بوتين: العالم اليوم متعدّد الأقطاب ويجب إعادة النظر في المنظومة المالية العالمية
أستانا – سانا:
عالم متعدّد الأقطاب.. هذه هي العبارة التي تثير حنق الغرب بمنظوماته كافة السياسية والاقتصادية والعسكرية، وهي العبارة التي لا تزال إلى الآن هاجس الغرب الوحيد في عدائه لكل من الصين وروسيا وإيران، وغيرها من القوى الصاعدة على المستوى العالمي، وخاصة فيما يسمّى العالم الثالث الجهة الأولى المستفيدة من سقوط هيمنة القطب الواحد على العالم، ولذلك يجد مثل هذا المؤتمر، وغيره من المؤتمرات الداعية إلى إلغاء الهيمنة الغربية وخاصة الأمريكية على مقدّرات الشعوب، تأييداً واضحاً من شعوب هذه البلدان.
فقد أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن العالم بات اليوم متعدّد الأقطاب، وآسيا تلعب الدور الرئيسي في النظام الجديد، مشدّداً على ضرورة إعادة النظر في المنظومة المالية العالمية بما يحافظ على السيادة المالية للدول.
وقال بوتين خلال كلمة اليوم في القمة السادسة لمؤتمر “التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا” المنعقد في العاصمة الكازاخية أستانا: إن العالم يشهد اليوم تغيّراتٍ في السياسة والاقتصاد وبات متعدّد الأقطاب، وآسيا تلعب دوراً مهمّاً إن لم يكن الأهم في النظام الجديد، فدولها هي قاطرة الاقتصاد، مضيفاً: إن روسيا تدافع وتساهم بفعالية في تعزيز التنمية في آسيا، وحريصة على تعميق التعاون في مختلف المجالات.
وشدّد بوتين على ضرورة إعادة النظر في المنظومة المالية العالمية التي سمحت لعشرات السنوات لما يسمّى (المليار الذهبي) بالسيطرة على التقنيات وسبل العيش على حساب الآخرين، لافتاً إلى ضرورة استخدام العملات الوطنية في التعاملات التجارية، لأنه يعزّز السيادة المالية للدول، وإلى ضرورة التعاون أيضاً، لتسوية الأزمات والنزاعات ومكافحة الإرهاب.
وبيّن بوتين أن موسكو تفعل كل ما بوسعها لتشكيل نظام أمن متساوٍ وغير قابل للتجزئة على أساس القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وخاصة في ظل التحديات التي يواجهها العالم بسبب التذبذب في أسعار موارد النفط والغذاء وازدياد مخاطر الجوع، وخاصة في الدول الفقيرة، مؤكداً أن روسيا تبذل قصارى جهدها لتأمين الموارد الرئيسية للدول المحتاجة، وتدعو إلى إزالة جميع الحواجز التي تعيق توريد هذه الموارد لحل مشكلات الأمن الغذائي.
وقال بوتين: “إن الوجود العسكري للولايات المتحدة وحلف الناتو الذي استمر 20 عاماً في أفغانستان هو الذي قوّض الأمن في المنطقة”، معتبراً أن فشل سياساتهما أظهر أنهما غير قادرين على حل المشكلات المرتبطة بالتهديدات الإرهابية بشكل مستقل.
من جهته أشار الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى أن العالم يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى دور أكثر فاعلية للآليات الإقليمية، مؤكداً أن بلاده ستكون شريكاً ثابتاً في السعي المستمر لتوسيع السلام والأمن على أساس الدبلوماسية، وتعزيز التعددية القائمة على العدالة.
وأوضح رئيسي أن انتشار الإرهاب في البلدان الآسيوية المختلفة، إضافة إلى توسع حلف الناتو يقوّض الأمن في المنطقة، لافتاً إلى أن الإرهاب الاقتصادي هو التهديد الشامل الذي يتطلب تعاوناً مستمرّاً لمكافحته.
وأشار رئيسي إلى أن الشعب الإيراني أسقط مخططات واشنطن وحلفائها الذين لجؤوا إلى سياسة زعزعة الاستقرار الفاشلة بعد فشلهما في خياري التهديد العسكري والعقوبات، مشدّداً على أن مسار التحوّل في النظام الدولي بلغ مرحلة خاصة، وأن نهج التسلّط مرفوض ولا أحد يستطيع اليوم تجاهل دور الدول المستقلة.
من جانبه اقترح رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف تحويل القمة الحالية لـ(مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا) إلى منصة عمل دائمة، وقال: “أقترح تحويل قمة مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا إلى منصة عمل دائمة من أجل تنشيط التعاون بين الدول الأعضاء، وخاصة في المجال المالي”.
وأعرب توكاييف عن ثقته بأن تحويل القمة سيساعد في استئناف الاقتصادات والتنمية الثابتة والشاملة، وإنشاء ظروف ملائمة للتعاون المالي الإقليمي في إطار المؤتمر.