أخبارصحيفة البعث

واشنطن مسؤولة عن الصراعات حول العالم

تقرير إخباري:

رغم جميع الأصوات التي نسمعها يومياً من القارة الأوروبية، وخاصة من دول المعسكر الاشتراكي السابق، حول ضرورة أن تحتفظ أوروبا لنفسها بنوعٍ من الاستقلالية عن الإدارة الأمريكية في اتخاذ القرار، إلا أن جميع هذه التحذيرات لا تؤثّر كثيراً في قادة أوروبا الحقيقيين، ويبدو أن ذلك تابع إلى أن اللوبيات ومجموعات الضغط التي تتحكم بالقرار في الولايات المتحدة هي ذاتها التي تتحكم بالقرار في الدول الأوروبية، والغربية منها خاصة، والظاهر أنه لا يمكن أن تمرّ حكومة في أوروبا الغربية دون أن توافق عليها مجموعات الضغط ذاتها، أو تكون هي التي وقفت أصلاً وراء صعود هذه الحكومات.

ولكن هذه السيطرة لمجموعات الضغط هذه لا يمكن أن تستمرّ إلى الأبد، إذ بات من الواضح الآن وبعد التداعيات الكارثية للعقوبات الغربية المفروضة على موسكو من جانب واحد، أن هناك رأياً عاماً أوروبياً بدأ بالتشكل، وخاصة بين الجهات المتضرّرة مباشرة من هذه العقوبات، وخاصة فئة العمال والمزارعين، التي خرجت إلى الشوارع في أكثر العواصم الأوروبية معبّرة عن رفضها استمرار الدعم الغربي المقدّم لأوكرانيا دون ضوابط على حساب دافع الضرائب في الدول الغربية، فضلاً عن التأثيرات المباشرة للتضخّم وارتفاع أسعار السلع ونقص الوقود، ولاسيما بعد دخول فصل الشتاء الأوروبي القاسي، حيث من المتوقع أن يعيش الأوروبيون لأول مرة في العصر الحديث حالة من التجمّد في منازلهم، والتقارير الواردة من فنلندا هي أقرب مثال على ذلك.

فقد أكدت عضو البرلمان الأوروبي عن تشيكيا رئيسة الحزب الشيوعي التشيكي المورافي كاترجينا كونيتشنا، أن الولايات المتحدة التي تصرّ على لعب دور “الشرطي العالمي” مسؤولة عن الكثير من الصراعات الجارية في العالم.

وأشارت كونيتشنا إلى أن الرئيس الأمريكي بغضّ النظر عن اسمه هو عملياً دمية بأيدي مختلف مجموعات الضغط والنفوذ في الولايات المتحدة وخصوصاً لوبي السلاح، ولذلك فإن مَن توقّع أن يكون الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن مختلفاً عن الآخرين كان رهانه خاطئاً، وربما كان استعراضه الأخير أمام جمهوره بإظهار جوربه الأحمر، ثم ذهابه إلى جانب المنصّة محاولاً القفز من هناك قبل أن تمنعه نائبته كامالا هاريس من ذلك، خير مثال على انعدام قدرته على التمييز.

من جهته، أكد نائب رئيس مجلس النواب التشيكي السابق فويتيخ فيليب في حديث لموقع “ايه بورتال 24″، أن الولايات المتحدة التي تتجاوز مديونيتها الداخلية حاجز الـ3 بلايين دولار وأصبحت عاجزة عن التحكم بالأوضاع باتت تراهن في مستقبلها على التصفية الاقتصادية لأوروبا.

وأوضح قائلاً: إن واشنطن تريد من خلال إجبار أوروبا على فرض العقوبات ضد روسيا إفلاس أوروبا حتى تستطيع بعد ذلك تحويلها إلى ما يشبه مستعمرة أمريكية.

إلا أن هذا الفهم المتقدّم لطبيعة ما تقوم به الولايات المتحدة من استنزاف لأوروبا، عبر إجبارها على إنفاق سيولتها النقدية الهائلة على شراء الغاز الأمريكي المسال الباهظ الثمن، بدلاً من الغاز الروسي الرخيص الذي يحتفظ بالإضافة إلى ذلك بموثوقية عالية، بينما تتعرّض أوروبا لابتزاز من نوع خاص حيث يمكن أن تغيّر الناقلة الأمريكية وجهتها بمجرّد أن تجد من يدفع ثمناً أكبر لحمولتها، كل هذا الفهم لم يمكّن القادة الأوروبيين من اتخاذ قرار جريء ينقذ اقتصادات دولهم ويمنع الاضطرابات الوشيكة من الحدوث، وذلك ببساطة لأنهم لا يملكون القرار في ذلك.

ميادة حسن