أخبارصحيفة البعث

انتخابات الكنيست.. فوز اليمين على اليمين

تقرير إخباري 

فاز التطرف على التطرف، لتنتهي انتخابات الكنيست التي جرت الثلاثاء إلى فوز كاسح لرئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو وحلفائه، بنحو 65 مقعداً من 120 مقعداً، حيث فاز حزب “الليكود” بـ 31 مقعداً، بينما حصلت أحزاب حكومة رئيس الوزراء الحالي يائير لابيد مجتمعةً على 50 مقعداً.

ويأتي فوز نتنياهو وحلفائه ليعمّق الانقسام والشرخ في المجتمع الصهيوني المنقسم على ذاته أساساً، وهو ما ظهر جلياً خلال الأزمة السياسية التي سبقت الانتخابات والتي أسفرت عن حل الكنيست لنفسه، وأجمعت آراء المحللين في وسائل الإعلام الصهيونية، على أن هذه النتائج تعكس توجّه المجتمع “الإسرائيلي” ونظام الحكم نحو اليمين، واليمين المتطرّف، حيث وصل الأمر – على الأقل من الناحية السياسية وفي ضوء قضايا مجتمعية ودينية – إلى نقطة اللاعودة، وذلك في ظل زيادة أعداد المتدينين المتطرّفين، والمحافظين، واليهود الحريديين والمتشدّدين دينياً، وتنامي قوة “الصهيونية الدينية” بزعامة اليميني المتطرّف إيتمار بن غفير في أوساط قطاعات الشباب “الإسرائيلي”.

وفي افتتاحيتها قالت صحيفة هآرتس الصهيونية: إن النتائج الأولية لانتخابات الكنيست الـ25 تشير إلى أن الفائز الأكبر هو  بن غفير، وحذّرت من أن كيان الاحتلال يقف على أعتاب ثورة أصولية استبدادية يقودها اليمين المتطرّف، مشيرةً إلى أنه قد أصبح أكثر تطرّفاً على نحو مرعب خلال السنوات الأخيرة، وأن كل الأمور التي جرى التحذير من احتمال وقوعها في السابق تحدث الآن أمام أنظار الجميع.

وحسب الصحيفة، أُضفيت الشرعية على الكاهانية وباتت منتشرة في أوساط “الإسرائيلين”، وأشارت إلى أن “الصهيونية الدينية” التي تقود مشروعاً تسوده العنصرية والتطرّف وفكرة تفوّق اليهود وتسير على خُطا الحاخام اليهودي المتطرّف الراحل مائير كهانا الذي يقتدي به بن غفير، قد أصبحت الآن ثالث أكبر قوة سياسية في إسرائيل.

من جهته، حذّر محلل الشؤون الحزبية في صحيفة “هآرتس” يوسي فيرتر، من مغبّة هيمنة اليمين المتطرّف والأحزاب الحريدية والأصولية المتطرّفة على مقاليد الحكم في كيان الاحتلال والتغلغل في الجهاز القضائي، مشيراً إلى أن نتنياهو الذي يهدف إلى تقويض جهاز القضاء بغية إلغاء محاكمته بتهم فساد سيقدّم كثيراً من التنازلات، وسيكون رهينةً لمطالب اليمين المتطرّف والأحزاب الحريدية.

وأوضح فيرتر أن نتنياهو الذي سيشكّل الحكومة المقبلة الأكثر يمينيةً وتطرّفاً في تاريخ كيان الاحتلال سيكون رئيساً صورياً في كثير من الملفات والقضايا وخاصة الداخلية، حيث سيكون رئيس الحكومة الفعلي بن غفير الذي كان فعّالاً حتى أكثر من نتنياهو، بنقل الأصوات من المعسكر المناوئ إلى الكتلة الداعمة لنتنياهو.

وبناءً على ما تقدّم نجد أن حكومة نتنياهو القادمة يعترضها العديد من المشكلات أولها حليف نتنياهو الأساسي  بن غفير الذي “كان بيضة القبان” وساهم في فوز نتنياهو في الانتخابات، وخصوصاً أن الكثير من الحكومات الغربية وعلى رأسها حكومة الرئيس الأمريكي جو بايدن حذّرت نتنياهو من التحالف مع بن غفير وتوزيره بسبب تصريحاته العنصرية المتطرّفة، كما وجّهت الدول العربية الموقعة على اتفاقات أبراهام تحذيراتٍ مشابهة، معتبرةً أن توزير بن غفير سيؤدّي إلى تقويض الاتفاقات.

وبخصوص الاتفاق مع لبنان حول منصّات استخراج الغاز في المياه الاقتصادية بالبحر المتوسط التي أعلن نتنياهو في السابق أنه في حال فوزه بالحكم سيبطلها لأنها تلحق ضرراً استراتيجياً بأمن كيان الاحتلال، لا بدّ هنا من التذكير بتهديدات المقاومة اللبنانية على لسان أمينها العام السيد حسن نصر الله الذي أعلن أنه لن يسمح لكيان الاحتلال بتشغيل منصّاته البحرية دون حصول لبنان على حقوقه الغازية كاملةً.

وفي الضفة الغربية المحتلة التي تعيش حالة من الغليان، تنتظر حكومة نتنياهو انتفاضة فلسطينية وتصاعداً في العمل المقاوم، وما العمليات النوعية التي ينفذها الشباب الفلسطيني وحتى المتقدمون في العمر، أمثال الشهيد حباس عبد الحفيظ ريان ذو الـ 54 عاماً، الذي نفّذ عملية الدهس البطولية في رام الله في يوم إجراء انتخابات الكنيست، إلا دليل على أن ما ينتظر الحكومة اليمينية الصهيونية المتطرّفة المقبلة هو أضعاف ما واجهته سابقاتها من استمرار للمقاومة، فهي الوحيدة الكفيلة باستعادة الحقوق العربية والفلسطينية المسلوبة، والمقاومون القابضون على الزناد متيقنون أن كل المتنافسين في انتخابات الكنيست هم في الحقيقة يمين صهيوني متطرّف ولا فرق بين أحدهم، وكل ما حدث هو تبديل للطرابيش.

إبراهيم ياسين مرهج