الأصوات تتعالى حول تجنّب الانخراط المباشر في الحرب مع روسيا
عواصم – تقارير:
مع ازدياد القلق الغربي من انهيار اقتصادي وشيك يجعل الدول الغربية عاجزة عن تقديم دعم جديد للنظام الأوكراني أو الدخول في عقوبات جديدة ضد موسكو تأتي بنتائج عكسية على اقتصاداتها، وفي ظل الاقتراب الكبير من الدخول في صراع مباشر مع روسيا من حلف شمال الأطلسي على خلفية انخراطه في الحرب فعلياً بشكل غير معلن، وخاصة بعد تفجير أنابيب السيل الشمالي وإعلان عواصم الناتو المتكرّر عن الاستمرار في دعم النظام في كييف عسكرياً لهزيمة روسيا، فضلاً عن الدعم القائم فعلاً في مجالات التجسّس والمعلومات، بدأت الأصوات في الغرب، وخاصة في واشنطن، تتعالى حول التحذير من الاستمرار في هذه السياسة التي ستجرّ حلف شمال الأطلسي إلى مواجهة مباشرة مع روسيا، وأنه لا يمكن البقاء حتى النهاية في المنطقة الرمادية.
فقد قال المستشار السابق في البنتاغون، العقيد المتقاعد دوغلاس ماكغريغور: إن تصريحات الإدارة الأمريكية بأن واشنطن ليست متورّطة في تخريب أنابيب السيل الشمالي تتعارض مع المنطق ولا تفيدها.
وقال ماكغريغور: إن “ادّعاءات إدارة الرئيس جو بايدن بعدم التورّط غير منطقية بالنظر إلى التصريحات السابقة والطريقة التي تحرّكت بها الإدارة الأمريكية”.
وأكد أن الولايات المتحدة تستفيد من تخريب أنابيب الغاز الروسي، لأن ذلك يزيد من اعتماد أوروبا على الطاقة الأمريكية.
وأشار على وجه الخصوص إلى مثال الاقتصاد الألماني، الذي تبيّن أنه بات أكثر اعتماداً على الولايات المتحدة على المدى القصير.
وقال المستشار السابق: “هذا مهم لأنه يُظهر التلاعب، ومن المستفيد من تدمير خط أنابيب الغاز”.
ويقول مسؤولون أمريكيون: إن “التخريب المتعمّد” تسبب في انفجار خط الأنابيب الذي يصدّر الغاز الروسي إلى أوروبا، ونفوا أي تورّط أمريكي في هذا التخريب.
من جانبها أكدت روسيا أن دولة ما تقف وراء عملية التخريب التي تعرّضت لها أنابيب السيل الشمالي لنقل الغاز الروسي.
بدوره، قال ريتشارد بلاك، السيناتور السابق من ولاية فرجينيا الأمريكية: إن واشنطن في الواقع مشاركة في الصراع في أوكرانيا، على الرغم من حقيقة أن الأمريكيين أنفسهم لا يريدون المشاركة في الحرب.
وأضاف السيناتور لوكالة “نوفوستي”: “الشعب الأمريكي لا يريد أن يتورّط بشكل مباشر في الحرب هناك.. لكن هناك صناعة عسكرية، شركات تحقق أرباحاً ضخمة منها، ثم هناك عولمة، أسمّيهم أولاد دافوس.. هم لا يهمّهم الأمريكيين أو الأوروبيين أو الروس أو الأوكرانيين، فكل ما يهمّهم هو السلطة والمال”.
وتابع قائلاً: “لا يريد شعب الولايات المتحدة أن يكون جزءاً من هذا، لكنني أعتقد، كما تعلم، أن هناك صقور حرب في كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. أعتقد أن الرئيس الأمريكي موجود في ذلك المعسكر”.
وحسب تقديره، فإن من يسمّون “الصقور” يريدون الاقتراب قدر الإمكان من الحرب، دون الاضطرار إلى الاعتراف للأمريكيين بأن البلاد في حالة حرب بالفعل.
وأضاف: “أعتقد أنه من المعقول تماماً أن الناس في روسيا، بعد رؤيتهم كل هذا، يمكن أن يستنتجوا أن الولايات المتحدة مشاركة في الحرب”.
وتعليقاً على ما نشرته وسائل الإعلام الأمريكية من أن وزارة الدفاع الأمريكية، وفقاً للمصادر، تستعدّ لنشر مركز قيادة في ألمانيا لضبط وإدارة إجراءات دعم أوكرانيا من السلطات الأمريكية وحلفائها في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، قال: “إنهم يحاولون البقاء في المنطقة الرمادية حيث لا يعلنون الحرب رسمياً”.
ولم يستبعد الخبير أن تطوّر الوضع يمكن أن يؤدّي إلى صراع مباشر بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.
غير أن السيناتور السابق لفت، وحسب رأيه، إلى أنه “من مصلحة الطرفين، كل من روسيا وأوكرانيا، ومن مصلحة الناتو أيضاً، إنهاء كل هذا”.
ودعا السيناتور، من بين أمور أخرى، إلى “وقف التدخل في التجارة بين روسيا وأوروبا”.
من جانبها، أفادت صحيفة “شبيغل” الألمانية نقلاً عن الخبير في مجال التجسّس والاستخبارات، غريغ أوستن، بأن الولايات المتحدة تراقب تحرّكات ومواقع الجيش الروسي وتمرّر هذه المعلومات إلى أوكرانيا.
ووفقاً للخبير، فإن الولايات المتحدة تتجنّب التدخل العسكري المباشر في الصراع، لكنها تساعد كييف في المعلومات الاستخبارية.
وقال أوستن: “أنا متأكد من أنه يجري تبادل الكثير من المعلومات. ولا شك في أن الولايات المتحدة تراقب المواقع الروسية بتفصيل كبير وتنقل هذه البيانات بانتظام إلى أوكرانيا”.
كذلك أكد أن دول البلطيق وبولندا وبريطانيا تقدّم معلومات سرية إلى كييف.