رهينة التجار!!
غسان فطوم
يبدو أن ذخيرة وزارة التحارة الداخلية وحماية المستهلك قد نفدت، فيما يتعلق بمحاولاتها المتعثرة، والتي لم “تظبط” يوماً، بالسيطرة على الأسعار.. وهنا ثمة سؤال يطرحه المواطن: طالما الجهات المعنية قادرة على ضبط سعر الصرف الرسمي وتثبيته رغم تقلباته في السوق الموازية، فلماذا فشلت في ضبط الأسعار؟
للأسف، تشير الوقائع اليومية لحركة الأسواق إلى أن الجولات الاستعراضية وتسطير الضبوط وإطلاق الوعود لن يجدي نفعاً أو يضع حداً لغليان الأسعار، والمتابع لحال الأسواق يلاحظ أن ارتفاعها المخيف والمرهق لجيب المواطن بدأ منذ بداية العام 2021، وما زال الغليان مستمراً، بعد أن فشلت كل محاولات تبريده، حيث لم تسلم أية مادة من الرفع، سواء كانت مدعومة أو غير مدعومة. وما يزيد الطين بلة أن دخل المواطن الموظف بقي غير قادر على امتصاص فورات الأسعار، فخارت قوى “الراتب” وسقط أرضاً، ما انعكس جحيماً على المواطن بسبب تدهور مستوى المعيشة!! ومكمن الخطورة هنا، برأي خبراء الاقتصاد، أن الارتفاع الجنوني للأسعار وضعف القدرة الشرائية للمواطن أدى إلى انحسار الطبقة الوسطى التي يمكن أن تختفي إذا ما استمر الوضع المعيشي والاقتصادي على هذه الحالة المفتوحة على كل الاحتمالات غير السارة!
وبعيداً عن البكاء على أطلال الطبقة الوسطى، مؤسف أن تبقى الأسعار رهينة يتحكم بمصيرها تجار لا هم لهم غير تنمية ثرواتهم، يرفعونها متى يشاؤون بحجة ارتفاع تكاليف استيراد المواد، ولكن هناك سلعا منتجة محلياً، فلماذا يطالها الارتفاع؟ اليوم، لم يعد مقبولاً أن ينام المستهلك ويصحو في كل يوم على سعر جديد، وعلى الجهات صاحبة العلاقة أن تعي، بعد تجاربها الفاشلة، أن ضبط أسعار السلع لا يتحقق بقرارات وبضبوط خلبية باتت مكشوفة للجميع، فالسوق يحتاج لتنوع في المنتجات بأسعار مختلفة يختار منها المستهلك ما يناسبه، والسوق يحتاج لمنافسة شريفة بين المنتجين والمستوردين.. وصحيح أن للتجار فنونهم في تجاوز شروط المنافسة الشريفة، كالتلاعب بالعرض والطلب والرشوة وغير ذلك من أساليب، لكن عندما يكون هناك رقابة فاعلة تضرب بيد من حديد كل التجار، وليس قلة منهم، فمن المؤكد أن لا أحد يجرؤ على التفكير برفع الأسعار، فهل من المعجزات أم المستحيلات توفر مثل هذه الرقابة الصارمة؟!