بعد حصار الاحتلال “شعفاط وعناتا”.. الإضراب يعمّ الضفّة والمقاومة تتوعّد
الأرض المحتلة – تقارير:
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي سياستها الوحشية في فرض الحصار على عدد من مدن الضفة الغربية، التي نفّذت المقاومة الفلسطينية فيها عمليات بطولية أدّت إلى مقتل وجرح عدد من جنود الاحتلال، فبعد أربع أيام على حصار الاحتلال مخيم شعفاط وبلدة عناتا شمال القدس المحتلة في أعقاب عملية إطلاق نار على حاجز قرب المخيم أسفر عن مقتل مجنّدة إسرائيلية وإصابة حارس أمن بجروح وُصفت بالخطيرة، قام جيش الاحتلال بفرض حصار على مدينة نابلس غداة مقتل أحد جنوده غرب المدينة في عملية لمجموعة تطلق على نفسها اسم “عرين الأسود” التي توعّدت جيش الاحتلال ومستوطنيه في حال استمرار انتهاكاتهم ضد الفلسطينيين.
وفي تحدٍّ لسلطات الاحتلال وإجراءاتها القمعية تجاه المدن الثائرة، عمّ الإضراب الذي دعت إليه القوى والفصائل الوطنية الفلسطينية وشمل مناحي الحياة الاقتصادية والتعليمية، مخيم شعفاط وعناتا وباقي أحياء وبلدات القدس، حيث أغلقت المدارس والمحال التجارية أبوابها، وساندت باقي مدن ومخيمات وبلدات وقرى الضفة الغربية بمؤسساتها وجامعاتها ومدارسها وفعالياتها الاقتصادية مخيم شعفاط وعناتا بإعلان الإضراب الشامل وسط دعوات لتنفيذ وقفاتٍ للتنديد بجرائم الاحتلال والمطالبة برفع الحصار.
وفي الأثناء، قمع جيش الاحتلال شبّاناً نفذوا اعتصاماً على مداخل المخيم احتجاجاً على الإغلاق، وأطلقت قواته قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المعتصمين الذين هتفوا بشعارات مندّدة بالحصار المفروض على المخيم وبلدة عناتا المجاورة.
وتحاصر قوات الاحتلال 150 ألف فلسطيني في مخيم شعفاط وبلدة عناتا، وتنفذ حملات مداهمة واعتقال واسعة فيها وتمنع الفلسطينيين من الدخول أو الخروج بمن فيهم المرضى والمصابون، إضافة إلى منعها دخول المواد الغذائية والأدوية، منذ مساء السبت الماضي.
وبالتزامن مع هذا الحصار الوحشي للاحتلال، استشهد فلسطيني متأثراً بجراحه الخطيرة التي أصيب بها برصاص قوات الاحتلال، خلال مواجهات اندلعت في مخيم العروب شمال الخليل، حيث أطلق جنود الاحتلال الرصاص الحي وقنابل الغاز السام المسيل للدموع صوب المواطنين خلال المواجهات، ما أدّى إلى إصابة شاب بالرصاص الحي في البطن، وتم نقله إلى أحد المراكز الطبية القريبة، حيث وصفت إصابته بالخطيرة، قبل أن يُعلن عن استشهاده لاحقاً. كذلك أصيب طفل بالرصاص في قدمه والعشرات بحالات اختناق بالغاز السام، خلال اعتداء قوات الاحتلال على منطقتي الظهر وصافا في بلدة بيت أمّر شمال الخليل، بينما اقتحم عشرات المستوطنين الإسرائيليين وسط مدينة الخليل، بحراسة مشدّدة من قوات الاحتلال التي انتشرت وسط المدينة وأغلقت الشوارع، وعزّزت وجودها العسكري، ومنعت حركة الفلسطينيين فيها واعتدت عليهم بالرصاص وقنابل الغاز السام ثم اعتقلت شاباً، بينما اقتحم 776 مستوطناً المسجد الأقصى في وقت سابق اليوم من جهة باب المغاربة، ونفّذوا جولاتٍ استفزازية في باحاته بحماية قوات الاحتلال التي اعتقلت اثنين من حراس المسجد.
في سياق متصل، اندلعت مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك عقب اقتحام الأخيرة حي عين اللوزة في سلوان، وإطلاقها قنابل الغاز المسيل للدموع في المكان، كما اندلعت مواجهات في بلدة الرام، شمالي القدس المحتلة، وأطلق جنود الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع، وقنابل الصوت، صوب الشبان، خلال المواجهات التي اندلعت في البلدة.
جاء ذلك في وقت شهدت فيه مدينة البيرة إصابة فلسطينيين اثنين في الكتف والبطن، أحدهما إصابته خطيرة برصاص قوات الاحتلال خلال اعتدائها على الفلسطينيين عند المدخل الشمالي للمدينة، وفي جنين أعاقت قوات الاحتلال حركة الفلسطينيين في عدة مناطق في المدينة، حيث نصبت حواجزها العسكرية عند مفرق بلدة عرابة وسيلة الظهر، جنوباً، وأوقفت المركبات وفتشتها، كما عزّزت وجودها العسكري في محيط بلدات وقرى يعبد، وكفيرت، وعرابة، ومركة، ونصبت حاجزاً آخر قرب سيلة الظهر الواصلة مع نابلس ما تسبّب بأزمة مرورية خانقة.
وكان أصيب عشرات الفلسطينيين في وقت سابق نتيجة اعتداء قوات الاحتلال عليهم عند المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم، وفي قرية بيت ليد شرق مدينة طولكرم نكلت قوات الاحتلال المتمركزة على أحد حواجزها عند مدخل القرية بطبيب فلسطيني بعد إنزاله من مركبته ما أدّى إلى إصابته بجروح ورضوض، كما اعتقلت عشرة فلسطينيين بينهم أطفال في مناطق متفرقة بالضفة الغربية.
وبالعودة إلى نابلس، أغلقت قوات الاحتلال اليوم المداخل المؤدّية إلى المدينة وشدّدت إجراءاتها العسكرية في محيطها.
وتسبّب الإغلاق بعرقلة حركة مرور الفلسطينيين وإعلان عدد من المدارس والجامعات تعليق الدوام، بينما شلّت أسواق المدينة وأغلقت المحال التجارية أبوابها.
وكانت مجموعة “عرين الأسود” الفلسطينية التي تتخذ من نابلس مقرّاً لها توعّدت جيش الاحتلال بأنها تتابع تحرّكات جنوده ونقاطهم سواء على الطرق الالتفافية أم على الحواجز أو على التلال المُحيطة في مدينة نابلس، ووجّهت رسالتها لسلطات الاحتلال، وقالت: “نحن نراكم نرصدكم نستدرجكم من حيث لا تعلمون ولقد توارد لمسامعنا أن الاحتلال يتحدّى المقاومة في نابلس وأنه سيدخل المستوطنين للصلاة في المنطقة الشرقية”، وأضافت: “إنه إذا كان هذا الخبر صحيحاً فقد يكون الاحتلال قد حكم على عدد كبير من المستوطنين بالإعدام وجرّهم إلى مذبح انتخابي ليسقط لابيد بعد كم الخسارة التي ستحدث في أرواح جنوده ومستوطنيه”.
سياسياً، قالت الفصائل الوطنية الفلسطينية: إنّ “فرض الاحتلال الحصار على مخيم شعفاط هو أحد مظاهر العدوان المستمر على أهلنا في القدس”، وأضافت الفصائل: “لأهل القدس إنكم لستم وحدكم وندعو جماهيرنا في كل مكان للزحف لكسر الحصار عن مخيم شعفاط”، مشيرةً إلى أنّ “الاحتلال سيفشل في كسر إرادة شعبنا وندعو المؤسسات الدولية والحقوقية للقيام بدورها لوقف إجرام الاحتلال بحق مخيم شعفاط”.
من جهتها، طالبت وزارة شؤون القدس المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لرفع الحصار الذي يفرضه على مخيم شعفاط وبلدة عناتا، ووقف جريمة العقاب الجماعي التي يقترفها بحق الفلسطينيين فيهما منذ أربعة أيام.
وأوضحت الوزارة في بيان، أن الوضع الخطير جداً على الأرض يطول قرابة 150 ألف فلسطيني في مخيم شعفاط وعناتا، ما يستدعي التحرك الفوري والسريع لوقف هذه الجريمة الإسرائيلية التي ترقى إلى مستوى جريمة حرب تصيب جميع مناحي الحياة، بما فيها العملية التعليمية والتجارية والصحية، مبيّنةً أن قوات الاحتلال منعت مئات المرضى بمن فيهم مرضى الكلى والقلب من الوصول إلى المراكز الطبية لتلقي العلاج، كما منعت مئات الفلسطينيين منذ مساء السبت الماضي من العودة إلى منازلهم في الأحياء المقدسية المحاصرة.
وأشارت، إلى أن الحصار الإسرائيلي المشدّد يترافق مع اقتحامات همجية لمنازل الفلسطينيين وسط إطلاق قنابل الغاز السام والقنابل الصوتية وحملات اعتقال واسعة.
من جانبها، أصدرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بياناً، دعت فيه إلى “المواجهة الشاملة مع الاحتلال والمستوطنين، والوقوف والتلاحم ونصرة مخيم شعفاط، الذي يتعرّض منذ عدة أيام إلى حصار واعتداء واقتحام وحملة تنكيل واعتقال ما دفع بأهالي المخيم وقواه ومؤسساته إلى إعلان العصيان المدني ضد الاحتلال”.
من جهته، أكّد حزب الشعب الفلسطيني، أن “كفاح شعبنا المتصاعد في مواجهة الاحتلال وقطعان المستوطنين يتطلب توفير الحاضنة السياسية وتكثيف المقاومة الشعبية وتعميمها لقطع الطريق على محاولة الاستفراد بمخيم شعفاط وغيره من المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية”.