعمّد، في إشارة ربما إلى تغريدة وزير الخارجية البولندي السابق تضمّنت صورة من مكان تسرّب الغاز مرفقة بعبارة “شكراً للولايات المتحدة”، لتخرج روسيا وتطلب ردّ فعل الاتحاد الأوروبي على تصريحات الأخير.
وحسب محللين، تصبّ حادثة التخريب في مصلحة الأمريكي الذي قام بكل ما هو ممكن لمنع تشغيل أنابيب الغاز الروسية إلى أوروبا، حتى إن المستشار الألماني أولاف شولتز لم يجرؤ لفترة طويلة على إدراج نورد ستريم-2 على قائمة العقوبات المحتملة ضد روسيا، وافترض المحللون أنه لو لم تكن أمريكا من نفّذت التخريب مباشرة، فمن المؤكد أنها استخدمت أياديَ خبيرة من حلفائها لتنفيذ المهمّة، حتى وكالة الطاقة الدولية لم تجرؤ على إعلان المسؤول عن التخريب، ولكنها تعي تماماً مَن هي الجهة التي تقف وراء الحادث.
تعطيل خط الغاز خطير ويتطلب تحقيقاً عاجلاً حسب ما أكد الكرملين، الذي أعرب عن استعداده لإجراء تحقيق مشترك في الحادث، وأن موسكو ستدعم أي تحقيق يهدف إلى الوصول إلى وضوح كامل بشأن الحادث؟ مؤكداً أن هذا العمل التخريبي لا يمكن أن يحدث دون تورّط بعض الدول، ولافتاً إلى أن إصلاح الدمار قد يستغرق أكثر من نصف عام، وهذا يعود إلى مسألة وجود معدات وسفن ضرورية لإجراء مثل هذه الأعمال، وربما تخضع تلك السفن للعقوبات.
إذاً، كل المعطيات التي تقدّمت ترفض فرضية المصادفة، وتبقى دول الاتحاد الأوروبي هي المتضرّر الأكبر الذي بدأ بارتفاع الأسعار الجنوني، وتوقّف عدد كبير من الشركات الكبرى عن العمل، وانتقال أخرى للعمل في أمريكا، فإلى متى ستصمد القارة العجوز؟.
ليندا تلي