زاخاروفا تتهم واشنطن والناتو بتدمير خطَّي السيل الشمالي
موسكو – تقارير:
يبدو أن المهمّة الأساسية بالنسبة إلى واشنطن و”الناتو” قد انتهت أخيراً بإنهاء اعتماد الدول الأوروبية على موارد الطاقة الروسية وعلى رأسها الغاز، وبذلك لم تعُد هناك حاجة فعلياً لدى واشنطن والناتو للانخراط مباشرة في الحرب الدائرة في أوكرانيا، إلا على سبيل الاستنزاف والمشاغلة، فأوروبا بمجملها ستضطرّ للتوجّه إلى الغرب للحصول على موارد الطاقة التي تحتاج إليها، وبالأسعار التي تحدّدها الولايات المتحدة هذه المرة، والشتاء القادم لن يكون شتاء رخيصاً بالنسبة للأوروبيين كما كان في السابق، وعلى الدول الأوروبية الاستماع إلى نصائح ساسة الحلف والاتحاد معاً بالنظر إلى ما بعد خروج السيل الشمالي من الخدمة، وهو حتمية التقنين والتقشف والتوجّه غرباً لتأمين موارد الطاقة التي لن تكفي إلا لاتقاء برودة الشتاء، بينما ينبغي على المصانع والمعامل الأوروبية أن تتوقف عن الإنتاج وتتوجّه بالكامل نحو واشنطن، إما لتأمين حاجتها من الوقود وإما للعمل على الأراضي الأمريكية، وبالتالي تكون الإدارة الأمريكية قد حقّقت ما تصبو إليه من تدمير العلاقة بين موسكو وبروكسل إلى الأبد، حتى يتسنّى لها فرض إرادتها على السوق الأوروبية المتعطّشة لموارد الطاقة، ما دامت شركات النقل والتأمين والنفط في أغلبها تابعة لها، وسيكتشف القادة الأوروبيون لاحقاً أنهم كانوا أتباعاً طيّعين للبيت الأبيض وأدواتٍ مرنة في تحويل الشعوب الأوروبية إلى شعوب مستهلكة، بغض النظر عن إمكانية علم هؤلاء بذلك، لأن أكثرهم ربما لا يستطيع أن يعارض الرغبة الأمريكية.
وفي التفاصيل، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا: إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن صرّح علانية أن واشنطن والناتو لديهما دوافع لتدمير خطَّي أنابيب الغاز “السيل الشمالي 1 و2”.
وأضافت زاخاروفا في منشور: “تحدّث بلينكن بصراحة ودون حرج عن دوافع الولايات المتحدة وشركائها في الناتو لتدمير خطي أنابيب الغاز الروسي السيل الشمالي 1 والسيل الشمالي 2”.
واستذكرت زاخاروفا كيف تحدّث بلينكن، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزيرة الخارجية الكندية، ميلاني جولي، عن التقدم المحرز في إنتاج الغاز المسال في الولايات المتحدة، الذي تخطط واشنطن لاستبدال الوقود الأزرق الروسي في أوروبا به.
وتابعت قائلة (بسخرية): “في النهاية، هذه فرصة كبيرة. إنها فرصة للتخلص من الاعتماد على الطاقة الروسية مرة واحدة وإلى الأبد. هذا مهم جداً ويفتح فرصاً استراتيجية ضخمة (لأمريكا) للسنوات القادمة”.
ولفتت زاخاروفا إلى أن وزير الخارجية بلينكن صرّح أيضاً عن إمكانية حرمان موسكو من الدخل من بيع موارد الطاقة.
كذلك نفت زاخاروفا مزاعم بلينكن بأن روسيا تستخدم الطاقة كسلاح، منوهة بأن موسكو ظلت تزوّد الدول الأوروبية بالغاز منذ نصف قرن.
من جهته، صرّح نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، بأن بلاده عازمة على اكتشاف المسؤول عن تخريب خطوط أنابيب “السيل الشمالي”، مشيراً إلى كل من الولايات المتحدة وأوكرانيا وبولندا.
وأشار نوفاك خلال مقابلة له على قناة “روسيا 1” في برنامج “موسكو الكرملين بوتين”، إلى أن إصلاح خطوط غاز “نورد ستريم 1 و2” تقنياً ممكن، إلا أن ذلك سيتطلب الكثير من الوقت والمال، ونوه بشكل أولي بأن روسيا ترى أن الولايات المتحدة وأوكرانيا وبولندا كانت معنية بتخريب خطوط أنابيب “السيل الشمالي”.
وقال: إن هذه البلدان أعربت سابقاً عن أن “هذه البنية التحتية لن تعمل، وسوف يفعلون كل شيء من أجل هذا”، مؤكداً أن مثل هذه الحوادث لم تقع من قبل وهي تحتاج إلى دراسة جدية.
إلى ذلك، ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية نقلاً عن المركز الأوروبي للأرصاد الجوية أن أوروبا ستواجه شتاء أكثر برودة هذا العام وسط أزمة الطاقة العالمية، حيث يتوقّع الراصدون الجويون انخفاضاً في هطول الأمطار وسرعة الرياح المستخدمة في توليد الطاقة.
وأكدت الصحيفة أن مثل هذه التوقعات تمثل مشكلة محتملة لسلطات عدد من الدول الأوروبية التي تضطر إلى مكافحة ارتفاع أسعار الطاقة في ظل رفض هذه الدول للهيدروكربونات الروسية.
وقد ساء هذا الوضع بسبب ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف الماضي، حيث انخفضت كمية الطاقة التي تولّدها محطات التوليد التي تعتمد على طاقتي الرياح والمياه في إنتاج الطاقة.
من جانب آخر دعت المفوضية الأوروبية دول الاتحاد الأوروبي إلى الاستعداد بشكل استباقي للوقف الكامل لإمدادات الغاز الروسي ووضع خطة لخفض استهلاك الغاز من جميع دول المجتمع بنسبة 15٪ خلال الفترة الممتدة من 1 آب 2022 إلى 31 آذار 2023.