أخبارصحيفة البعث

فرنسا مثالاً على التخبّط الأوروبي في معالجة الأزمة

تقرير إخباري:

تحصد الدول الأوروبية تداعيات قراراتها الانفعالية التي اتخذتها وما زالت في مواجهة ملف الوقود الذي يعدّ الأهم بالنسبة لها، وخاصة أنه أثر في قطاعات كثيرة وكبيرة، وبات يؤثر في الحياة المعيشية للمواطنين الأوروبيين ويثير لديهم مخاوف مرتبطة بفصل الشتاء، وبالنسبة لفرنسا التي ادّعت القوّة وقدرتها على مواجهة التحدّيات التي تمر بها الآن، لم يعُد بإمكانها إخفاء الاضطرابات التي بدأت تنتشر في قطاعاتها، وكان آخرها دعوة اتحاد نقابات العمال الفرنسي إلى استمرار الإضراب وتوسيعه ليطول كل قطاعات الطاقة في البلاد، حيث أعلن فيليب مارتينيز زعيم أكبر نقابة عمالية، تقديم شكوى ضدّ إجراءات إجبار العمال على إنهاء الإضراب، بعدما أجبر، أمس الأربعاء، 4 من موظفي أحد مستودعات الوقود على الالتحاق بالعمل للسماح بتشغيل المستودع.

وعلى خلفية تلك الإضرابات، اضطرّت الحكومة الفرنسية إلى مطالبة عمال خزانات الوقود المضربين في فرع إكسون موبيل الفرنسي “إيسو” بالعودة إلى العمل.

هذه الاضطرابات المختلفة التي تعيشها فرنسا تحمل مؤشراتٍ عديدة حول ما يمكن أن يحدث خلال المرحلة المقبلة من أزمات كبيرة لا يمكن تطويقها بقوة القانون، فقد قال المتحدث باسم الحكومة أوليفييه فيران: إن “هذا الوضع لا يطاق بالنسبة للفرنسيين”، متعهّداً بإيجاد حل للوضع المتأزم في البلاد خلال الأيام المقبلة.

البحث عن الحلول وإيجاد البدائل لأزمة الوقود لم يعودا مُجديين في ظل تعنّت الحكومة الفرنسية في مواجهتها، بالإضافة إلى التصريحات الغريبة التي يكرّرها متحدّثون ومحللون فرنسيون من أنهم قادرون على المواجهة، وأن ما يحدث من اضطرابات في ملف الوقود سيمرّ مرور الكرام.

فالمؤشرات جميعها تؤكد أن فرنسا تعيش على وقع شلل شبه كلّي نتيجة استمرار إغلاق محطات الوقود، وزيادة أعداد طوابير السيارات، حتى أصبح أفراد الشرطة الفرنسية يشاركون في تنظيم “الطوابير”، كما تشهد البلاد إضراباتٍ في مصافي التكرير ومستودعات الوقود، منذ أسابيع، بدعوة من النقابات العمالية التي تطالب بزيادة أجور العمال.

ولابد لنا أن نتساءل حول ما يحدث في الشارع الأوروبي من انتقادات ومعارضة شديدة للقرارات والإجراءات المتخذة حول مواجهة ملف الوقود الذي لم يعُد يحتمل فرصة جديدة لاستيعاب الأزمة الحاصلة، إذ إن الحكومات الأوروبية صارت تتعامل مع النتائج بدلاً من التعمّق في أصل الأزمة التي تتلخّص في سياسات الاتحاد الأوروبي الاقتصادية الفاشلة، وليس أوّلها العقوبات الاقتصادية الجائرة على روسيا، حتى لو كانت هذه العقوبات هي الشعرة التي قصمت ظهر البعير.

ميادة حسن