صباغ: سورية ترفض استخدام الغرب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتحقيق أهداف معادية لها
نيويورك – سانا
جدّد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ التأكيد على رفض سورية استخدام دول غربية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أداة لتحقيق أهداف خبيثة ومعادية لها بما في ذلك إصرار هذه الدول على تسييس (ملف الكيميائي)، وتسترها على ممارسات المجموعات الإرهابية ضدّ المواطنين السوريين وتلاعبها بنصوص اتفاقية الحظر لإنشاء آليات غير شرعية.
وأشار صباغ خلال جلسة لمجلس الأمن مساء أمس، حول (ملف الكيميائي) في سورية إلى أنّ تعاون سورية مع منظمة الحظر منذ انضمامها طوعاً للاتفاقية عام 2013 أمر يجب الإقرار به ويشهد على ذلك تدميرها الكامل لمخزوناتها من الأسلحة الكيميائية ومرافق إنتاجها في وقت قياسي، موضحاً أنه بات معروفاً للجميع أنّ دولاً مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تلجأ عمداً إلى تجاهل هذه الحقيقة لأغراض سياسية عملت من أجلها منذ عام 2011 بهدف تقويض الأمن والاستقرار في سورية وتدمير مقدّراتها.
وطالب صباغ من يدعو سورية إلى الالتزام بالاتفاقية بوجوب حث الدول الأخرى التي تنتهك الاتفاقية على الالتزام بها وذلك من خلال منع تلك الدول من تسهيل إيصالها الأسلحة والمواد الكيميائية السامة إلى التنظيمات الإرهابية، ومحاسبتها على الجرائم التي ارتكبتها ضدّ الشعب السوري بما في ذلك من خلال استخدام أسلحة كيميائية أو فبركتها، لافتاً إلى أنّ المعلومات الكثيرة التي قدّمتها سورية في هذا المجال والتي لم يتم التحقيق بشأنها دليل على ذلك.
وتابع: “يجادل البعض بأن فرق المنظمة تقوم بعملها بمهنية وبطريقة محايدة، والسؤال كيف يتم ذلك؟ هل قيام فريق بعثة تقصي الحقائق باستلام عينات من جهات غير معروفة بل ومشبوهة يمثل عملاً مهنياً وفقاً للاتفاقية؟ وهل اتباع طرائق عمل تمييزية وفقاً للجهة التي تطلب التحقيق بالحادثة يمثل طريقة محايدة ومهنية؟ وهل قيام التقارير التي تقدّمها تلك الفرق بخدمة الأجندات السياسية لبعض الدول بما فيها التغطية على عدوان شنّته ثلاث دول أعضاء في مجلس الأمن على سورية يعطيها أي مصداقية؟ وهل التأخّر بإصدار التقارير بشأن الحوادث التي أبلغت عنها سورية منذ عام 2017 مقابل المسارعة بإصدار تقارير بشأن حوادث أبلغت عنها جهات أخرى يؤشّر إلى وجود أدنى قدر من الحيادية أو المهنية؟”.
وأعرب صباغ مجدّداً عن ترحيب سورية بعقد جولة المشاورات الـ 25 لفريق تقييم الإعلان، وتأكيدها أنها لا تضع شروطاً لعقد هذه الجولة، حيث لم تمنع أي فريق أو موظف من دخول أراضيها على مدى السنوات التسع الماضية، مطالباً الأمانة الفنية للمنظمة بعدم تعطيل العمل المهم لفريق تقييم الإعلان ووضعه رهينة لمنح تأشيرة دخول لخبير واحد لدى سورية تحفظ على سلوكه ولدى المنظمة الكثير غيره.
ولفت صباغ إلى أنّ جميع المسائل التي يناقشها فريق تقييم الإعلان ما تزال قيد المراجعة والتشاور بين سورية والأمانة الفنية، ولا توجد استنتاجات نهائية بشأنها وبالتالي فإن سورية تستهجن إصرار بعض الدول على تجاهل هذه التوضيحات والمسارعة إلى توجيه الاتهامات ضدّها، وتقديم بيانات غير صحيحة ولا أساس لها ولا تتطابق مع الواقع.
وأكّد صباغ حرص سورية على عقد اللقاء رفيع المستوى بين وزير الخارجية والمغتربين، رئيس اللجنة الوطنية، والمدير العام لمنظمة الحظر بأسرع وقتٍ ممكن وفق جدول أعمال يتفق عليه الجانبان يسهم في حل المسائل العالقة بينهما، مبيناً أنّ الأمانة الفنية ردّت في الثالث من الشهر الجاري على مقترح سورية بعقد اجتماع تنسيقي بين نقاط الاتصال من الجانبين في بيروت للتحضير لهذا الاجتماع.
وأعاد صباغ التأكيد على موقف سورية بشأن عدم شرعية إنشاء ما يسمى (فريق التحقيق وتحديد الهوية)، فالاتفاقية لم تكلّف الأمانة الفنية للمنظمة بإجراء تحقيقات بشأن تحديد المسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيميائية وبالتالي فإن هذا الفريق منح ولاية غير شرعية ما يدل على وجود خلل في تنفيذ الاتفاقية وتجاوز لأحكامها وذلك فقط للإساءة إلى دولة طرف فيها.
وأوضح مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أنّ إنشاء الفريق بقرار تم فرضه بالتصويت وبموافقة أقل من نصف عدد الدول الأطراف في الاتفاقية وبخلاف التوافق المتبع في القرارات التي تعتمدها المنظمة، وأسند إليه مهمة غير منصوص عليها في الاتفاقية في تجاوز واضح لها وانتهاك لأحكامها، مع الأخذ بالاعتبار أنّ التصويت ليس وسيلة لإدخال تعديلات على نصوص الاتفاقية، مشدداً على رفض سورية التام للاعتراف بهذا الفريق وبأساليب عمله الخاطئة وغير المهنية والتي ستؤدي بطبيعة الحال إلى استنتاجات باطلة تستوجب الشجب والإدانة.
وجدّد صباغ إدانة سورية القاطعة لاستخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي كان وفي أي زمان ومكان وتحت أي ظروف، لافتاً إلى أنها لا تحاول تقويض عمل المنظمة بل الدفاع عن قيام فرق الأمانة الفنية بعملها وفقاً لأحكام الاتفاقية وبما يضمن الحفاظ على مهنية المنظمة وحياديتها ومصداقيتها.
وشدّد صباغ على أنه ما لم تقم الدول الغربية بتغيير سلوكها الهدام وأجندتها التخريبية حيال سورية وإصرارها على تسييس ملف الكيميائي وتلاعبها بنصوص الاتفاقية لإنشاء آليات غير شرعية فلا يمكن إجراء مناقشة موضوعية لهذا الملف وإغلاقه بطريقة مهنية وحيادية. ورداً على المندوب الأمريكي قال صباغ: كان الأجدى بممثل الولايات المتحدة وبدلاً من أن يحاضر علينا بشأن تنفيذ سورية لالتزاماتها أن يحث حكومته على الإسراع بتنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقية فهي تماطل منذ سنوات في تدمير ترسانتها الضخمة من الأسلحة الكيميائية تحت ذرائع وحجج واهية.
..صباغ: تحسين الوضع في سورية يتطلب وقف الغرب تسييس العمل الإنساني
وفي وقتٍ سابق أمس، أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ أن تحسين الوضع الإنساني في سورية يتطلب وقف الدول الغربية تسييس العمل الإنساني والتنموي فيها ووضعها العراقيل أمامه، وضرورة دعم مشاريع التعافي المبكر ورفع الإجراءات الاقتصادية القسرية، وإنهاء الوجود الأجنبي غير الشرعي ووقف دعم الإرهاب والميليشيات الانفصالية ونهب الثروات الوطنية.
وقال صباغ في بيان اليوم خلال جلسة لمجلس الأمن حول الشأن السياسي والإنساني في سورية: إن المبدأ الأساسي الذي أكدت عليه جميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بسورية هو احترام سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها، وهو المعيار أيضاً لأي مقاربة للوضع السياسي أو الإنساني فيها مشدداً على أن أي وجود عسكري غير شرعي على الأراضي السورية هو انتهاك لميثاق الأمم المتحدة، ومخالفة للقانون الدولي ويجب أن ينتهي فوراً إضافة إلى أن محاربة الإرهاب بمختلف أشكاله والقضاء عليه بشكل نهائي لا يمكن أن تتم إلا من خلال التعاون والتنسيق الكامل مع الدولة السورية.
وأكد صباغ رفض سورية التام لإعلان البيت الأبيض في الـ12 من الشهر الجاري تمديد ما سماه (حالة الطوارئ الوطنية فيما يتعلق بالوضع في سورية)، وبيان خارجية النظام التركي حول هذا الإعلان كونهما صادرين عن طرفين ينتهكان ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي جراء احتلالهما لأراض سورية وتدخلهما في شؤونها الداخلية، والعبث بمقدرات شعبها، وثرواته الوطنية ودعمهما لميليشيات انفصالية ومجموعات إرهابية، وبالتالي لا يحق لهما أبداً ادعاء الحرص على استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأوضح مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن خيار التسويات والمصالحات الوطنية هو نهج سلكته الدولة السورية كطريق لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها في مختلف أرجاء الوطن، حيث صدر 21 مرسوم عفو عام كان آخرها المرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2022 الذي عكس مرحلة متقدمة لجهود الدولة السورية المستمرة لترسيخ المصالحة الوطنية وتحقيق الاستقرار بشكل مستدام، لافتاً إلى أن الدولة السورية تتابع جهودها وفقاً لهذا النهج الذي أثبت فعاليته وأدى إلى عودة الكثير من السوريين إلى ممارسة حياتهم الطبيعية.
وأشار صباغ إلى أنه بالتوازي مع ذلك تعاملت سورية بإيجابية مع الجهود والمبادرات التي قدمت في إطار المسار السياسي ودعمت الاجتماعات التي تعقد بصيغة أستانا، وآخرها قمة طهران ورحبت بنتائجه، كما حافظت على التواصل مع المبعوث الخاص للأمين العام إلى سورية غير بيدرسن الذي زار دمشق قبل أيام والتقى وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد الذي طالبه بوجوب اضطلاع الأمم المتحدة بدورها وفقاً لميثاقها لوقف الانتهاكات الناجمة عن الاحتلال الأمريكي لمناطق في شمال شرق سورية، والاحتلال التركي لمناطق في شمالها وشمالها الغربي، إضافة إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلي للجولان واعتداءاته المتكررة على المرافق الحيوية والبنية التحتية السورية والتي تهدد السلم والأمن في المنطقة.
وفيما يخص الوضع الإنساني بين صباغ أن سورية كانت من أكثر بلدان العالم استقراراً وازدهاراً، وكانت تحقق اكتفاء غذائياً ذاتياً وتؤمن جميع متطلبات الحياة الأساسية لشعبها بشكل قل نظيره في المنطقة، لكن الحرب الإرهابية التي شنت عليها منذ عام 2011 غيرت هذا الوضع وتسببت بأزمة إنسانية لا يستهان بها لشعبها فاقمتها الإجراءات القسرية أحادية الجانب وسرقة الثروات الوطنية السورية.
ولفت صباغ إلى أن الدولة السورية تبذل جهوداً كبيرة لتحسين الوضع الإنساني بما في ذلك عبر تقديم كل التسهيلات للأمم المتحدة لتحسين وتعزيز إيصال المساعدات الإنسانية لمحتاجيها، ولتنفيذ مشاريع التعافي المبكر التي نص عليها قرار مجلس الأمن رقم 2642 الذي تتطلع سورية رغم بعض تحفظاتها عليه لأن يشكل خطوة إضافية نحو تحسين الوضع الإنساني في حال التزمت الدول الغربية بتنفيذ أحكامه كاملة وتوقفت عن تسييسها للعمل الإنساني والتنموي ووضعها العراقيل والقيود أمامه ولا سيما من خلال الإصرار على فرض الإجراءات القسرية أحادية الجانب.
وأعرب صباغ عن أسف سورية أن الجلسة الأولى للحوار التفاعلي غير الرسمي لمراجعة ومتابعة تنفيذ القرار 2642 أظهرت بوضوح أن الدول الغربية ماتزال مستمرة في نهج التسييس وفرضها صيغاً هدفها المناورة والتحريف في إدارة هذا الحوار ما أبعده عن البعد التفاعلي، مشيراً إلى تطلعها أن تتضمن الجلسة القادمة حواراً تفاعلياً حقيقياً، وتسهم في إجراء نقاش حقيقي وجدي حول تحديد المعوقات والصعوبات التي تواجه تنفيذ القرار وكيفية تجنبها وذلك قبل انتهاء ولاية هذا القرار مطلع العام القادم.
ولفت مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى بعض جوانب المعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوري والمتمثلة في الأضرار الناجمة عن الحصار غير الشرعي الذي تفرضه الولايات المتحدة والدول الغربية على الشعب السوري، واستمرارها في فرض إجراءاتها القسرية وتمديدها وتوسيع نطاقها مشدداً على ضرورة رفع تلك الإجراءات فوراً.
وأشار صباغ إلى مواصلة قوات الاحتلال الأمريكي نهب ثروات سورية في منطقة الجزيرة، حيث أخرجت مؤخراً مئات الشاحنات المحملة بنفط وقمح إلى شمال العراق عبر المعابر الحدودية غير الشرعية بالتعاون مع ميليشيا (قسد) الانفصالية مؤكداً وجوب إنهاء هذا الوجود الأمريكي غير الشرعي الذي تسببت ممارساته إلى جانب عمليات السرقة والاتجار غير المشروع التي تقوم بها المجموعات الارهابية وميليشيا (قسد) الانفصالية بخسائر ودمار كبير في قطاع استخراج وتوريد وتوزيع واستثمار النفط والغاز والثروة المعدنية منذ عام 2011، حيث بلغت الخسائر المباشرة وغير المباشرة حتى منتصف العام الجاري 107.1 مليارات دولار.
وشدد صباغ على أن سورية تبذل جهوداً كبيرة للحد من انتشار وباء الكوليرا الذي كانت تخلصت منه منذ عقود لكنه للأسف عاد ليشكل خطراً إضافياً على حياة السوريين، وذلك جراء مواصلة النظام التركي استخدام المياه كسلاح حرب، والتدمير الكبير الذي تعرضت له البنى التحتية للمياه والنظام الصحي بسبب الحرب الإرهابية، مشيراً إلى أن وزارة الصحة تقوم بنشر التوعية والتثقيف الصحي حول الوباء ووسائل الوقاية منه ومتابعة جميع الحالات المرضية ومعالجتها، والتأكد من سلامة مصادر المياه وغيرها من المصادر المسببة للمرض، كما تتعاون سورية في هذا الإطار مع منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها المختصة وتقدم لها التسهيلات اللازمة للقيام بالزيارات الميدانية والتي كان آخرها زيارة مدينة رأس العين في محافظة الحسكة إلا أن الجهود الدولية منيت بالفشل لإصرار الدول الغربية على ممارسة سياساتها التي لا تكترث بأرواح النساء والأطفال وأصحاب الاحتياجات الخاصة.