الصين تتربع على عرش التطور والتقدم
هيفاء علي
مع افتتاح المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني، في 16 تشرين الأول الجاري، في بكين، وبعد عشر سنوات من توليه مقاليد الحزب، في تشرين الثاني 2012، يمكن للأمين العام للحزب الشيوعي الصيني جي شي بينغ أن يتباهى بالنجاح الكبير الذي حقّقه في إكمال مهمته الأولى.
لقد تمكّن من جعل الصين أكثر ثراءً عما كانت عليه في عام 2010، وفي عهده أيضاً أحرزت الصين تقدماً كبيراً خلال السنوات العشر الماضية. وبالإضافة إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي، قضت السلطات الصينية على الفقر المدقع. ووفقاً لإحصاءات البنك الدولي، استحوذت الصين على 70٪ من الحدّ من الفقر في العالم لمدة عشرين عاماً، أي أنقذت 700 مليون شخص من براثن الفقر، وعملت على تعميم الحماية الاجتماعية التي يستفيد منها اليوم 95٪ من الصينيين، بينما لا يستفيد منها 50٪ من سكان العالم. ويضاف إلى كل ذلك إطالة متوسط العمر المتوقع للصينيين، متجاوزاً متوسط العمر المتوقع للأمريكيين الذي وصل الآن إلى 78.2 عاماً. وبحسب المحللين، يفرض الخط السياسي نفسه في جميع مفاصل الدولة، حزبية كانت أم حكومية، على المديرين التنفيذيين وأعضاء هذه المفاصل، لأن الحزب الشيوعي الصيني ليس جسداً كبيراً ضعيفاً، بل لديه تنظيم داخلي، وقواعد ناظمة لعمله.
إضافة إلى ذلك، إن ما يشكل أحد أصول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية للعصر الجديد هو التعايش بين قطاع خاص واسع، وقطاع عام قوي. فمن وجهة نظر السيادة الوطنية، فإن هذا النظام المختلط فعّال بشكل خاص لجهة الصناعات الرئيسية المحمية من قبل الدولة من المضاربين من جميع الأطياف، في حين أن صناعة الأسلحة، على سبيل المثال، مملوكة بالكامل للقطاع العام. أما فيما يخص الشركات الخاصة الكبرى، فلديها كامل الحرية في جني الأرباح شرط أن تقوم بأنشطتها ضمن الإطار المنصوص عليه في الخطة، واحترام المعايير الاجتماعية والبيئية التي تحدّدها السلطات العامة.
عند تفشي جائحة كورونا، كانت الصين أول دولة تمكنت من إدارة الأزمة الصحية على نطاق عالمي بشكل أفضل، فمنذ تفشي الوباء سجلت الولايات المتحدة مليون حالة وفاة، وفرنسا 152 ألفاً، والصين 5226. أي أن الأرقام تتحدث عن نفسها حول كفاءة النظام الصحي الصيني، وإفلاس النظام الغربي، حتى لو اعترف الصينيون بأن هذا الإنجاز جاء بتكلفة اقتصادية، لكنهم شعروا أن إنقاذ الأرواح كان أكثر أهمية من نقطة أو نقطتين للنمو، وهم بالطبع حريصون على اتخاذ الخطوة التالية. ولكن يبدو أن هذا التقدم الكبير الذي حققته الصين في ظل قيادة جي شي بينغ، لم يرق لصحيفة “لوموند” الفرنسية التي شنّت في افتتاحيتها حملة انتقادات هيستيرية على الصين أثناء افتتاح أعمال المؤتمر، متجاهلةً الدول الـ153 التي وقعت اتفاقية “الحزام والطريق” مع الصين.