دراساتصحيفة البعث

الكيل بمكيال الولايات المتحدة

ريا خوري

لم تتوقف الولايات المتحدة الأمريكية يوماً عن الكذب فيما يتعلّق بتحقيق الشرعية الدولية والقانون الدولي، وهي أكثر دولة في العالم انتهاكاً لهما. على الرغم من أن مفهومي الشرعية الدولية، والقانون الدولي، واضحان في التعريف والمضامين، إلا أنهما تحولا إلى مفهومين إشكاليين، وأصبحا عرضة للتفسيرات والتأويلات المتناقضة وفقاً لأهواء وسياسات بعض الدول ذات القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية، وبما يخدم مصالحها. ومع ذلك ما تزال الولايات المتحدة ومعها بعض دول الناتو تعطي دروساً للآخرين في الالتزام بهما، مثلهما مثل حقوق الإنسان التي حوّلتها الولايات المتحدة إلى عصا ضد كلّ من يعارض سياساتها ومصالحها.

في حقيقة الأمر إن مصطلح الشرعية الدولية يعني الالتزام التام بمجموعة المبادئ والقوانين والتشريعات الناظمة التي تحكم وتوجّه العلاقات الدولية من خلال منظمة هيئة الأمم المتحدة، وميثاقها والقرارات التي تصدر عنها باستمرار، وأي خروج على هذه القواعد وتلك الأسس فهو انتهاك للشرعية الدولية والقانون الدولي.

الجدير بالذكر أن القانون الدولي والشرعية الدولية هما مجموعة من القواعد والأسس القانونية التي تنظم العلاقات بين الدول، وخاصة ما يتعلق بسيادتها، واحترام حدودها واستقلالها والقوانين والمواثيق والمعاهدات الملزمة للعلاقات بين الدول.

من هنا فإن الولايات المتحدة عندما تتحدث عن الشرعية الدولية والقانون الدولي وحقوق الإنسان، فإنها تقدّم التفسير الخاص بها، وبما يخدم سياساتها ومصالحها الخاصة، وليس التزاماً بنصوص وروح أيّ منها.

هنا يمكن أن نراجع عشرات الشواهد التي انتهكت فيها الولايات المتحدة القانون الدولي والشرعية الدولية، وهي شواهد حيّة، ومنها على سبيل المثال، هل كان اعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يوم الخامس والعشرين من شهر آذار عام ٢٠١٩ بـ”سيادة” الكيان الصهيوني الكاملة على الجولان المحتل، هو قرار شرعي ويتوافق مع القانون الدولي، على الرغم من أن الشرعية الدولية الممثلة بالأمم المتحدة كانت قد أصدرت عشرات القرارات التي تدين الاحتلال الصهيوني  للجولان وتعتبره غير شرعي؟ هل اعتراف الرئيس ترامب في السادس من كانون الأول عام ٢٠١٧ بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني هو قرار شرعي، على الرغم من صدور عشرات القرارات الدولية التي تدعو إلى انسحاب الكيان الصهيوني منها والحفاظ على وضعها القانوني والديني والتراثي  والتاريخي؟.