آسيا.. القاسم المشترك في انتخابات التجديد النصفية
عناية ناصر
قد يكون لنتائج الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة تداعيات كبيرة على منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ففي الماضي غالباً ما تجاهلت الإدارات الرئاسية القضايا الإقليمية المهمّة، ولاسيما فيما يتعلق بجنوب شرق آسيا. ورداً على ذلك، تدخل الكونغرس مراراً وتكراراً وشارك بشكل كبير، وخاصة في القضايا المتعلقة بـ ميانمار، وحقوق الإنسان، والإنفاق الدفاعي للولايات المتحدة، والعلاقات بين الولايات المتحدة وفيتنام، وقضايا أخرى. بعبارة أخرى، يلعب الكونغرس دوراً كبيراً في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وغالباً ما يكون دوراً أكبر مما يفعله فيما يتعلق بحلفاء الولايات المتحدة في أوروبا والشرق الأوسط.
ولو قام الديمقراطيون بالدفاع عن سيطرتهم على مجلسي النواب والشيوخ، لكان هناك استمرارية في سياسة الإدارة بشأن آسيا. بالطبع، هناك سجال داخلي حتى داخل الحزب الديمقراطي حول سياسته في آسيا، لكن معظم المشرّعين يتردّدون في انتقاد السياسة الخارجية لرئيسهم علانية. وفي حال احتفظ الديمقراطيون بالسيطرة على الكونغرس، فمن المحتمل أن يعني ذلك استمرار تكثيف السياسة الحازمة تجاه الصين، سواء في المنطقة أو من خلال السياسة الصناعية الأمريكية.
ونتيجة لذلك، من المرجّح أن تستمر الإدارة في تجاهل جزء كبير من جنوب شرق آسيا، بما في ذلك الحرب الكارثية في ميانمار، ورابطة دول جنوب شرق آسيا بشكل عام. لذلك، من المحتمل أن يؤدي فوز الديمقراطيين في مجلسي الكونغرس في انتخابات التجديد النصفي إلى تركيز السياسة الخارجية بشكل حصري تقريباً على شمال شرق آسيا، بالإضافة إلى جهد كبير للغاية من قبل الإدارة لتسويق اقتراح إطار العمل الاقتصادي الهندي والمحيط الهادئ إلى الشركاء في المنطقة.
لا يبدو أن الاقتراح يولي الكثير من الاهتمام للمنطقة، وهو ضعيف مقارنة باتفاقية تجارية حقيقية، لكن استمرار السيطرة الديمقراطية سيعني بالتأكيد دفع جدول الأعمال قدر الإمكان. ومع ذلك، فإن تقسيم السيطرة على الحكومة الأمريكية -حيث يسيطر الديمقراطيون على الرئاسة ويسيطر الجمهوريون على أحد المجلسين أو كليهما- يمكن أن يحفز التغييرات في سياسة الإدارة بشأن آسيا.
من غير المرجّح أن يتولى الجمهوريون مجلس الشيوخ، وحتى لو فعلوا ذلك، فإن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بشكل عام -ولاسيما زعيم الحزب الجمهوري ميتش ماكونيل- يميلون إلى التوافق مع إدارة بايدن بشأن السياسات المتعلقة بالصين وتايوان، وكذلك زيادة التركيز على شمال شرق آسيا وأستراليا.
ومع ذلك، هناك عدد متزايد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين يميلون إلى الاتجاه الانعزالي، وتزداد أعدادهم بشكل حاد داخل الحزب الجمهوري، الذي أصبح أكثر حذراً من تورط الولايات المتحدة في أجزاء كثيرة من العالم. وفي حال تمكّن عدد قليل من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري ذوو الميول الانعزالية من الفوز بمقاعد في انتخابات التجديد النصفي، فقد يؤدي ذلك إلى نقاش أكثر قوة داخل الكونغرس الأمريكي حول الإنفاق الدفاعي الشامل، وترتيبات الدفاع مع أستراليا وكوريا الجنوبية واليابان.
وكحال أي حزب في المعارضة، يحب عادةً تقويض الرئيس في منصبه، وخاصةً في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية، فمن المرجح أن ينتقد مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري الأجندة الاقتصادية الآسيوية لإدارة بايدن. على الرغم من أن بعض أعضاء مجلس الشيوخ مثل مكونيل يدعمون المشاركة مع آسيا في القضايا الاقتصادية، إلا أنه سيكون هناك انقسام حقيقي داخل تجمع الحزب الجمهوري.
في مجلس النواب، من المحتمل أن يكون لمكاسب الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية تأثير أكبر على السياسة تجاه آسيا، خاصةً وأن هناك عدداً أكبر بكثير من المشرّعين الجمهوريين الانعزاليين في مجلس النواب بالفعل، والعديد منهم يتنافسون على مناصبهم في تشرين الثاني القادم.
إذا فاز الحزب الجمهوري بمجلس النواب، فسيتعيّن حتى على رئيس مجلس النواب الذي كان أممياً بشكل عام تلبية ما قد يكون تدفقاً للأعضاء الانعزاليين الذين يدعمون على نطاق واسع السياسات التي تبناها الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي لا يزال أحد أقوى الشخصيات في الحزب، ويشكك في علاقات الولايات المتحدة مع العديد من الشركاء الآسيويين، الذين يعتقد أنهم لا يساهمون بما يكفي في الدفاع عن أنفسهم.
ولمواجهة مثل هذا الضغط، قد يركز رئيس مجلس النواب الجمهوري على إعادة التفكير في العلاقة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، والتحالفات الأمريكية الأخرى في آسيا، وعليه قد يؤدي هذا إلى زيادة الضغط على إدارة بايدن لإعادة تأكيد موقفها تجاه آسيا عموماً.