أخبارصحيفة البعث

رغم ضعفها.. أميركا تلوّح بالقوة

تقرير إخباري:

أمريكا التي اعتادت أن تكون في الصدارة بعد الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو منذ ثلاثة عقود، ودون أي منافس أو رادع في ابتزاز الشعوب والهيمنة عليها، بالترهيب أم الترغيب، تذوق المرارة الآن وتنازع مخاض النظام العالمي الجديد عبر قطبيه البارزين روسيا والصين والدول المستقلة السائرة على هديهما.

تعترف أمريكا صراحةً بهذه الحقيقة عبر تصريحات مسؤوليها المحذّرة من تنامي الخطر الروسي الصيني، وفي تأكيد تحالفاتها مع الأوروبيين وكل قوى التآمر لتقويض هذا النظام والوقوف بوجهه.

يأتي ذلك في وقتٍ رحّبت فيه دول العالم الواحدة تلو الأخرى بهذا الحلف الواضح الملامح المبنيّ على عدم استغلال الشعوب أو إشعال الحروب التي أنهكت النظام الاقتصادي العالمي، وأوصلت العديد من الدول وخاصةً النامية إلى الحضيض، حتى بعض الدول الأوروبية حاولت التحرّر من نظام أمريكا الاقتصادي الرأسمالي الاستغلالي عبر ابتداع أنظمة أكثر عدلاً كـ”الرأسمالي الاجتماعي”، في حين تتمسّك أمريكا بنهجها مدّعيةً أنه نظام ليبرالي تحرّري يوفّر الحرية والديمقراطية للشعوب التي جعلتها عبيداً شبه مجّانيين لها ولآلتها الحربية والاقتصادية الناهبة لخيرات الشعوب.

تعيش أمريكا كوابيس اليقظة المرعبة في لحظات سقوط مشروعها، فعلى الرغم من امتلاكها أكثر من 800 قاعدةٍ عسكرية في أنحاء العالم، تحاول الآن استعراض قواها وتنشر أسلحتها النووية في بقع أخرى، وخاصةً في أوروبا وتحديداً على تخوم روسيا حيث قرّرت نشر أسطول سفنٍ حربية في غربي أوروبا.

أما على تخوم الصين، فقد أرسلت ست طائرات قاذفة نوع B52 إلى شمال أستراليا ذات العلاقات المتوترة مع الصين على الرغم من استمرار التبادل التجاري بينهما، وتعدّ تلك السفن والطائرات قواعد عسكرية أمريكية متطوّرة ومتحرّكة قادرة على حمل الصواريخ النووية وحتى الأسلحة التقليدية الفتاكة المعتمدة في الحروب الأمريكية مثل صواريخ “كروز” و”توما هوك”، والمناورة على أبعادٍ شاسعة تصل إلى مدى 7000 كم، وكأن أمريكا ترمي من ذلك إلى توجيه عدد من الرسائل إلى روسيا والصين أبرزها الاستفزاز النووي، وإثبات أنها ما زالت البلد القوي القادر على فتح جبهتين في آن معاً، على الرغم من نفي الخبراء والمحللين امتلاكها القدرة على ذلك.

بالمحصلة، روسيا والصين وجّهتا في العديد من المناسبات رسائل واضحة لأمريكا والغرب بأنهما قبلتا التحدّي دون تراجع لاجتياز هذا المنعطف والصراع الذي يشبه الحرب الباردة، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكّد أنّ التحوّلات العالمية الجارية الآن ورغم خطورتها ستصبّ بمصلحة روسيا في النهاية، مشيراً إلى أهمية صعود قوى جديدة في النظام العالمي في أفريقيا وآسيا لتقويض أحلام الغرب اليائسة في قيادة العالم، كما أنّ الرئيس الصيني شي جين بينغ بعد فوزه برئاسة الحزب الشيوعي وحّد صفوفه الداخلية والموقف ضدّ استفزازات أمريكا والغرب، ووجّه رسالة على مستوى القارة الآسيوية ودول الباسفيك تدعو إلى رفض السياسات الاستغلالية القائمة على إقصاء الدول أو خلق بؤر التوتر والانقسام، وخاصةً في دول آسيا كما حدث في السابق، داعياً بوضوح إلى تحالف تلك الدول ضدّ الهيمنة الأمريكية ومشروعها.

بشار محي الدين المحمد