في سوق المرضى!
بشير فرزان
قد نقبل وبتحفظ أو كما يقال “على مضض ” بأن يتقاضى طبيب 20000 ل.س على كل زيارة يقوم بها لمعاينة مرضاه في بيوتهم ولكننا في الوقت نفسه نرفض باسم الضمير الإنساني والقانون وواقع حال الناس و تحت أي مسمى أن تصل كلفة المعاينة الطبية في العيادة إلى أكثر من 60ألف ليرة سورية وقد تصل إلى أكثر من ذلك بكثير تحت عنوان الخبرة والشهرة والشطارة والتي لاتستثنى هؤلاء من الوقوع في حالات ارتكاب الأخطاء الطبية التي تؤدي إلى مضاعفات كبيرة صحية ومادية على المريض أولاً وعلى أسرته ثانياً.
ولاشك في أن مانسمعه اليوم عن تضاعف الاستثمارات في سوق المرضى ورواج التجارة الطبية بشكل كبير بوجود من يؤمن ويعتقد بأن الظروف الحالية تعدفرصة سانحة لحصد الثروات وبوابة واسعة للاستثمار وطبعاً هذا الواقع ليس غريباً في حياة الحرب ولكن مايدعو للاستغراب أن يشرعن بعض الأطباء انجرارهم وانغماسهم التام في مشروع تخريب وتدمير القيم بكل معانيها من خلال انضمامهم غير السوي إلى قائمة المتاجرة بآلام الناس وتطويع إنسانية مهنتهم لخدمة جيوبهم التي تغذيها أوجاع المرضى الذين وأن تفهموا أسباب هذا الجشع وتقبلوا مستجداته إلا أنهم يرفضون استمرار هذا الحال فلم يعد بإمكانهم احتمال طريقة استغلالهم البشعة وتمادي البعض في استثمار مرضهم والإمعان في إدخال حياتهم دائرة المحن والكوارث الشاملة خاصة عندما يرفع الأطباء وبشكل كيفي ومخالف للتسعيرة المحددة من وزارة الصحة أسعار المعاينة لتتخطى كل الخطوط الحمراء في بورصة تجارية تعتمد لغة الرقم التصاعدي والربح الخيالي.
وكغيرها من الأسواق النشطة في اقتناص حاجة الناس تستوقفنا فيها العديد من الحالات الصحية التي نرصد من خلالها الكثير من المخالفات سواء من ناحية التسعيرة أو من ناحية الأخطاء الطبية التي تثير الغرابة وتدعونا لطرح ألف سؤال وسؤال وخاصة عندما نرى تفاقم ظاهرة التخلي عن القيم وأخلاقيات المهنة الإنسانية بطريقة فاضحة بالواقع الاستثماري الذي نقر بأنه ليس حالة جديدة سواء على الصعيد الفردي أو صعيد المؤسسات الطبية كالمشافي والمراكز الصحية الخاصة وهناك ألاف القصص التي تروي معاناة الناس نتيجة تسلل المفهوم التجاري للقطاع الصحي الذي يشهد مايمكن تسميته الحالة الانغماسية التجارية المسيطرة على عقلية الكثير من الأطباء تحت حجج ومبررات مختلفة.
أن مايحدث في القطاع الصحي من انتهاكات صريحة لقدسية المهنة الطبية وللعمق الإنساني الذي تمثله وتجسده يستدعي تكثيف الجهود وفرض حظر تجوال دائم على الحالات المخالفة المتنقلة من مشفى إلى أخر ومن عيادة إلى أخرى وتطبيق القانون بشكل صارم وهذا مايجب أن يكون في مقدمة أولويات النقابة ووزارة الصحة لمعالجة وضبط الأمور وإعادة التسعيرة الطبية إلى نصابها الصحيح المواكب للمستجدات المختلفة وللواقع المعيشي للناس .