الربط الالكتروني للفاتورة.. إصلاح ضريبي يواجه صعوبات متعددة تعيق التطبيق
دمشق – محمد العمر
يشق مشروع الربط الإلكتروني المالي للفاتورة الذي تقوم بتنفيذه الهيئة العامة للضرائب والرسوم اليوم طريقاً صعباً محفوفاً بتحديات وعوائق أمام كل المكلفين، إذ تعتبر وزارة المالية المشروع إذا ما تم تطبيقه إصلاحاً ضريبياً وتصحيحاً لأخطاء سابقة في التحصيل الضريبي، في وقت يتوجس المكلفون من غموض وعدم رؤية في آلية تطبيق عملية الربط خلال المرحلة المقبلة والتي ستكون بالنسبة لهم آلية جديدة بعيدة عن حسابات القلم والدفتر القديمة.
ولادة متعثرة..!
يخشى المكلفون اليوم كلا حسب قطاعه من غموض طريقة وصيغة آلية الربط الجديدة وعدم معرفتهم بإجراءاتها وقوانينها والنسب المحددة للضريبة، وآلية احتساب الضرائب على المبيعات، والأهم خشيتهم من عدم احتساب المرتجعات ومصاريفهم النثرية هنا وهناك مما يشكل عبئاً على فاتورتهم المنهكة ضريبياً بالأصل.
محمد الحلاق عضو في غرفة تجارة دمشق اعتبر أن الخطأ في الربط الالكتروني كان من بدايته، لافتاً إلى أنه كان يجب أن ينطلق من بداية العمل التجاري كفاتورة جمركية صحيحة منسقة مع كل الأطراف بالشأن الاقتصادي تحوي معايير ومفردات معينة وأرقام للمنتج محددة بشكل واضح وصريح يتم تداولها فيما بعد مع نفقاتها ومصاريفها المباشرة وغير المباشرة ضمن مبيعات ومشتريات سواء كانت صناعية أو تجارية أو غيرها، مؤكداً أن أعضاء غرفة التجارة وجدوا خلال جلسات وحوارات متعددة لهم أن هناك منعكسات سلبية للربط الالكتروني وهي ليست بمحمودة.
وبين الحلاق أن قطاع الأعمال محكوم اليوم بمرسوم رقم 8 لحماية المستهلك الذي يقيّد الآخرين بهوامش بيعية وربحية محددة لا يمكن لأحد تجاوزها، وإلا النتيجة ستكون السجن أو فرض غرامات مالية، في وقت تسعى المالية لزيادة أرقام العمل دون النظر للتكلفة، الأمر الذي يحرم الكثير من موضوع التنافسية والريادة بالمنتج والحصول على العلامة الفارقة، مشيراً الى أن المرسوم ٨ إيجابي لحماية المستهلك ومكافحة الغش والتدليس بالسوق، ولكن موضوع التسعير الملزم من التجارة الداخلية يشكل عملاً مقلقاً في قطاع التجارة ويتبلور هذا العائق لدى الكثير في الرسوم الجمركية المتمثلة بفواتير لا تمثل الواقع الحالي بشيء، في وقت يجب أن تكون الفواتير صحيحة ومرتبطة ومنسقة مع كل الجهات المختصة من وزارات التجارة الداخلية والاقتصاد والمالية والصناعة إضافة إلى المصرف المركزي من خلال وضع رؤية واضحة المعايير للفواتير.
عكازة المهل..!
يبدوا أن وزارة المالية باتت تعلم جيداً أن مهمتها بتطبيق الربط الإلكتروني ليست بالسهلة، فعلى الرغم من أنها كانت متحمسة في تنفيذه لتوسيع مطارحها الضريبية، إلا أنها تعثرت بالواقع الملموس وردة الفعل، مواجهة موجة من الانتقادات والاحتجاجات الواسعة في قطاع التجارة والاعمال وغيره، وحالة جدل أثيرت وما تزال تثار في كافة القطاعات إلى الآن حول عدد من المسائل المتشابكة والمعقدة، فما كان من وزارة المالية إلا إعطاء المنشآت الصناعية والتجارية والخدمية وقطاع الأعمال المهل اللازمة حتى العام القادم لاستكمال تنفيذ إجراءات الربط كمرحلة اختبار تجريبية ثم يصار لتطبيقه بعد استكمال التجهيزات التقنية والفنية الأخرى.
بدوره ياسر كريم عضو غرفة تجارة دمشق لم يخف قوله لنا من أن تطبيق برنامج الربط الإلكتروني للفاتورة في هذا الوقت هو صعب للغاية كون مشاكله التقنية تطغى عليه والتي لم تستكمل بعد، موضحاً أنه نظام عالمي متميز في التحول الرقمي وتحقيق العدالة الضريبية دون أي تدخل بشري، لكن برأيه حتى يكون البرنامج ناجحاً يجب أن تكون خطوات تطبيقه واضحة وشفافة وتحتسب به التكاليف الحقيقية والمصاريف كأجور السفر والنقل والعمالة والكهرباء والتلف ونفقات أخرى، كل ذلك حتى لا يتكبد المستهلك هذه التكاليف، مطالباً بوجود تنسيق بين مؤسسات التجارة الداخلية والمالية والجمارك في التسعير ووضع أرقام حقيقية للتكاليف المدفوعة.
ويعتبر محمد مارديني وهو تاجر جملة، أن المكلفين على مختلف أصنافهم لازالوا غير مهيأين بعد لهذه الآلية الجديدة، فهناك ضعف بالبنى التحتية للاتصالات وشبكة الإنترنيت ناهيك عن تذبذب وعدم استقرار الأسواق من ناحية سعر الصرف مما يكون له تأثيرات كبيرة على التكاليف.
الصناعي مازن دعبول أكد أن هناك خوف من منعكاسات تطبيق الربط الإلكتروني الذي لم تنضج آلية تطبيقه بعد، مشيراً إلى أنه تم إمهال الصناعيين في تتفيذه لفترة أخرى، ليتسنى لهم تفعيل برامجهم المحاسبية المعتمدة من قبل الهيئة الضريبية، وحسب قوله: لا زال هناك الكثير من العوائق كالتسعير وهوامش الربح المفروضة وقبول الدوائر المالية بكل النفقات والمصاريف، ناهيك عن مشاكل تقنية بالتوصيلات والربط بين المنشآت والمدن الصناعية، ويتفق الصناعي سامر السالم مع غيره من أن وزارة المالية تمدد المهل اللازمة لتهيئة البنى التحتية للربط الالكتروني وتلافي الثغرات، لافتاً إلى أن ما يهم المكلفين بشكل أساسي هو معالجة النفقات غير المباشرة التي ترهقهم.
وتذهب الهيئة العامة للضرائب والرسوم اليوم للدفاع عن مشروعها الذي بات إلزامياً لكل المكلفين على أنه المرتكز الأساسي الذي تنطلق منه لتحقيق العدالة الضريبية على الجميع، وهذا المشروع حسب قولها رغم أنه بوضع الاختبار ويخضع للمهل المؤجلة غير أنه واقع لن يتم التراجع عنه.