بعد تفجير جسر القرم … هل تعلن روسيا رسمياً أن أوكرانيا دولة إرهابية؟
البعث الأسبوعية-هيفاء علي
تعرض جسر القرم الإستراتيجي إلى هجوم إرهابي في 8 تشرين الأول الجاري، أدى إلى تدمير جزء كبير منه، وسرعان ما تناقلت وسائل الإعلام الأوكرانية النبأ بسعادة بالغة ترافقت مع احتفال العديد من المسؤولين الأوكرانيين بالأخبار، مما لا يدع مجال للشك بضلوع سلطات كييف في هذا الهجوم.
في ذلك الصباح المشؤوم، كانت السيارات والشاحنات تعبر الجسر بكثافة عندما انفجرت إحدى الشاحنات ما أدى الى سقوط جزء من الجسر، وسقطت معه الشاحنة المفخخة مع السائق الانتحاري، فيما اندلعت النيرات في عربات قطار كان يمر في ذلك الوقت. رغم ذلك، لم يكن الجسر الصالح للملاحة متضرراً، وبالتالي يمكن أن تستمر حركة المرور البحرية في العمل في مضيق كيرتش، وبالفعل استأنفت حركة السكك الحديدية على جسر شبه جزيرة القرم، وكذلك عبور المركبات على الطريق لا يزال سليماً.
بالتأكيد يجب تحديد مخططي ورعاة الهجوم الإرهابي على جسر القرم، حيث من وجهة النظر هذه، يبدو من الواضح أن سلطات أوكرانيا تقف وراء هذا الهجوم الإرهابي، وأكبر دليل على ذلك هو قيام أحد مستشاري الرئيس الأوكراني بنشر صورة للجسر الذي تضرر، وغرد على تويتر قائلاً: “بداية يجب تدمير كل شيء، يجب إعادة كل شيء إلى أوكرانيا، ويجب طرد كل ما تشغله روسيا.”. كما كتبت وزارة الدفاع الأوكرانية تغريدة أشادت فيها بتدمير جسر القرم غير آبهة بموت الأبرياء في هذا الهجوم الإرهابي، بل كل ما يعنيها تحريض العالم ضد روسيا وإيهامه بمسؤوليتها عن تدمير الجسر.
في ضوء العدد الكبير من المرات التي هددت فيها السلطات الأوكرانية بمهاجمة جسر القرم، فإنه ليس من الصعب فهم من هم على الأقل رعاة هذا الهجوم الإرهابي، ففي تموز2022، قال أليكسي أريس وفيتش، مستشار زيلنسكي، بوضوح أن الجيش الأوكراني سيضرب جسر القرم بمجرد أن تتاح له الفرصة ،وعندما يكون ذلك ممكناً من الناحية الفنية. وأضاف في مقابلة مع موقع “بوليتيكا أون لاين” إنه يتعين عليهم اختيار اللحظة التي سيتسبب فيها تدمير الجسر بأكبر قدر من الأضرار لروسيا.
ليس هذا فحسب، فهناك مؤشر آخر يكمن في تصريح وزير الخارجية الإستوني، أورماس رينسالو، الذي هنأ أوكرانيا علناً على عملية ضرب جسر القرم قائلاً: “من المؤكد أن إستونيا مسرورة وتهنئ وحدات العمليات الخاصة الأوكرانية، والتي هي بالتأكيد من نفذت هذه العملية”. ومن ثم جاء التأكيد من صحيفة “واشنطن بوست” التي أشارت بدورها إلى أن أحد المسؤولين في كييف أكد أن الخدمات السرية الأوكرانية كانت وراء الهجوم على الجسر، فيما كان موقع الأخبار “أوكرنسكا برافدا” أول من قام بالحديث عن دور السلطات الاوكرانية ممثلة بجهاز الاستخبارات في تنفيذ الهجوم.
وفيما يتعلق باستخدام الشاحنة المفخخة لتنفيذ الهجوم، يلفت المراقبون إلى أن أوكرانيا عملت على استقطاب وتجنيد الإرهابيين الذين قاتلوا الى جانب التنظيمات الارهابية في سورية بعد استقطابهم من كافة أرجاء العالم، وكذلك الإرهابيين القادمين من الشيشان بعدما قامت الاستخبارات الأوكرانية بتقديم جوازات السفر الأوكرانية لهم بحيث يمكنهم الدخول إلى الاتحاد الأوروبي بدون تأشيرة. لذلك، ليس من المستغرب أن تستخدم أوكرانيا نفس الأساليب الإرهابية التي استخدمها الارهابيون في سورية. زيادة على ذلك، تتصرف أوكرانيا لسنوات خلت كدولة إرهابية، حيث اغتالت العديد من القادة الروس، وليس آخرها إغتيال داريا دوجينا.
وعليه، يرى المراقبون أنه حان الوقت لتعلن روسيا رسمياً أن أوكرانيا هي دولة إرهابية، وأن تعاملها على هذا النحو، وتكف عن معاملتها كدولة يسكنها شعب يعتبره الروس أخ لهم. وكذلك من الضروري أيضاً النظر في احتمال ضلوع بلدان آخرى من دول الناتو التي دعمت وقادت الإرهابيين في سورية قد ساعدت أوكرانيا على تنفيذ هذا الهجوم الإرهابي على جسر القرم، والذي يهدف بالدرجة الأولى إلى استفزاز روسيا وإلحاق الأضرار باقتصادها. كما حان الوقت لموسكو لتحويل العملية العسكرية الخاصة رسمياً إلى عملية مكافحة الإرهاب، وإعطاء الوسائل اللازمة للقضاء على الإرهاب دون أن تتحول إلى رد فعل عاطفي ومفرط وهو الهدف المطلوب من هذا الهجوم الإرهابي، أي دفع روسيا إلى الخطأ.
عقب الهجوم، تم الإعلان عن تعيين الجنرال سيرغي سوروفيكين كقائد في العملية العسكرية الخاصة، وهو متخصص في التنسيق بين السلاح، وشارك بالحرب الشيشانية الثانية، وقاد العمليات ضد التنظيمات الإرهابية في سورية في عام 2017، وهي العملية التي حصل عليها على وسام “نجم البطل “من الاتحاد الروسي، وبالتالي هو خير من يقود عملية مكافحة الإرهاب ضد أوكرانيا. وبحسب محللين روس، من المرجح أن ينضم إليه جنرال آخر شارك في الشيشان، هو رمضان قادرووف الذي أعلن أن هناك 70،000 مقاتل شيشاني تطوعوا للعمل في مجال العملية العسكرية الخاصة، بالإضافة إلى 10،000 الموجودين بالفعل. ذلك أن المقاتلين الشيشان هم أولئك الذين لديهم أعظم خبرة في مكافحة الإرهاب، وبالتالي من الضروري استخدام هذه القوى ذات الخبرة قدر الإمكان. كما أنه من الضرورة بمكان برأي المحللين الروس، تعزيز الأمن في جميع أنحاء الأراضي الروسية، مع الأخذ في عين الاعتبار أن البلد بأكمله تواجه تهديداً إرهابياً خطيراً.
وأخيراً، يجب اعتبار دول الناتو دولاً تدعم الإرهاب بنشاط، ومعاملتها على هذا النحو، لأن الدبلوماسية والصبر لا فائدة مع مثل هذه البلدان التي تعمل وفقاً لعلاقات ومصالح واشنطن، لذلك من الضروري جعلهم يدفعون ثمناً باهظاً لدعمهم للإرهاب الأوكراني.