في اليوم الثاني لمؤتمر اللاجئين.. تعبيد طرق العودة بمقوّمات خدمية وبنك روسي سوري في القرم
دمشق – علي بلال قاسم – سانا:
يأخذ الاشتغال على تفاصيل البعد التنموي والخدمي في منظور الدولة السورية منحى استثمار الحدث المهم المتمثل بالاجتماع السوري الروسي المشترك لمتابعة المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين والمهجّرين السوريين، في نسخته الخامسة، في سياق يفضي إلى مخرجات قطاعية وتنفيذية تعبّد طريق العودة وتفرش كل الدروب بمقوّمات الحياة والبنى التحتية ومستلزمات الإنتاج التي طالما تشجّع وتدفع مَن غادر إلى أن يطمئنّ على استدامة الإنتاج والدخل وتأمين سبل العيش.
في رحلة استكشاف وتقفّي أثر يوميات جلسات العمل المشتركة والمباحثات السورية الروسية المقترنة بجولات ميدانية ونشاطات مع العديد من اللقاءات التي تتم في المحافظات والمترافقة بتوزيع مساعدات ومعدات لعدد من المؤسسات بمختلف القطاعات، وقّعت جامعة البعث اتفاقيتي تعاون علمي مشترك الأولى مع جامعة سانت بطرسبورغ الحكومية، والثانية مع معهد كوفالفسكي لبيولوجيا البحار في روسيا الاتحادية، وأقامت جامعة البعث بالتعاون مع جامعة موسكو الحكومية “ستانكين” الأولمبياد الثاني للغة الروسية، كذلك ناقش وفد روسي مع مديرين من وزارة الصحة آليات تعزيز التعاون الصحي بين سورية وروسيا، وزار وفد حكومة منطقة نيجني نوفغورود في روسيا الاتحادية مشفى تشرين الجامعي في اللاذقية.
من جهةٍ أخرى، ثمّة حرصٌ واضح على الخروج بنتائج قياسية ملموسة على الأرض، بدليل أنّ كثافة وعدد الجلسات الماراثونية بين مختلف ممثلي الوزارات والمؤسسات الروسية والسورية تعطي مؤشراتٍ على أنّ ما يعمل عليه الشركاء سيخدم العنوان العريض للمؤتمر الدولي بجهود ميدانية توطّنها الوزارات والمؤسسات لنكون أمام حقيقة أكدها المجتمعون أنّ “الإنجاز الاقتصادي والخدمي هو العامل رقم واحد في عودة اللاجئين في الداخل والخارج”.
في أجندة اليوم الثاني من النقاشات، كان للجانب الاقتصادي حصة ليست بالهيّنة بالتوازي مع مباحثات متعدّدة القطاعات، وكان لممثلي وزارات المالية والموارد المائية والزراعة والاتصالات والجمارك والرقابة المالية مع نظرائهم الروس رغبة واضحة في التعاون والتطوير في مجالات الإنتاج المحلي، في زمن كانت فيه المساعدات الروسية تفعل فعلها في مجال الطاقة الكهربائية والتربية، حيث سجّلت مدينة تدمر افتتاح مركز تطوير تعليمي، وفي اللاذقية هناك اشتغال على إقامة مدرسة روسية، بالتزامن مع جولة ميدانية في معلولا لتقديم مساعدات في مجال الطاقة الشمسية.
بنك روسي سوري
ويبدو أن ملامح التوافق والتشاور أعطت بشاراتٍ خرج بها كودرين سريغي نيكلايفيتش النائب الأول لممثل جمهورية القرم لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عندما أفصح عن إنشاء بنك روسي سوري في القرم يخدم التجارة البينية، ويؤمّن تدفق الشحن البحري وغيره، مع تفعيل البيت التجاري السوري الروسي، إذ أكد لـ “البعث” أن نقاشات شفافة أدّت إلى التوصل إلى نقاط تدعم استيراد المنتجات السورية مقابل تصدير المنتجات الروسية إلى سورية، متوقعاً أن تشهد المحال والمعارض والأسواق في روسيا كثيراً من السلع السورية في القريب العاجل، وكلها أعمال سيتم تنفيذها بناء على اتفاقية موقعة بين رئيسي الجمهورية العربية السورية وجمهورية القرم منذ عام 2020.
مباحثات لتطوير العلاقات التجارية بين سورية والقرم
وبحث وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عمرو سالم مع سيرغي غوردين الممثل الدائم للرئاسة القرمية في روسيا والوفد المرافق له، العلاقات التجارية بين سورية وجمهورية القرم، وسبل تطويرها، وتجاوز الصعوبات التي تواجهها، بما يدعم الاقتصاد الوطني لكلا البلدين.
ولفت الوزير سالم إلى أهمية العمل على النهوض بمستويات التبادل التجاري، ومناقشة مجالات التعاون عبر تبادل المنتجات وآلياته، وطبيعة المواد وتسهيل التعاملات المالية بين الجانبين.
بدوره غوردين أكّد سعي بلاده لتطوير الشراكة التجارية مع سورية، من خلال البيت التجاري السوري القرمي، قائلاً: لدينا إمكانيات لتصدير القمح إلى سورية، كما نسعى إلى تطوير عمليات التبادل من خلال المقايضة بالمنتجات السورية، كالحمضيات والتفاح وزيت الزيتون مقابل الدقيق والزيت النباتي والسكر والذرة العلفية، مشدداً على أن سمعة المنتجات السورية في عموم الاتحاد الروسي ممتازة، وتوجد رغبة كبيرة في تسهيل عمليات التبادل التجاري بين البلدين، بما يخدم مصلحة الشعبين الصديقين.
معاونة وزير خارجية دونيتسك: تعزيز العلاقات مع سورية بما يحقق مصالح البلدين
من جانبها معاونة وزير خارجية جمهورية دونيتسك الشعبية ناتاليا نيكونوروفا أكّدت أهمية تعزيز العلاقات مع سورية في المجالات كافة، وعلى مختلف المستويات بما يحقق مصالح شعبي البلدين الصديقين.
وأوضحت نيكونوروفا في مقابلة مع قناة السورية اليوم أنّ زيارتها الحالية إلى سورية على رأس وفد يضم وزيري الثقافة والزراعة وعدداً من المختصين هدفها تعزيز العلاقات الناشئة مع سورية وسبل تطويرها، ونسعى دوماً لتحقيق المصالح المشتركة لبلدينا اللذين يشتركان في الكثير من التطلعات.
وأكّدت أنّ سورية كانت ولاتزال وستبقى شريكاً أساسياً لبلادها تعتمد عليه، مشيرةً إلى أنّ جمهورية دونيتسك تسعى لإقامة تعاون وثيق مع سورية في المجالات الاقتصادية والصناعية والزراعية.
وفي سياق آخر أكّدت نيكونوروفا أنّ روسيا بدأت عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا للحفاظ على أمنها القومي، ولحماية سكان دونباس وهذه الحرب ليست فقط مع أوكرانيا بل مع حلف الناتو الذي يقدم لأوكرانيا السلاح والدعم المادي واللوجستي، إضافةً إلى تقديمه المقاتلين لتصعيد الأمور إلى أكبر حد ممكن مشيرة الى ممارسات كييف واستهدافها سكان دونباس منذ عام 2014 الذي ذهب ضحيته آلاف الأبرياء.
وأعربت نيكونوروفا عن شكرها لسورية على دعمها ومساندتها لجمهورية دونيتسك واحترامها لخيار شعبها وتأييدها له في الأمم المتحدة.
وقالت: الشعب السوري الصديق يشعر بما نعانيه فهو عانى أيضاً من الإرهاب والاحتلال والعقوبات الأمريكية والغربية.. ونقول له نحن معاً أقوياء ونستطيع أن نقف دوماً في وجه كل التحديات لأننا على حق، وما دمنا على حق فشعبنا وشعبكم سينتصران، وهذا الانتصار سيكون على الإرهاب والهيمنة.. لقد انتهت القطبية أحادية الجانب في العالم، وسيكون هناك عالم متعدد الأقطاب مليء بالعدل والمساواة والحقوق.
كذلك بحث وزير الصناعة زياد صباغ مع نيكونوروفنا، والوفد المرافق لها سبل التعاون بين البلدين، وآليات تطويره في مختلف مجالات القطاع الصناعي.
وجرى خلال اللقاء الذي تم في مبنى الوزارة اليوم مناقشة كيفية العمل بكل الإمكانات المتاحة، وتكثيف الجهود لتحسين الواقع الصناعي، والارتقاء بالصناعات، والتغلب على كل الصعوبات التي تسببت بها الحرب الإرهابية على سورية، والإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب المفروضة على شعبها.
وأكد صباغ أن النهوض بالقطاع الغذائي من أولويات العمل الحكومي، لكون منتجاته حاجة أساسية لجميع أفراد المجتمع، حيث تعمل الوزارة بكامل طاقتها على دعم الشركات العامة والخاصة لزيادة إنتاجية هذا القطاع بجودة ومواصفات عالية.
وأشار صباغ إلى وجود فرص استثمارية في سورية متاحة لكل من يرغب بالاستثمار من الدول الصديقة، الأمر الذي يسهم في تحقيق المنفعة الاقتصادية، ويعزز من عملية التبادل التجاري فيما بينها بالنسبة للمنتجات الصناعية، مبدياً استعداد الوزارة للمزيد من التنسيق مع دونيتسك، وتحقيق أقصى درجات التعاون بين البلدين في الصناعات الثقيلة والتحويلية، ولا سيما الكابلات النحاسية والألمنيوم والإسمنت التي تحتاجها سورية بكميات كبيرة في مرحلة إعادة الإعمار.
من جهتها أعربت نيكونوروفنا عن استعداد بلادها لتحقيق خطوات متقدمة في مجال العلاقات مع سورية في المجال الصناعي، بما يحقق المنفعة المشتركة لشعبيهما، بالرغم من كل العقوبات المفروضة عليهما، داعية إلى تكثيف اللقاءات بين الجانبين بما يخدم الصناعة، ويسهم بتطويرها في دونيتسك وسورية على حد سواء.
تعاون ثلاثي الأطراف
ولأنّ أحد مفاتيح عودة اللاجئين نشر جبهات العمل وتوسيع دائرة الإنتاج، فإنّ التركيز على عناصر التشجيع والجذب التنموي كان بارزاً في ردّ الدكتورة رانيا خضر أحمد معاونة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية على أسئلة “البعث” عندما ربطت أهداف المؤتمر بما تقوم به الحكومة بالتعاون مع الجانب الروسي، من تأمين احتياجات ومستلزمات العملية الإنتاجية وتصريف السلع وتوفير استدامة الدخل بما يسهم في عودة المهجّر والعمل من جديد، مفصحةً عن وضع الخطوط الأساسية لمجموعة من الاتفاقيات التجارية، وعلى رأسها تصدير الحمضيات والتفاح إلى روسيا والقرم ومقايضة زيت الزيتون السوري بزيت دوار الشمس الروسي، كما أنّ هناك تعاوناً ثلاثي الأطراف بين سورية وروسيا والقرم لتوريد الحبوب واحتياجات القطاع الصناعي، ولهذا الغرض تمّ الاتفاق على إقامة أسبوع للمنتجات السورية في روسيا.
معاونة وزير الاقتصاد أكّدت الانتقال من مرحلة الاتفاق إلى التنفيذ، مشيرةً إلى أنّ هناك بعض العوائق اللوجستية المتعلقة بالنقل يتمّ التنسيق بشأنها مع وزارة النقل، كما تمّ الحديث عن أفكار جديدة على صعيد التسويق.
خبرة روسية في الرقابة المالية
وعلى جبهة نقاش أخرى بين ممثلي غرفة الحسابات الروسية مع الجهاز المركزي للرقابة المالية، أفاد محمد عبد الكريم برق رئيس الجهاز في تصريح مماثل، عقب جولات النقاش، بأن هناك تنسيقاً بين الأجهزة العليا ضمن إطار منظمة “الإنتوساي”، وكل جهاز لديه خطط وبرامج وطنية، و”نحن نستفيد من الخبرة والتجربة الروسية في الرقابة المالية والمحاسبية”، مؤكداً وضع خطة استراتيجية جديدة ومعايير تدقيق معتمدة، لتدقيق القضايا عبر محدّداتٍ وطنية مدروسة ولاسيّما أنّ هناك 5700 معيار دولي، ولا يمكن لمعيار رقابي أن يتعارض مع الصك التشريعي.
التفاصيل على الرابط: