عبد الله شيخ خميس: المسرح عشقي الذي أحلّق فيه
مروان حويجة
يتفرّد الفنّان الممثل عبد الله شيخ خميس بروح عاشقة للحياة بكلّ طقوسها وتجليّاتها وتقلباتها، لأنّه يرى في هذه الحياة مسرحاً يتجلّى فيه دور الإنسان بكل وضوح وواقعية.
وفي لقاء مع “البعث”، قال الفنان عبد الله شيخ خميس: الحياة مسرح كبير وكلّ إنسان في هذه الحياة بطل مسرحيته، يأخذ من الشارع والناس ما يريد ويحاكي الواقع والناس والمجتمع ويعكسه على مسرحه، هنا يكمن نجاح الفن بكلّ أشكاله من مسرح ودراما وسينما وغيرها، لأن كلّ فنون الحياة مأخوذة من هذا المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان، هي قصص وحكايا منها تراجيدي ومنها كوميدي.
الكوميديا فنّ راقٍ وأصعب بكثير من الاجتماعي أو الدراما العادية وحتى التاريخية والفانتازيا، وإذا كان من السهل أن تُبكي أياً كان، ولكن من الصعب جداً أن تضحكه، ومنه فإنّ الكوميديا أصعب من غيرها وقد أحببت هذا الفن كثيراً ووجدتُ نفسي فيه، سواء مسرحياً أم تلفزيونياً أم سينمائياً، وأُحبّ بشكل أكبر الكوميديا السوداء التي تنبثق من عمق المجتمع.
وبيّن شيخ خميس أنّ الفنّان ليس محدوداً بعمل فنّي بعينه، لكن أحياناً قد يأتي عمل مميز مهمّ يحاكي الواقع والمستقبل مثل “ضيعة ضايعة” فيأخذ تميّزه من هذه المحاكاة، فالدراما كفنّ هي واقع نعيشه أو نتخيله بشكل طبيعي مألوف من نظرة تعاين تفاصيل الحياة والحالات الكثيرة فيها على اختلاف تلّونها، هناك سعادة وأيضاً هناك شقاء، وهناك مساحات واسعة تتباين ألوانها الزاهية والداكنة مع الظروف التي نعيشها، ومن هذه كلها تتشكّل الدراما، إذ يمكن لي على سبيل المثال أن أكون الفنّان الذي هو إنسان يعايش ظروفاً صعبة رغم بريق الشهرة كأي إنسان في المجتمع، وأستطيع أن أعبّر عن هذا الواقع من خلال كوميديا سوداء وبكلمة تصنع الضحكة على وجه المشاهد رغم الظروف، وهنا يكمن دور الفنّان، ويتجلى دور الدراما كفنّ إبداعي راقٍ في تصوير الواقع برؤية فنيّة تنبثق من صميم الواقع لأنّ حياتنا كلها دراما.
وعن صناعة النجوم أوضح أنّه لا يمكن صناعة نجم من دون مال ودعم ومنتج، والكلّ يعرف هذه الحقيقة، وقال: قد يكون لدى شخص ما موهبة خارقة إلّا أنّه غير معروف على الساحة الفنيّة رغم أنّه أجدر من كثيرين وصلوا إلى النجومية من أوسع الأبواب، ففي اللاذقية -بصراحة تامة- هناك فنّانون نجوم كبار ولكن لم يأخذوا دورهم الذي يوازي مستواهم المميّز لأنهم لم يحصلوا على الدعم كغيرهم، وهناك إجحاف بحق الكثير من الفنانين كما في محافظة اللاذقية، وإن لم يكن هناك دعم حقيقي فلن يحققوا أية نتيجة. ويؤكد شيح خميس على مقولته التي يؤمن بها: لايزال الوقت مبكراً، وهناك حاجة مستمرة للتعلّم من الحياة، وعليّ كفنان أن أتعلم ولا أتوقف عن التعلّم مهما بلغت من العمر.
وأوضح أنّه وجد نفسه في المسرح أكثر من غيره من الفنون، ويحلّق عالياً ويعيش أبهى حالاته في المسرح رغم أنّ عملاً درامياً قد يصل بالفنّان إلى النجومية، إلّا أن المسرح يتفرد بحالة التفاعل مع الجمهور الذي يتلقف الأداء والحالة، وهو الذي يعطي ردّة الفعل عن الفنّان، فإمّا أن يتلقف حالة إبداعه وإما أن يتخطى متابعته إذا لم ينشّد إليه، لكنّ المسرح عشقه الذي بدأ فيه منذ الستينات ويعتز بعمله المسرحي الثرّ الذي يتخطى ٦٥ عملاً مسرحياً في مهرجانات محلية وعربية وعالمية منذ العام ١٩٦٥ وانطلاقة مسيرته في المهرجانات الطلابية والمدرسية في ستينيات القرن الماضي.
وعمّا تقدّمه الإقامة الذهبية للفنان أوضح أنها تفتح مجالاً للذهاب والإياب وأقرب ما تكون إلى الاعتراف به كفنان وتفتح آفاقاً أوسع وهذا مهمّ جداً، لكنها لا تعطي قيمة إضافية للفنّان، وقال: أنا فنّان معروف ومعترف بي على المستوى العربي والاغترابي، وبالتالي الإقامة تمنح الفنّان مجالاً أكثر من غيره.
ويأمل الفنان شيخ خميس أن تحمل قادمات الأيام عودة أكبر وأقوى لحبّ الوطن وتعزيز المحبة والخير، وأن يعمل الجميع بصدق ومحبة وبروح واحدة لأجل الفنّ وليس لأجل المادة.
وعن رأيه وإحساسه بحادث غرق القارب، وهو الفنان ابن البحر واللاذقية توجّه بالرحمة لكلّ من قضى في الحادث، والشفاء العاجل للمصابين والعودة السريعة للمفقودين سالمين. وأضاف: الوطن غالٍ، وكلنا نبحث عن الأفضل ونطمح نحو الأفضل، ولكن الوعي مطلوب وضروري بشكل كبير لتفادي ما حصل وبهذه الأعداد الكبيرة التي شاهدناها وتألمنا منها كثيراً، ولكن نقول هذا قضاء الله وقدره.
وعن البحر ودلالته أوضح أنّ البحر ملاك ومصدر خير، وليس غدّاراً، ومنه تخرج الخيرات والثمار والكنوز، وهو الفنّان الذي اشتغل على أعمال فنيّة كثيرة تناولت البحر بكل ملامحه ومعالمه ودلالاته، وإيحاءاته المستمدة من طبيعة البحر والشاطئ والصيد والمراكب وحكايات الصيادين وغيرها من مكونات ومفردات.