“رجال الأعمال” جزء من المشكلة
معن الغادري
المؤكد أن غياب قطاع رجال الأعمال عن المشهد الاقتصادي، وحضوره في المناسبات فقط، يشي بوجود خلل كبير، يحلو للبعض أن يحيله إلى القوانين والتشريعات التي قد لا تتوافق مع المتغيرات والمتبدلات اليومية، أو لعامل الثقة المفقود بين طرفي المعادلة. ويعزو بعض رجال المال أسباب ترددهم في خوض أي مغامرة استثمارية جدية، إلى العقم الحاصل في آليات التعاطي الحكومي مع متطلبات النهوض والتنمية، والتي أدت بالنتيجة إلى الفوضى القائمة في التخطيط والتنفيذ، وتراجع مؤشرات الانتاج والنمو في مختلف ميادين العمل، ما أعطى المبرر لهم بإدارة الظهر للأزمة، والتنصل من واجباتهم ومهامهم، والبحث عن أقصر الطرق وأسهلها لتحقيق مكاسب مالية إضافية، وعلى مبدأ “يا دار ما دخلك شر”.. و”الباب يلي بيجي منه الريح سده واستريح”، وبمعنى أدق “عصفور باليد أحسن من عشرة على الشجرة”.
هذا يؤكد أن قطاع رجال الأعمال، والذي نما وازدهر وتضخمت ثرواته خلال سنوات الرخاء التي سبقت الحرب الإرهابية، يعتبر جزءاً من المشكلة القائمة حالياً، بل هو أساس المشكلة، بالنظر إلى طبيعة تعاطيه غير المسؤول مع مفرزات وتداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد نتيجة الحصار المفروض على الشعب السوري، وتنصل البعض، بل الكثيرين، من مسؤولياتهم الوطنية الملقاة على عاتقهم، وتهريب أموالهم إلى خارج البلاد، وهو ما أفرغ العلاقة والشراكة المفترضة مع الحكومة والفريق الاقتصادي من مضمونها ومفهومها الاستراتيجي والحيوي، ما يستدعي إعادة النظر بهذه العلاقة والشراكة المنقوصة، وإعطائها الحافز الحقيقي ليكون دورها أكثر فاعلية وتأثيراً لرفع منسوب الانتاج والقيمة الشرائية لليرة السورية، وذلك من خلال إقامة مشاريع حيوية واستراتيجية، واتخاذ المزيد من الإجراءات الشجاعة والداعمة للاقتصاد الوطني.
وهنا، بالتأكيد، لا نقلل من أهمية بعض المبادرات، ولكن ما نراه هو أن الحاجة تبدو أكثر من ملحة، لتدخل ومشاركة أكبر من قطاع رجال الأعمال، وعلى نحو يعيد التوازن والاستقرار للعملية الانتاجية، لا أن يقتصر دور هذا القطاع، الذي ينضوي تحت لواء غرفتي الصناعة والتجارة، بإقامة الندوات والدورات والمحاضرات ومهرجانات ومعارض التسوق في المواسم والمناسبات، والتي لا تقدم ولا تؤخر، وغالباً ما يكون ظاهرها خيري ومضمونها ربحي ونفعي.
نكرر القول بأن قطاع رجال الأعمال جزء من المشكلة، وتقع عليه مسؤوليات كبيرة وجسيمة ليصبح جزءاً من الحل وليس العكس، والمطلوب منه، في هذه المرحلة الحساسة والمفصلية، أن يكون أكثر إيجابية وانفتاحاً وشجاعة لدعم العمل الوطني، وبما يسهم في تحصين اقتصادنا من أي اهتزازات واختلاجات مستجدة.