وثيقة أمنية تستهدف الصين
ترجمة وإعداد: عائدة أسعد
حدّدت الولايات المتحدة الصين باعتبارها “التحدي الجيوسياسي الأكثر أهمية لأمريكا”، بينما أقرّت بضرورة التعاون في مواجهة التحديات المشتركة، وذلك ضمن خطة إستراتيجية الأمن القومي التي صدرت مؤخراً.
لقد أعلنت إدارة بايدن في الوثيقة المكونة من 48 صفحة أن حقبة ما بعد الحرب الباردة انتهت بالتأكيد، وأن الولايات المتحدة ستتجنّب النظر إلى العالم من منظور المنافسة الاستراتيجية فقط.
إن الاستراتيجية، التي صدرت بعد 21 شهراً من رئاسة جو بايدن، وقبل أقل من شهر من الانتخابات النصفية، مليئة بالحديث عن منافسة جارية بين القوى الكبرى لتشكيل ما سيأتي بعد ذلك، إضافة إلى أنها تصف الصراع القادم بأنه واحد من الأنظمة الاستبدادية مقابل الديمقراطيات.
ووفقاً للوثيقة، ستسعى واشنطن لتحقيق تقدّم من خلال القيام باستثمارات في الداخل، أو من خلال تعميق التعاون مع الدول الأخرى ذات التفكير المماثل.
كما تقدّم الوثيقة استراتيجية ثلاثية الأبعاد بالنسبة للصين التي تمّ تحديدها على أنها المنافس الوحيد بقصد إعادة تشكيل النظام الدولي وبقوتها المتزايدة، وهي: الاستثمار في القوة في الداخل، ومواءمة الجهود مع الحلفاء والشركاء، والتنافس.
في المقابل، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، إن الصين تعارض التمسّك بالحرب الباردة التي عفا عليها الزمن، وعقليات لعبة المحصل الصفري، كما أنها لا توافق على تضخيم الصراع الجيوسياسي، ومنافسة القوى العظمى، ودعت الولايات المتحدة للعمل مع الصين لاستعادة التنمية الصحية والمطردة للعلاقات الثنائية، وأن الصين والولايات المتحدة، باعتبارهما أكبر دولتين ناميتين ومتقدمتين تتحمّلان مسؤولية الحفاظ على السلام العالمي وتعزيز التنمية الاقتصادية.
كما أضافت ماو أن البلدين سيستفيدان من التعاون، ويخسران من المواجهة مع بعضهما البعض، وأنه يتعيّن على الولايات المتحدة التمسّك بمبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين.
وقد أشار غراهام ويبستر، الباحث في مركز ستانفورد للسياسة الإلكترونية، إلى أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين قد حدّد نهجاً ثلاثي الأبعاد تجاه الصين، وغرد على تويتر أن سياسة الولايات المتحدة التي قد تدّعي أنها تدور حول المنافسة مصمّمة بالفعل للتقييد، وحسب الاستراتيجية التي تحتوي قسماً بعنوان “التفوق على الصين وتقييد روسيا” في الجزء المتعلق بالأولويات العالمية، يعتبر التقييد في الوقت الحالي نهجاً اتبعته الولايات المتحدة للتعامل مع روسيا.
كما انتقد عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية، وانغ يي، مؤخراً نهج واشنطن في تحديد العلاقات الثنائية من خلال المنافسة الاستراتيجية، وقال في خطاب ألقاه في نيويورك في 22 أيلول الماضي: “هذا يجلب حالة من عدم اليقين لمستقبل شعوبنا والبلدان في جميع أنحاء العالم. إن الوثيقة تتماشى مع الخط الذي شدّد عليه بايدن في كثير من الأحيان. نحن لا نسعى إلى صراع أو حرب باردة جديدة”.
وحسب جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي لبايدن، فإن واشنطن لا تسعى إلى المنافسة للانقلاب إلى مواجهة أو حرب باردة جديدة، لكن وانغ شككك في مثل هذه التأكيدات بقوله: “كيف يمكن منع نشوب حرب باردة جديدة، في حين أن الولايات المتحدة تحدّد الصين باعتبارها المنافس الأساسي والأكثر خطورة على المدى الطويل”؟!.
وقد أشارت وسائل الإعلام الأمريكية إلى كيفية استهداف الاستراتيجية الجديدة للصين، وكيف أنها تعكس صدى إدارة ترامب التي أكدت عودة منافسة القوى العظمى. وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن صفحات استراتيجية بايدن تهدف إلى التركيز المستمر على الصين، كما أن الكثير من الاستراتيجية العسكرية الموضحة في الوثيقة تهدف إلى مواجهة الصين في الفضاء، والفضاء السيبراني، والبحر، وتدعو إلى العمل مع الحلفاء، والقطاع الخاص لمواجهة محاولات إضعاف التقدم التكنولوجي المشترك من خلال الحدّ من الاستثمارات الصينية وغيرها في الولايات المتحدة، والتحكّم بصادرات التقنيات الرئيسية إلى الصين.