ضمير إلكتروني..!
وائل علي
يبدو أن الثقة باتت مفقودة بالضمير الإنساني، ولا بدّ من التحول للضمير الإلكتروني لضبط تصرفاتنا وأفعالنا، فالضمير الإنساني يتأثر ويخضع للأهواء والنفس “الأمّارة بالسوء” في كثير من الأحيان والمطارح، بعكس الضمير الإلكتروني الذي لا يتحسّس ولا يشعر ولا يعرف كبيراً ولا صغيراً، ولا صاحباً ولا قريباً ولا بعيداً، ولا نفوذاً ولا سلطة ولا مسؤولاً، ولا مالاً ولا رشوة ولا واسطة… وها هي البطاقة الذكية تتمكن -وهذه حقيقة- بضميرها الإلكتروني “الحيّ”، بين ليلة وضحاها، من إطفاء التزاحم على محطات الوقود وصالات السورية للتجارة والمخابز والأفران للفوز بليترات من البنزين أو مازوت التدفئة أو حصة مقنن أو رغيف خبز التي عجز الضمير البشري “الميْت” عن التخلص من مظاهرها وظواهرها المُذِلّة رغم المحاولات والطرق وكلمات الـ”يا حبيبي ويا عيني” التي جرّبت، وحملات الضخ الإعلامي التوعوية التي شُنّت على كل المنصات والوسائل الإعلامية للتخفيف من غلوائها، لكن عبثاً!!.
وعلى هذا المنوال، ها هي مفاعيل تطبيق الـ GBS، وتتبع خطوط مسير سيارات السيرفيس “الحديثة التطبيق”، التي أطلقت قبل أيام على بعض خطوط مدينة دمشق تثمر وتؤتي أكلها بأسرع من البرق. ووفق تأكيدات مدير عام شركة محروقات أحمد الشمّاط فإن وفورات مادة المازوت ظهرت منذ اليوم الأول للـ GBS بستين ألف ليتر مازوت لترتفع بعد أيام قليلة إلى أكثر من مئة ألف ليتر، والحبل على الجرار سيكون بعد اكتمال تطبيق خدمة الـ GBS، والتتبع على باقي الخطوط والمحافظات… ماذا يعني هذا الكلام؟!.
ألا يعني أننا أمام أزمة ضمير إنسانية كبيرة، وأن الضمير الإلكتروني انتصر، وأننا أمام أكبر متاجرة فاجرة كانت تتمّ على العلن وفوق الطاولات؟!.
وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا نُسَرِّع الخطا نحو التحول الرقمي، فنبادر لتطبيق نظام الفوترة والضريبة والتسديد والبيع والحجز والتسعير الإلكتروني لكلّ مفاصل حياتنا وتنقلاتنا وأعمالنا وأشغالنا بشكل متتابع وعلى مراحل لحين اكتمال الجهود المنصبة نحو إنجاز مشروع الرقمنة المحدّد نهاية العقد الجاري؟. لعلّ خلاص عذاباتنا الحياتية يكون على يدي النيترونات والإلكترونات والضمائر الإلكترونية والروبوتات الآلية والحكومات الذكية بعد فشل وعجز بل موت الضمير الإنساني.
من نافلة القول أن نسأل بطبيعة الحال: هل ما سيتمّ تحقيقه من وفورات وإغلاق لصنابير و”حنفيات” الفساد والمتاجرة بقوت الناس والدعم الذي يجب أن يصل لمستحقيه سينعكس استقراراً ورخاءً ونعيماً ووفرةً؟ أم أنّ لكل قفل مفتاحاً حتى لو كان إلكترونياً ورقمياً؟.
ALFENEK1961@YAHOO.COM