في معرض الكتاب.. نزار بريك هنيدي يوقّع “هكذا تكلم جبران”
أمينة عباس
وقّع الشاعر نزار بريك هنيدي مساء أول أمس الجمعة كتابه “هكذا تكلم جبران”، وذلك في معرض الكتاب “جناح الهيئة العامة السورية للكتاب”، المقام حالياً في مكتبة الأسد الوطنية.
وبيَّن هنيدي في تصريح لـ “البعث” أن أعمال جبران خليل جبران من الأعمال الأدبية التي استطاعت أن تصمدَ في وجه الزمن وتنجح في امتحانه، فهي اليوم وبعد مرور أكثر من تسعين عاماً على وفاة مبدعها ما زالت تتصدّر قوائم الكتب الأكثر مبيعاً، وما زالت دورُ النشر تتسابق إلى إعادة إصدارها بطبعات شعبية أحياناً، وطبعات فاخرة أحياناً أخرى، مشيراً إلى أن أعمال جبران لم تتجاوز حدود الزمان فحسب بل تجاوزت حدودَ المكان أيضاً، فهي اليوم مقروءة في جميع بقاع الأرض بعد أن تمّت ترجمتُها إلى معظم لغات العالم للتأكيد على أن إبداع جبران ينتمي إلى الإبداع الأصيل الخالد الذي لا بدّ من الوقوف عنده وتقديمه للأجيال الجديدة ودراسته وفق أحدث المناهج الحديثة في النقد الأدبي والدراسات الفنية والفكرية، لذلك فإن المهمّة الملقاة اليوم على عاتق النقاد والباحثين والذين يدرسون أعمال جبران تخطّي مسألة إطلاق حكم القيمة عليها إلى ما هو أهمّ من ذلك بكثير، وهو محاولة سبر أغوار الأدب الجبراني للوقوف على الخصائص الأصيلة التي يتميّز بها، واستقراء العوامل التي جعلته قادراً على ملامسة الجوانب الأكثر أصالة وعمقاً وشفافيّة في الجوهر الإنساني.
نبي معاصر
على الرغم من الدراسات والأبحاث الكثيرة التي تناولت أدب جبران في اللغة العربية أو في العديد من لغات العالم والتي كتبها كبار النقاد والأدباء والباحثين، إلا أن هنيدي يؤمن أن هذه الأعمال ما زالت قابلة لإعادة القراءة والتفسير والتقويم وفق رؤانا المعاصرة وأذواقنا المتطورة ومناهجنا المتجدّدة، شأنها في ذلك شأن كلّ الأعمال الأدبية والفنية الخالدة في التاريخ البشري، فنحن برأيه ما زلنا نقرأ هوميروس ودانتي، ونتفاعل مع امرئ القيس والمتنبي وكأنهم يعيشون بيننا ويعبّرون عن همومنا وأذواقنا وتطلعاتنا، وهذا ما حاول نزار بريك هنيدي أن يفعله في كتاب “هكذا تكلم جبران”، موضحاً أن الدراسات التي تناولت أعمال جبران في الأدب العربي كانت في غالبيتها مأخوذة بسيرته الشخصية التي تصوّره نبياً معاصراً، فاقتصرت في كثير من الأحيان على سرد تفاصيل حياته دون النظر النقدي النصي في كتاباته الأدبية، في حين أن هناك الكثير من المسائل النقدية التي ما زالت تنتظر البحث في أدب جبران.
جبران نقيض نيتشه
وأشار هنيدي إلى أنه تطرّق في كتابه إلى العديد من المسائل التي حاول دراستها مثل: عوامل التكوين التي أسّست شخصية جبران الفكرية والأديبة والفنية، بما فيها التراث العربي والمؤثرات الفلسفية والأدبية العالمية، وبنية الأدب الجبراني التي تتألف من دوره الريادي في حركة الحداثة في الأدب، ودوره التأسيسي في قصيدة الحداثة والنثر بشكل خاص، وكذلك تأسيسه للقصة القصيرة جداً، بالإضافة إلى إعادة النظر في كتابه الأول “الموسيقا” وفي قصصه الأولى التي تفتقد مقومات القصة القصيرة برأي هنيدي لكنها تغتني بالرؤى الفكرية والفلسفية، مؤكداً في الكتاب أيضاً أن رواية “الأجنحة المتكسرة” ليست سيرة ذاتية لجبران كما شاع في الأدب العربي بل محاكاة من جبران لرواية “هيلويز الجديدة” لجان جاك روسو التي تُعتبر العمل المؤسّس للرواية الرومانسية، مبيناً رفضه لقراءة ميخائيل نعيمة ونسيب عريضة وعباس محمود العقاد وغيرهم لقصيدة “المواكب” وتقديم قراءة نصية جديدة لها في الشكل والمضمون وتأصيل المنظومة الفكرية والفلسفية لجبران ومتابعة المراحل التي تكوّنت فيها منذ عمله الأول حتى اكتمالها، وتقديم دراسة جديدة لكتاب “النبي” تقارن بين الترجمات المتعدّدة، وتبيّن أصالة فكرة النبوة عند جبران، وترفض الفكرة التي أشاعها ميخائيل نعيمة وما زالت مسيطرة على الدراسات الجبرانية والتي تقول إن جبران في “النبي” كان يقلد نيتشه ويتبع خطاه، في حين أن جبران كان برأي هنيدي نقيض نيتشه، وأن كتاب “النبي” هو المعاكس لكتاب “هكذا تكلم زرادشت”، لذلك سمّى الكتاب “هكذا تكلم جبران”، كما تجاوز هنيدي في هذا الكتاب كلّ القراءات السابقة الشائعة من خلال تقديم رؤية جديدة، مع طرح السؤال المسكوت عنه منذ أن عملت سكرتيرة جبران الشاعرة الأميركية يونغ على إصدار كتاب “حديقة النبي” بعد وفاة جبران وقولها إنها أضافت إليه نصوصاً سابقة لم تُنشر لجبران وأنها كتبت بنفسها فصولاً أخرى ليكتمل الكتاب، وقد بيّن هنيدي في كتابه الفصول الرئيسية التي كتبها جبران، والفصول القديمة المضافة، وكذلك الفصول التي كتبتها يونغ معتمداً على الرؤى الفكرية والملامح الأسلوبية.