ماذا يجري في اتحاد كرة القدم؟ … رياضتنا تعيش زمن الفوضى الإدارية وسوء الإدارة والتنظيم
البعث الأسبوعية-ناصر النجار
يتداول الشارع الكروي الكثير من الأمور التي تشير إلى انقسام داخل أروقة الفيحاء واختلاف متعدد الأوجه في الرأي، وبدأت هذه الأصوات تعلو لتتحدث عن أمور أكثر وأكبر سواء كان هذا الحديث يواكب الحقيقة أم إنه يساند المصالح الخاصة.
والملاحظ أن الكثير من الناس خلف مواقعها الفيسبوكية باتت تنتظر أي قرار لا يعجبها على الصعيد الشخصي لتظهر سوء العمل وسلبياته.
وربما الناظم لكل ما سبق هو المكتب الإعلامي الذي عليه أن يجيب على كل تساؤلات الجمهور المحقة، ومنها ما يخص المنتجات الوطنية وما يتعلق بالطريقة التي يتم تعيين الكوادر الخاصة بالمنتخبات الوطنية، ومنها أيضاً العقوبة التي فرضت بحق أحد مدربينا من الاتحاد العربي، ومنها وأهمها قرارات لجنة الانضباط وما تثير من تساؤلات عند البعض، ومنها أخيراً قرار عودة الجزيرة إلى الدوري الممتاز والملابسات التي حصلت والأسباب التي أدت إلى هذه العودة الحميدة.
كل هذه الأمور بحاجة إلى توضيح وإلى حرفية في العمل، وما نعرفه تماماً أن المكتب الإعلامي يضم العديد من الزملاء، والمفترض أن يمارس هذا المكتب دوره في تبيان الحقائق لا أن يقتصر دوره على نشر الأخبار المقتضبة عن نتائج المنتخبات ومباريات الدوري فقط.
وعلى ما يبدو أن الخلاف في الرأي اقتحم المكتب الإعلامي وهناك منافسات بين الزملاء وصلت إلى حد الانقسام ولو بشكل خفي.
ويقال إن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، وهذا الخلاف محمود عندما يصب الرأي في المصلحة العامة، لكن عندما يصب في المصالح الخاصة فإنه لن يكون الرأي الحكيم وسيزيد في الانقسام والتشرذم داخل قبة الفيحاء.
المشكلة تكمن في رأيين متناقضين دائماً يسيطران على المشهد الكروي في كل زمان ومكان ومع كل اتحاد كروي، ولنا في ذلك أمثلة عديدة.
فأحد أعضاء لجنة الحكام أقام الدنيا ولم يقعدها لأن ابنه لم يتم ترشيحه على اللائحة الدولية، والترشيحات تجري وفق نقاط ويتم التصويت عليها من كل الضالعين بأمور التحكيم في لجنة الحكام وما يتبع لها وعددهم يفوق العشرة أعضاء.
قد تكون اللجنة مخطئة في قرارها وقد تكون على صواب في هذا القرار، لكن حتماً فإن العضو الذي يعترض ويشعل مواقع الفيس بوك على خطأ لأنه ينتصر لقضية شخصية، ولو أن الحكم الذي لم يترشح لا يمت إليه بقرابة أو صلة ما كان ثار ولا أشعل مواقع التواصل الاجتماعي.
قضية مدربي المنتخبات أكثر القضايا جدلاً، والمشكلة أن المسوقين لها كثر، والمستفيدين منها أكثر، والهجوم على التشكيلات ينبع من المصالح الخاصة، أولها: إن كل المدربين العاطلين عن العمل في الوقت الحالي يرون أنهم أحق بالانضمام إلى كوادر المنتخبات، وثانيها: إن البعض ممن له حظوة في الاتحاد الرياضي العام وفي مواقع التواصل يحاول النيل من القرارات والإساءة للمدربين الحاليين من أجل تمرير من يحبون من أقربائهم ومن يلوذون بهم ليكونوا في هذه المواقع، وهنا تبدو المصالح الشخصية واضحة وضوح الشمس، لتأتي بعدها استقالة عضوين من لجنة المنتخبات على مبدأ (زوبعة في فنجان) والاستقالتان تدلان على قصور في المعرفة وذلك للأسباب الآتية: أولها أنه مع تعاقد اتحاد كرة القدم مع المدربين الهولنديين صرح رئيس اتحاد كرة القدم أمام الجميع بقوله: إن هذين المدربين سيستلمان المنتخبات الوطنية الأربعة (أولمبي- شباب- ناشئين- أشبال) وعندما يصبح المنتخب الأولمبي في عمر الرجال سيواصل المدربون عملهم مع المنتخب نفسه.
وثانيها: حسب العقد المبرم مع المدربين الهولنديين وهو متعارف عليه في كل دول العالم أنهما من سيختاران الجهاز الفني المساعد لهما في كل المنتخبات التي سيقودونها، لذلك وجدنا أحدهما غيّر جهاز منتخب الناشئين بأكمله بعد العودة من كأس العرب باستثناء مدرب واحد حاز على التقييم الجيد.
من هنا نعلم أن العملية ليست تجاوزاً للجنة المنتخبات إنما هي إثارة إعلامية مرتبطة بمصالح ضيقة.
الخطأ هنا ليس بكيفية تعيين الكوادر الفنية للمنتخبات إنما بآلية تعيين الكوادر الأخرى في هذه المنتخبات والتي تبدأ من المشرف وصولاً إلى مسؤولي التجهيزات وهذه الأسماء يتم تعيينها حسب المجاملات والمصالح الخاصة باتحاد كرة القدم والمتنفذين فيه.
المشكلة الأكبر التي نجدها في اتحاد كرة القدم موجودة بالانقسام الظاهر والواضح حول لجنة الأخلاق والانضباط، وقد حسبها البعض أنها لجنة عادية يمكن أن تنفذ طلبات من يريد من أعضاء الاتحاد أو غيرهم لذلك نجد أن اللجنة يُمارس عليها ضغط متواصل وبشكل يومي من بعض أعضاء الاتحاد ومن بعض الموظفين ويجندون لأجل ذلك بعض الأقلام الفيسبوكية أملاً بالوصول إلى أهدافهم.
والحقيقة أن كل هؤلاء تضررت مصالحهم لأنهم كانوا يديرون الدوري كما يشاؤون وتشاء مصالحهم مع الفرق وغيرهم من الكوادر واللاعبين والمتنفذين، لذلك وجدنا محاولات التدخل المباشر في عمل هذه اللجنة وممارسة الضغط عليها بشكل دائم دون أن تفلح مساعي هؤلاء في ثني اللجنة عن قراراتها لأنها تعمل وفق القانون ولا تحابي أحداً.
والمصالح الشخصية الضيقة نجدها في لجنة المسابقات من خلال تعيين المراقبين ومن في حكمهم بغض النظر عن الكفاءة والمقدرة، والمقياس هنا ليس إتباع الدورات وحضور الندوات بقدر ما يقوم به المراقب من تنفيذ المهام بشكل عملي في المباريات، وعلمنا أن ثلاثة مراقبين وجهت لهم الإنذارات والعقوبات من اتحاد كرة القدم، وهناك الكثير من التجاوزات التي لا حصر لها تخرج من لجنة المسابقات وتبقى كلمة السر عندها، وهذا الأمر بحاجة إلى بحث طويل.
وأمام هذه الأمثلة السريعة نجد أن اتحاد كرة القدم ينقسم بين الصقور والحمائم، الصقور الذين يريدون ضبط كل مسائل كرة القدم ووضعها على الطريق الصحيح، والحمائم الذين يبحثون عن مراضاة هذا وذاك من الفرق والكوادر وغيرهم لأن ذلك ينسجم مع مصالحهم الآنية والمستقبلية وللأسف نجد أن كل فريق له مناصروه من أعضاء اللجان والموظفين، كذلك نجد العديد من أعضاء الاتحاد وأعضاء اللجان والكثير من الموظفين تابعون لبعض الأندية وكأن مهامهم في الاتحاد تقتضي تسيير أمور هذه الأندية وحمايتها من أي قرار مفاجئ.
أمام هذا المشهد الضبابي فإن المفترض باتحاد كرة القدم وقد مضى على وجوده في قبة الفيحاء أربعة أشهر أن يعيد ترتيب أوراقه من خلال إجراء تقييم شامل على كل لجانه ومدى فاعليتها وفاعلية أعضائها، وتقييم مماثل للموظفين ومستوى أدائهم.
والتقييم يجب أن يشمل المنتجات الوطنية أيضاً على صعيد الكوادر بما يتناسب مع الحاجة والمصلحة الوطنية التي تفترض وجود الشخص المناسب في المكان المناسب، ولا ننكر أن هناك أشخاصاً عالة على المنتخب والمنتخب أكبر منهم بكثير، ولا يخفى على أحد وجود أشخاص في المنتخب جاؤوا بضغط خارجي عبر الوساطات التي ما زالت تنخر في جسد رياضتنا.
وهذه الحالة وما يماثلها من حالات لا تقتصر على كرة القدم وحدها فما زالت رياضتنا تعيش زمن الفوضى الإدارية وسوء الإدارة والتنظيم، وهذان الأمران عالقان بجسد رياضتنا، فلا تجد مؤسسة صغيرة ولا كبيرة إلا وهي مملوءة بالخرق والاختراق وتعاني من الترهل الإداري، وهذا كله يعيق العمل الرياضي ويقضي على كل أمل بالتقدم ولو خطوة واحدة.
وهذه الفوضى للأسف موجودة بكل المؤسسات الرياضية مهما كان حجمها وعظمت مسؤولياتها، ومن النتائج المباشرة لهذه الفوضى عدم الاستقرار في هذه المؤسسات لذلك نجد أن الاستقالات والإقالات تسير على قدم وساق، فلا الأندية تعيش حالة استقرار ولا الاتحادات الرياضية تنعم بدفء الكراسي التي تجلس عليها، وكثرة التغيير والتبديل في الإدارات يجمد العمل ويوقف النشاط لأن العادة المقيتة التي بنيت عليها رياضتنا تدفع الجدد ليبدؤوا من الصفر وينسفوا عمل من كان قبلهم من باب الفهم والمفاضلة على الآخرين.
فاتحاد كرة السلة في الوقت الحالي دخل مرحلة الفوضى أكثر من ذي قبل بعد أن تقدم رئيس الاتحاد وأمين سره باستقالتهما وللأسف لا ندري ماهيتها الحقيقية وإن كان الشارع السلوي يتحدث عن عدة أسباب لا ندري صدقها من عدمه.
التفاعل مع الاستقالة كان سلبياً، وهذا يجمد النشاط السلوي، والمفترض أن تكون الإجراءات المترافقة للاستقالة فورية وعاجلة، حتى لا يعيش هذا الاتحاد في فراغ، فإما أن تقبل الاستقالة وإما ترفض ليستمر اتحاد اللعبة في عمله وبرامجه، ومثل اتحاد السلة تعيش باقي الاتحادات وقليل من الاتحادات تنعم بالاستقرار.
والمشكلة الأكبر نجدها في الأندية التي تعاني بشكل دائم من التغيير، والكثير من الأندية تغيرت إداراتها أكثر من مرتين في العام الواحد وهذا معطل لعمل الأندية لأن العمل أكبر وأوسع فيها من الاتحادات الرياضية.
مساوئ التغيير الدائم فيه الكثير من الثغرات والعقبات، ومنها أنها تساهم بهجرة الكثير من الكوادر وتبعدهم عن الرياضة، وكما نجد في الوقت الحالي أن أغلب إدارات أنديتنا وخصوصاً الكبيرة منها لا تضم الكفاءات الرياضيين، ومع دخول رجال الأعمال وأصحاب المال والمتنفذين إلى الأندية صار الرياضيون غرباء في هذه الأندية، لكن السهم القاتل للرياضة هو ما يسمى باللجان المؤقتة التي تدير المؤسسات الرياضية، وهذه اللجان حسب المفهوم العام تأتي لملء شاغر، حتى لا تكون الاتحادات أو الأندية شاغرة، والوقت الذي تمضيه هذه اللجان قد يكون طويلاً لأنه يمتد من ثلاثة أشهر إلى ستة، وبالتالي نكون أضعنا موسماً كاملاً دون أي جدوى، وعلى ما يبدو أن الوقت في رياضتنا لا يعنينا بشيء.
القانون الرياضي يعتمد في الإدارات سواء على مستوى الأندية أو الاتحادات الرياضية على الانتخاب، لكننا تجاهلنا هذا القانون واعتمدنا التبديل والتعديل لأنه يتناسب مع مصالحنا!