الحرب في أوكرانيا ورقة في بازار الانتخابات الأمريكية
تقرير إخباري:
في إشارة واضحة إلى أن الأزمة الأوكرانية أصبحت عنواناً جاذباً للسياسيين الأمريكيين، وخاصة عشية الانتخابات النصفية الأمريكية، وأن الأمر بالنسبة إلى الساسة الأمريكيين في المحصلة لا يعدو كونه مجرّد ورقة في المزايدات الحاصلة قبيل الانتخابات، حيث يحاول كل من الطرفين جرّ الناخب الأمريكي للتصويت له بناء على تقديم وجهة نظره له على أنها الأنسب، وليس بالضرورة أن يكون ذلك نابعاً عن وعي للمخاطر التي يحملها استمرار الحرب في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي أو على الأمن النووي بشكل عام.
ففي مقال لها كشفت صحيفة “The National Interest”، أن واشنطن ستجري مفاوضاتٍ مع موسكو في حال فوز الحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي المقبلة للكونغرس الأمريكي.
ووفقاً لمقال كتبه الصحفي ماثيو ماي، أوضح زعيم الجمهوريين في مجلس النواب كيفن مكارثي أن حزبه، إذا حصل على الأغلبية، سيعيد النظر في مسألة دعم كييف أو حتى إيقافها.
وقال ماي: أعتقد أن الناس سيواجهون ركوداً ولن يكتبوا شيكاً لأوكرانيا دون المبلغ المحدّد، مضيفاً: إن البيت الأبيض لا يمكنه التعامل فقط مع مشكلات أوكرانيا.
ووصف ماي تصريح عضو الكونغرس بأنه تلميح إلى أن الواجب الأساسي للسلطات الأمريكية هو حماية مصالح الناخبين، مشيراً إلى أنه في الوقت الحالي، سلوك واشنطن في الصراع الأوكراني لا يتوافق مع هذه المهمّة.
ماي أكد أن للولايات المتحدة ثلاثة أهداف، منع الصدام المباشر مع روسيا وتفاقم العلاقات معها بشكل دائم، والحدّ من العواقب الاقتصادية للأزمة الأوكرانية، وحتى الآن لم ينفّذ البيت الأبيض اثنين منها.
وشدّد على أن “رفض واشنطن العنيد للتفاوض مع روسيا من أجل إنهاء الصراع، أو على الأقل وقف إطلاق النار، على أساس كاذب بأن كييف فقط هي التي لها الحق في القيام بذلك، هذا يجعل العالم أقرب إلى صراع نووي”.
وحسب الصحفي، فإن الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب ستؤثر في سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه موسكو، لأنه إذا توقفت المساعدة لكييف، فسيتعيّن على البيت الأبيض فتح قنوات دبلوماسية مباشرة مع الكرملين.
وواضح من الحديث السابق أن الجمهوريين يعدون ناخبيهم أنهم إذا صوّتوا لهم فإنهم سيعيدون النظر في مسألة الدعم المقدّم لأوكرانيا، ما يعني أن هناك جناحاً واسعاً من الناخبين الأمريكيين يرفض الاستمرار في تقديم الدعم لأوكرانيا على حساب دافع الضرائب الأمريكي، وهذا طبعاً يشير من ناحية أخرى إلى أن المواطن الأمريكي يقف في وادٍ والسياسيين الأمريكيين يقفون في وادٍ آخر تماماً، وأن مثل هذه المسائل تستخدم عادة أوراقاً في العملية الانتخابية وليس بالضرورة أن يتم الالتزام بهذه الوعود فيما بعد.
فالمسألة إذن لا تعدو كونها ورقة في بازار سياسي ينتهي مفعولها بمجرّد الاستفادة منها في الانتخابات، بينما السياسات على الأرض تجد من يبرّرها سواء أكان المنتصر ديمقراطياً أم جمهورياً، لأن فكرة العداء لروسيا ومحاصرتها وهزيمتها استراتيجياً يتفق عليها الحزبان، ولا خلاف عليها.
طلال ياسر الزعبي