سياسات الدول الغربية تهدّد بازدياد مساحة الفقر في العالم
تقرير إخباري
لا شك أن الأزمات المتتالية التي ضربت العالم ابتداء من انتشار وباء كورونا على نحو واسع، وليس انتهاء بتداعيات العقوبات الغربية المفروضة على روسيا من جانب واحد وما رافقها من انعكاسات سلبية خطيرة على الاقتصاد العالمي بشكل عام، أثّرت في اقتصادات الدول، وخاصة دول العالم الثالث الفقيرة التي لا تمتلك أصلاً القدرة على الصمود في وجه الأزمات الاقتصادية العادية، فكيف إذا كان الأمر يتعلّق بأزمة عالمية من نوع خاص، تتمثّل الآن بأزمتي الطاقة والغذاء.
هذا الوضع العالمي أثر بشكل كبير في أكبر اقتصادات العالم، ومهما حاول السياسيون الغربيون التغطية على ذلك، فإن الأرقام على الأرض لن تسعفهم، حيث كشف محللون اقتصاديون عن احتمالية حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة الأميركية خلال الأشهر المقبلة، الأمر الذي يعدّ هزة لسياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن الاقتصادية، الذي صرّح بأن الاقتصاد الأميركي يقف على أقدام صلبة في ظل إدارته.
ولكن الواقع يشير إلى أن التضخم يقترب من أعلى مستوى له في أربعة عقود، ما يشكل عبئاً على الديمقراطيين في الانتخابات، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن الاقتصاد هو أهم قضية بالنسبة للناخبين.
وكرد فعل على حالة الركود رفع البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة من 1.5% إلى 1.75%، وهذا لم يحصل منذ عام 1994، ومن المتوقع أن ترتفع الفائدة إلى 3.4% في نهاية العام الحالي، وارتفع ما يسمّى التضخم الأساسي بنسبة 6.3% بعد ارتفاع بلغ 5.9%.
هذا الواقع الخطير الذي فرضته السياسات الغربية، وخاصة الأمريكية، ألقى بظلاله على الاقتصاد العالمي الذي بات يتأرجح تحت الضربات المتتالية التي يتلقاها على خلفية هذه السياسات الجائرة في جميع المجالات، الأمر الذي شكّل كارثة بالنسبة إلى الدول الفقيرة التي تعاني الآن من نقص الإمدادات الغذائية على خلفية احتكار الدول الغربية إمدادات القمح الأوكراني، فضلاً عن تعثّر سلاسل الإمداد بشكل عام.
كل ذلك دفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى دقّ ناقوس الخطر لاتخاذ إجراءات عالمية عاجلة من أجل القضاء على الفقر، وحسب مركز أنباء الأمم المتحدة قال غوتيريش في رسالة بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على الفقر أمس: إن “العالم يتحرّك إلى الخلف وهذه حقيقة مؤلمة حيث ألقى فيروس كورونا ملايين الأشخاص في هوة الفقر”، مشيراً إلى أن “اقتصادات الأمم والأسر المعيشية وقعت تحت ضربات فقدان فرص العمل والتهاب أسعار المواد الغذائية والطاقة وتكاثف ظلال الركود في الاقتصاد العالمي”.
وأشار غوتيريش إلى تداعيات أزمة المناخ والصراعات المستعرة التي زادت معاناة الفقراء، مبيّناً أن البلدان النامية تتعرّض لضغوط تستنزفها وتجعلها عاجزة عن الحصول على الموارد والاستفادة من إجراءات تخفيف عبء الدين لكي تستثمر فيما يحقق لها الانتعاش والنمو.
وشدّد الأمين العام للأمم المتحدة على ضرورة العمل من أجل الاستثمار في حلول محورها الإنسان بدءاً من الصحة والعمل اللائق إلى الحماية الاجتماعية والنظم الغذائية والتعليمية، مؤكداً ضرورة إحداث تحوّل في النظام المالي العالمي وضمان حصول جميع البلدان على التمويل واستفادتها من إجراءات تخفيف عبء الدين.
ورغم أن غوتيريش لم يستطع التحدّث مباشرة عن الأسباب الحقيقية التي أدّت إلى انتشار ظاهرة الفقر في العالم، وهي سياسات الغرب المتوحش الرامية أصلاً إلى الهيمنة وإفقار دول العالم الثالث للتمكّن من السيطرة عليها، غير أن جميع الأمور التي تحدّث عنها في تقريره تشير بشكل واضح إلى الأسباب التي أدّت إليها، وبالتالي لابدّ في النهاية من الإقرار بأن السياسات التي تتخذها الدول الغنية هي السبب الرئيس في المعاناة التي تعيشها دول العالم الثالث.
ميادة حسن