صحيفة البعثمحليات

“سكر سلحب” لم يستجر سوى 59 ألف طن.. و”الزراعة” ترمي الكرة بملعب الفلاحين!!

دمشق – محمد العمر

بعد تأهيل معمل تل سلحب للسكر بخطوط إنتاجية تتماشى مع إمكانيات محددة وطاقة إنتاجية استيعابية كافية لتشغيل المعمل بشكل يومي، جرى الاتفاق مع الفلاحين لزراعة تعاقدية بمساحات مخصصة كعروة خريفية للموسم.

وحسب إحصائيات مديرية التخطيط بوزارة الزراعة تم وضع مساحة مزروعة للمحصول بكميات وفيرة تكون كافية لتشغيل المعمل لدورة إنتاجية كاملة بطاقة 4000 طن يومياً، لكن حسابات الحقل كما يقال لم تكن كحسابات البيدر، فالمساحات المزروعة بالموسم الماضي للشوندر السكري كانت صغيرة ولا تلبي الواقع بسبب إحجام المزارعين عن الزراعة وتخوفهم من عدم استلام محصولهم من المعمل، فمنحت وزارة الزراعة الفلاحين فترة إضافية لتخصيص مساحات من المحصول وزراعتها ضمن موعد محدد، لكن الفترة انقضت ولم يتم الزراعة حسب المطلوب ولم يكتمل تسليم البذار، فالفلاح اعتبر أن وزارة الزراعة تأخرت بتسليم مستلزمات الإنتاج كالبذار والسماد، وحين تم استلام المخصصات كانت فترة الزراعة غير موفقة، ما أحدث حالة من الجدال وتقاذف التهم والأخذ والرد بين الفلاح ووزارة الزراعة في وصول الأمور إلى ما هي عليه من انعكاسات سلبية على الإنتاج، في حين راحت وزارة الزراعة تبرر ذلك، بأنها حذرت الفلاحين من زراعة المحصول بعد ١٥ كانون الأول الماضي، كون الوقت غير مناسب للزراعة!

لكن مدير الاقتصاد الزراعي بوزارة الزراعة الدكتور أحمد دياب اعتبر أن الوزارة أوفت بوعودها وعملت ما عليها تجاه الفلاح لزراعة المحصول من ناحية تقديم السعر المناسب بعمليات شراء المحصول مبنية على تكاليف حقيقية موجودة على أرض الواقع، حتى أنه تم دراسة أثر ارتفاع التكاليف قبل قلع المحصول بعشرة أيام لضمان حق الفلاح، إضافة إلى تأمين المزارعين بمادة البذار والتي يتم استيرادها من الخارج بأصناف ونوعية جيدة، فضلاً عن تقديم الأسمدة وإعفاء الجمعيات مما عليها من التزامات، مع إعطاء النصائح والمشورات والإرشادات الفنية للمزارعين بكيفية ومواعيد الزراعة والشروط المطلوبة، لكن تخوفات الفلاحين حسب قول دياب من مصير زراعة المحصول والتحسبات من عدم استلام المحصول من المعمل لم تكن بمحلها، حيث كان لها انعكاسات على زراعة المحصول على الرغم من أن الوزارة طمأنت المزارعين بأن مواد البذار والأسمدة متوفرة، وأن المعمل سيعمل وسيتم استجرار المحصول، كما أنه تم التعاقد على استيراد كميات جيدة من البذار من الخارج بناء على دراسة مخطط لها، ونتيجة ذلك كان هناك فائض بكمية البذار تقدر بـ١٤ طن ستكون مخصصة للموسم المقبل، وبناء على هذه الكمية سيتم زراعة المساحات من المحصول الفترة القادمة.

بدوره مدير الإنتاج النباتي بوزارة الزراعة أحمد حيدر أكد أن كميات البذار التي اتفق عليها مع الفلاحين لزراعة المحصول تمت بالتنسيق مع وزارة الصناعة ومؤسسة البذار لتسليم المخصصات وتحديد المساحات المزروعة، وأن نتائج الاختبار لبذار الشوندر الذي تم توزيعها على الفلاحين لهذا الموسم مطابقة للشروط الفنية، إلا أن هناك مساحات من الأراضي حسب قوله تضررت بسبب عدم التزام المزارعين بالشروط المطلوبة في موعد زراعتها كعروة خريفية من جهة، وكون المحصول من جهة أخرى يحتاج إلى ريات مياه كافية خاصة أن الفلاح تأخر عن سقاية المحصول وكان اعتماده على هطول الأمطار، مشيراً إلى أن وزارة الزراعة اتخذت كافة الإجراءات والخطوات اللازمة لتنفيذ الخطة الزراعية الإنتاجية على أكمل وجه للموسم القادم تناسباً مع الإحصائيات الموضوعة.

وبينت أرقام مديرية التخطيط في وزارة الزراعة مساحات وإنتاج الشوندر السكري الخريفي للموسم الزراعي الحالي  ٢٠٢٢ في مرحلة الإرواء أن إجمالي المساحة المزروعة الفعلية من المحصول في كل من حماة والغاب كان ١٨٧٠ هكتار فقط من مجموع ما هو مخطط له بـ٤٣٨٥ هكتار، فالمساحة المزروعة في الغاب  لوحده بلغت ١٨٣٦ هكتار بإنتاج ٩٢ ألف طن شوندر سكري، في حين كانت حماة بمساحة ضئيلة جداً بـ٣٥ هكتار وإنتاج ١٧٣٥ طن، ووفق المؤشرات الإنتاجية يكفينا أن نعلم حجم التفاوت الشاسع بين ما هو مخطط له وما هو منتج فعلي خاصة  أن نسبة المساحات في كلا المنطقتين الغاب وحماة لم تتجاوز ٣٧% مما هو مخطط له، وذلك لكون المساحات المتضررة تجاوزت ١٢٥٠ هكتار وما كانت منه أراضي مزروعة وسليمة بحدود 1870 هكتار، في وقت تم الاستجرار لمعمل تل سلحب كمية ٥٩ ألف طن فقط.

الخبير التنموي أكرم عفيف  أكد أنه في وقت كان محصول الشوندر السكري منذ سنوات من المحاصيل الإستراتيجية الهامة بعد القطن والقمح، بات اليوم محصولاً مقلقاً وخاسراً، فالفلاح إن زرع محصوله يبقى متوجساً وخائفاً من ضياع جهده وتعبه، والدولة من ناحيتها تعتبر أن هناك أموال تصرف وتنفق على المحصول من أثمان بذار وأسمدة وهي تشكل فاتورة كبيرة عليها، ويعاني المزارع كما يرى عفيف من أجور النقل والحراثة واليد العاملة والمحروقات المرتفعة، ويتساءل عفيف ماذا يعني أن تكون طاقة المعمل الإنتاجية 4000 طن يومياً من المحصول، في حين أن كامل الإنتاج لا يتجاوز الـ100 ألف طن صافي من المحصول، أي أن كمية السكر حسب البيانات والأرقام لن تتجاوز 10% من طاقة المعمل المقدرة بتأمين 200 ألف طن سكر من إجمالي حاجة البلاد البالغ 600 ألف طن تقريباً، معتبراً أنه من الطبيعي أن يتخوف الفلاح من عدم تسويق محصوله من قبل المعمل بعد إعادة إقلاعه التي تبقى تجريبية بعد توقفه لسنوات.