رشيد دالاتي: جابَ البحار بسفن كثيرة، وتوّج رحلاته بتصميم وصناعة نماذجها المصغّرة إبداعاً فنيّاً
اللاذقية- مروان حويجة
بعد أربعين عاماً من رحلاته البحرية التي جابَ خلالها بحار العالم قاطعاً أميالها الواسعة ومبحراً في أمواجها ومستكشفاً عوالمها باختصاصه الهندسي البحري الملاح ، تمكّن المهندس البحّار رشيد دالاتي ابن مدينة اللاذقية العاشق للبحر والأشرعة والسفن والذي عايش شاطئ البحر منذ طفولته حبّاً بالزوارق والمراكب الصغيرة فأجاد رسمها وتصميمها، أن يواصل مسيرة عشقه بعيداً عن شطآنه وأمواجه، فيبدع بأنامله وخبرته ومهارته مجسّمات لسفن حقيقية بأدق تفاصيلها ومكوناتها وتصاميمها مستمداً ملامح جمالها وتناسقها من معين عشقٍ أزلي لمهنته واختصاصه، وعندما حطّت رحلاته رحالها بعد عقود من السفر والحلّ والترحال، قرّر أن يضع خلاصة أسفاره وخبراته ومشاهداته أمامه في محلّه الدافئ العادي في حيّ الصليبة بمدينة اللاذقية، وكان له ما أراد وعزم عليه بإنجاز مجسّمات سفن رائعة الجمال، ولم تكن تايتانيك بعيدة عن إبداعه كغيرها من سفن مشهورة.
وفي لقاء مع “البعث الأسبوعية” قال المهندس البحّار والفنّان المبدع رشيد دالاتي:
بدأت مسيرة هوايتي بتصنيع مصغّرات لنماذج سفن بحريه وبعض الأعمال اليدوية في سنة 1970 من خلال مشاهدتي -حينذاك- لجارٍ يبني زوارق صيد صغيرة بجانب حديقة بيتنا، فأخذتُ أقلّده بأعمال مصغّرات لتلك الزوارق، وقد نمت عندي تلك الهواية من خلال مشاهدتي للسفن من جانب حديقة البطرني على الكورنيش الغربي لمدينة اللاذقية قبل عملية توسعة المرفأ، وتأصّلت تلك الهواية عندما بدأت العمل البحري وسافرت على متن السفن في نهاية 1975، فصرتُ أعمل نماذج لكل سفينة أبحرت فيها. وأضاف المهندس دالاتي: بعد اعتزالي السفر البحري الذي بقيت فيه أكثر من 40 سنة، التفتُّ لهوايتي التي أعشقها وأبحر بذكرياتها بعمل مجسّمات نماذج سفن بحرية، وصنعتُ أكثر من خمسين قطعة (نموذج مصغّر) لأجمل السفن وأكبرها، منها التايتنك وواحة البحار وكذلك صنعت سفناً شراعية من الطراز القديم السوري والعالمي بأدق التفاصيل والإبداع الفني.
وأكّد دالاتي: حالياً توقفت عن العمل بسبب الظروف الراهنة وبعض المضايقات من مراقبي البلدية والمالية والتموينية حيث جلّهم يعتبرون هوايتي هذه عملاً تجارياً وصناعياً ولا يعتبرونه فنّاً وإبداعاً، وأصبح قلائل من يحبون هذا الفن، مؤكداً أنّ السنوات الطويلة التي أمضاها في العمل مهندساً بحرياً جعلته خبيراً في تصميم وصناعة نماذج سفن صغيرة تحاكي السفن الحقيقية بكل المعايير والتفاصيل، وأوضح أن مزاولته هذه الصناعة تأتي تكريساً لما اكتسبه من خبرات متراكمة وللتعبير عن حبّه الكبير لكل مايرتبط بمفردات وعناوين البحر ومنها السفن، بما لهذه الصناعة من قيمة فنيّة إبداعية تراثية يعبّر من خلالها عن الحب المكتنز في قلبه للبحر الشغوف به منذ الطفولة.
وأكّد أن عمله هذا لا يعدو أكثر من هواية وعشق وليس لأجل الكسب المادي، لأن صناعة مجسّم السفينة تأخذ كثيراً من وقته وجهده وتفاصيل ذاكرته ومشاهداته ولمساته الإبداعية الذاتية التي تتماهى كليّاً مع العمل الفنّي بكل سماته ومقوماته الجمالية.