بوتين: نحتفظ بحق الانسحاب من اتفاق الحبوب إذا انتهكت أوكرانيا الضمانات
موسكو – تقارير
بعد وساطة أممية وتركية وتقديم النظام الأوكراني ضماناتٍ بعدم استخدام الممر الآمن الذي فتحته روسيا للسفن في البحر الأسود لأغراض عسكرية، أو الاستفادة مجدّداً من تسهيلات الاتفاق في استهداف الأسطول الروسي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده تحتفظ بالحق في الانسحاب من اتفاق الحبوب، إذا أقدم الجانب الأوكراني على انتهاك الضمانات، بينما أكدت الخارجية الروسية أن موسكو لن تستخدم السلاح النووي إلا للردّ على هجوم نووي أو هجوم بالسلاح التقليدي يكون مهدّداً لوجود الدولة ذاته، وأنها تنتظر نتائج زيارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمنشآت الأوكرانية حول التحقّق من وجود “القنبلة القذرة” لتبني على الشيء مقتضاه.
وخلال اجتماع اليوم مع أعضاء مجلس الأمن الروسي لمناقشة صفقة الحبوب وغيرها من المواضيع المهمّة، قال بوتين وفقاً لوكالة نوفوستي: “صدرت تعليمات إلى وزارة الدفاع الروسية لاستئناف مشاركتنا الكاملة في هذا العمل، وفي الوقت ذاته تحتفظ روسيا بالحق في الانسحاب من هذه الاتفاقات إذا انتهكت أوكرانيا الضمانات المقدّمة”.
وكان بوتين أعلن أمس إمكانية عودة روسيا إلى صفقة الحبوب بعد التحقيق في الهجوم الإرهابي على سيفاستوبول، مشيراً إلى الاستعداد لتزويد أفريقيا بكميات كبيرة من الحبوب والأسمدة مجاناً.
وفي الشأن النووي، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن الأولوية بالنسبة لروسيا حالياً منع أي صدام عسكري للقوى النووية.
وقالت الخارجية في بيان لها اليوم حول منع الحرب النووية نقلته وكالة تاس: إن روسيا بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي، وإحدى القوى النووية، تتحمّل وفقاً لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، مسؤولية خاصة في مسائل تعزيز الأمن الدولي والاستقرار الاستراتيجي.
ودعا البيان الدول الخمس النووية إلى التخلي عن المحاولات الخطيرة لانتهاك المصالح الحيوية لبعضها، مضيفاً: “إن موسكو في تنفيذ سياستها في مجال الردع النووي تسترشد بصرامة وثبات بافتراض عدم جواز شنّ حرب نووية”.
ولفت البيان إلى أنه من الناحية الافتراضية يُسمح بردّ فعل روسيا بالأسلحة النووية فقط للردّ على العدوان الذي يتم باستخدام أسلحة الدمار الشامل، أو العدوان باستخدام الأسلحة التقليدية عندما يكون وجود الدولة ذاته مهدّداً.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو تنتظر نتائج زيارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمنشآت الأوكرانية، حيث تم التحقّق من معلومات حول “القنبلة القذرة”.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا وفقاً لوكالة نوفوستي: “نتطلع إلى نتائج زيارة مفتش الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمنشآت الأوكرانية، كما نحتاج إلى دراستها ودراسة التقرير ذي الصلة بعد نشره ثم سنجري تقييماتنا ونتحدّث عن هذا الأمر”.
وحذّرت زاخاروفا من أن “تهديد الإرهاب النووي من نظام كييف حقيقي وخطير للغاية”.
وكان قائد قوات الدفاع الإشعاعي والكيماوي والبيولوجي بالقوات المسلحة الروسية الجنرال إيغور كيريلوف، أعلن أن وزارة الدفاع الروسية لديها معلومات حول خطط كييف لاستخدام “قنبلة قذرة”، وإلقاء اللوم على موسكو في ذلك.
ويعرّف المختصون “القنبلة القذرة” بأنها عبارة عن جهاز لنشر الإشعاع، وهي تعمل عكس القنبلة النووية التي تطلق طاقة هائلة بمتفجرات بسيطة تشتّت المواد المشعّة.
إلى ذلك، أعلنت روسيا أنها ستستدعي سفيرة بريطانيا لديها بشأن تورّط متخصّصين بريطانيين في هجوم شنّه نظام كييف على سفن أسطول البحر الأسود، وسفن مدنية في سيفاستوبول باستخدام طائرات مسيّرة.
وقالت زاخاروفا خلال مؤتمر صحفي بموسكو اليوم: “إن التحقيقات كشفت أن كييف نفّذت هذا الهجوم الإرهابي بتوجيه من متخصّصين بريطانيين، وفي هذا الصدد سيتم استدعاء السفيرة البريطانية ديبورا برونرت إلى وزارة الخارجية الروسية في المستقبل القريب”.
وأكدت وزارة الدفاع الروسية في وقت سابق إن خبراء بريطانيين ساعدوا إرهابيين من القوات المسلحة الأوكرانية في الهجوم على سفن في سيفاستوبول باستخدام الطائرات دون طيار في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، وأن ممثلين عن البحرية البريطانية شاركوا في تخطيط وتنفيذ الهجوم الإرهابي في بحر البلطيق في الـ26 من أيلول لتقويض خط أنابيب الغاز السيل الشمالي1 والسيل الشمالي 2.
وحول بريطانيا أيضاً، أظهرت نتائج استطلاع رأي حديث انخفاض عدد البريطانيين الذين يؤيّدون العقوبات ضد روسيا.
ووفقاً لنتائج الاستطلاع الذي أورده موقع روسيا اليوم فقد تراجع عدد البريطانيين المؤيدين لهذه العقوبات من 73 بالمئة في آذار الماضي إلى 41 بالمئة في تشرين الأول، وذلك لأن العقوبات تساهم في ارتفاع الأسعار في بلادهم.
وفي وقت سابق اليوم، أظهرت البيانات ارتفاع أسعار المواد الغذائية في بريطانيا إلى مستوى قياسي بلغ 11.6 بالمئة.
من جهة ثانية، اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي يفغيني إيفانوف أنه من غير المنطقي فرض قيود ومنع دخول سكان الغرب إلى روسيا كردّ عكسي على حظر دخول الروس لبعض الدول، ولكن ردّ موسكو قد يكون بصورة مختلفة.
ونقلت نوفوستي عن إيفانوف قوله تعليقاً على الحظر المفروض من لاتفيا وليتوانيا واستونيا وبولندا وفنلندا وجمهورية التشيك على دخول السياح الروس إلى أراضيها: إنه “لا يوجد منتصرون في لعبة تدمير العلاقات الدولية، أما الخاسرون فهم دائماً أناس عاديون بغض النظر عن جنسيتهم”.
وحول الإجراءات الانتقامية المحتملة من الجانب الروسي ضد الدول التي فرضت حظراً على دخول المواطنين الروس، قال إيفانوف: “من غير المنطقي القيام بأي نوع من القيود المضادة فيما يتعلق بالمحاولات الصغيرة المستمرة لبلدان البلطيق والدول المجاورة التي انضمّت إليها، فمن سيتأثر هم المواطنون الذين سيفقدون فرصة لقاء الأقارب أو الذهاب للعلاج أو للدراسة أو للمشاركة في الأحداث العلمية والثقافية والرياضية”.
يُذكر أنه تم تعليق اتفاقية تسهيل التأشيرة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا منذ الثاني عشر من شهر أيلول الماضي، كما اتفقت بولندا وليتوانيا ولاتفيا واستونيا على فرض قيود سفر مشتركة ضد مواطني روسيا.
وعلّق المتحدث الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف على الصعوبات التي يواجهها مواطنو روسيا في الحصول على التأشيرات بالقول: إن “الأوروبيين يواصلون نهجهم المدمّر المناهض لروسيا، لكن ردّ موسكو لا ينبغي أن يكون بالضرورة صورة مطابقة، وإنما يجب أن تأخذ في الاعتبار أولاً وقبل كل شيء مصالح روسيا الخاصة”.