زيلينسكي كبشُ فداء أمريكي
تقرير إخباري:
تتعالى الأصوات الغربية المطالبة بالجنوح إلى الحل السلمي في أوكرانيا، فبعد انطلاق العملية العسكرية الروسية الخاصة لحماية دونباس، وتعنّت زعماء الدول الغربية وحلفائهم وتمسّكهم بالمواقف التي تدعو إلى مزيد من تسليح النازيين الأوكرانيين، ورفضهم، بادئ ذي بدء، إعطاء روسيا الاتحادية ضماناتٍ أمنيةً كانت كفيلة بإنهاء فتيل الحرب قبل اشتعالها، واتهامهم بالخيانة أيّ رأي يقول إن على أوكرانيا الدخول في محادثات سلام مع روسيا، كما حدث مع رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان، ظهرت أصوات مختلفة تحمّل النظام الأوكراني مسؤولية ما آلت إليه الأمور.
ففي مسعى لاحتواء الغضب الواسع من الشعب الأمريكي من تزايد الدعم المالي والعسكري الذي تقدّمه الإدارة الديمقراطية للرئيس الأمريكي جو بايدن لأوكرانيا، وخصوصاً مع ما يعانيه الاقتصاد الأمريكي من تضخّم وركود من المتوقع أن يحلّ به، قالت صحيفة “واشنطن بوست”: إن إدارة بايدن طلبت عبر قنوات خاصة من سلطات كييف إبداء انفتاح في موضوع الحوار مع روسيا.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مطّلع على الوضع، أن الجانب الأمريكي لا يضع نصب عينيه مهمّة دفع أوكرانيا إلى طاولة المفاوضات، بل يهدف طلبه إلى ضمان استمرار حصول كييف على الدعم من الدول الأخرى التي تصطدم بخشية الناخبين فيها من استمرار النزاع سنواتٍ طويلة.
طبعاً يأتي هذا التحوّل الأمريكي المفاجئ من مفاوضات السلام في أوكرانيا مع تقدّم حظوظ الحزب الجمهوري في الفوز في انتخابات التجديد النصفي لمجلسي الكونغرس والشيوخ، وهو ما قد يكون مناورة ديمقراطية للخروج من عنق الزجاجة التي وضعهم فيها بايدن، الأمر الذي تلقفه الجمهوريون الذين سارعت النائبة في ولاية جورجيا عن حزبهم مارغوري تايلور غرين إلى إطلاق الوعود بإيقاف المساعدات عن أوكرانيا، في حال استعاد الجمهوريون السيطرة على الكونغرس.
وعلى ما يبدو وفي كل محرقة يكون هناك حاجة إلى كبش فداء للتضحية به، وهو ما أشار إليه السياسي الفرنسي فلوريان فيليبوت، الذي قال: إن الرئيس الأمريكي سيتخلص من الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، عندما سيستغني عن خدمات نظام كييف “الدمية”.
وكتب فلوريان على “تويتر”: “لقد سئمت الحكومة الأمريكية من زيلينسكي، وأصبحت تطالبه بالتفاوض مع روسيا.. عندما تنتهي حاجة الولايات المتحدة إلى دميتها، فإنها، وكما هو الحال دائماً، ستتخلّص منها”.
أما أوروبياً فيبدو أن البرد القادم الذي سيؤدّي حتماً إلى سقوط حكومات ووصول أخرى إلى الحكم في القارة العجوز، جعل التصريحات المعاكسة تظهر إلى العلن وتدعو إلى تقديم المصالح الأوروبية على الأمريكية والدعوة إلى حل سلمي في أوكرانيا، فقد قال رئيس وزراء إيطاليا السابق ورئيس حركة “خمس نجوم” الإيطالية جوزيبي كونتي: لا يمكن اختزال المصالح الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي في مصالح واشنطن، داعياً الاتحاد إلى أخذ زمام المبادرة لحل الأزمة الأوكرانية سلمياً.
وأضاف كونتي: “يجب على الاتحاد الأوروبي السعي وراء مصالح استراتيجية لا يمكن حصرها في مصالح واشنطن. يجب أن يرفع رأسه، يجب أن تظهر أوروبا قيادة ذات صدقية يمكن أن تؤدّي إلى حل مستدام ودائم لهذا الصراع”.
ولفت كونتي، إلى أن الحكومة الإيطالية الجديدة يجب أن تسعى إلى تنفيذ مثل هذه الاستراتيجية في إطار الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، كما انتقد خطط توريد أسلحة جديدة إلى كييف، قائلاً: “نعتقد أنه يجب الآن وقف إطلاق النار ويجب القيام بهذا التحوّل نحو المفاوضات، لا نعتقد أنه من الصواب اتباع استراتيجية توريد أسلحة جديدة، لقد قمنا بتسليح أوكرانيا بالكامل، والآن نحتاج إلى منعطف نحو وقف إطلاق النار ومفاوضات السلام”.
ويبدو جليّاً ممّا ورد أعلاه أن هناك تخوّفاً في أمريكا وأوروبا من الغضب الشعبي بسبب العقوبات الغربية على روسيا التي أدّت إلى مشكلات اقتصادية وتضخّم وأزمات غذاء وطاقة أصابت العالم أجمع وكان مفعولها عكسياً، وهذا التخوّف جعل من الرؤوس الحامية في الحكومات الغربية تبرد قليلاً ولكنها قد تكون مجرّد تصريحاتٍ وتسريباتٍ مهمّتها الأساسية امتصاص الغضب الشعبي.
إبراهيم ياسين مرهج