تحقيقاتصحيفة البعث

هطولات اللاذقية تكشف هشاشة الإجراءات والتدابير الغارقة في تشابكات العائدية والتمويل!!

أظهرت باكورة الهطولات المطرية في اللاذقية هذا الموسم اختناقات متجددة في تصريف الجريانات وتفادي حدوث الاختناقات، فمع كل موسم مطري، رغم ما يحمله من خير، يأتي مشهد الاختناقات صادماً ومستغرباً بعد حديث متكرر وطويل على مدى أشهر الصيف من الجهات والمديريات المعنية عن إجراءات وتدابير لتخليص المدينة من هواجس الشتاء المربكة في ضوء ما يحمله من سيول واختناقات. وعلى ما يبدو أنّ شبكات التصريف المطري لا تزال هي الأخرى غارقة في تشابكات وتداعيات العائدية والتمويل، ناهيك عن كونها شبكات قديمة تحتاج إلى الصيانة الدورية وإجراءات الجاهزية لتكون قادرة فنيّاً على استيعاب الغزارات الكبيرة التي تشهدها شتاءات اللاذقية منذ سنوات ماضية. وليس ما حصل مؤخراً جراء الأمطار الغزيرة وما تسبّبت به من اختناقات في عدد من الشوارع، إلّا مشهدا مكررا استنفرت له مديريات النظافة والخدمات والصيانة لفتح أماكن الاختناقات وتسليك فتحات التصريف. وبمؤازرة من فوج الاطفاء وورشات الطوارئ في شركة الصرف الصحي وعناصر من شرطة المرور المتواجدة في مواقعها.

غياب خطط الصيانة!

وبحسب المعنيين فإنّ الاختناقات حصلت نتيجة عدم قدرة المصارف المطرية على استيعاب الغزارات خلال الذروة المطرية وإغلاق بعضها بالأتربة ومخلّفات الأشجار من أغصان وأوراق وبقايا والأكياس التي تجرفها مياه الأمطار معها، ولا يمكن أن ننسى ما حصل في الماضي القريب عندما فعلت العواصف فعلها  مُلحقة الأضرار الكبيرة في مختلف القطاعات جراء الاختناقات الحاصلة بفعل ضعف الطاقة التصريفية للجريانات المتدفقة إلى الفوهات. وإذا كانت شبكة مدينة اللاذقية على واقعها الراهن تطرح العديد من إشارات الاستفهام عن غياب خطط تجديدها واستبدالها تدريجياً ونقول – تدريجياً – لأن هناك من يمكن أن يسوّغ بأنّ طول أقنية الصرف المطري عشرات الكيلومترات، وهذا التسويغ غير مقنع لو تمّ إنجاز التجديد سنوياً على مراحل وأجزاء،  أمّا فصل الصرف الصحي عن المطري فهذا لم يكن كافياً.

سؤال مشروع

السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا لا يزال مرفق الصرف المطري خارج الهيكلية المطلوبة والعائدية المحددة تمويلاً وتنفيذاً وصيانةً وهذا بالغ الأهمية لدعم وتجهيز هذا المرفق الضروري لمواجهة الاختناقات والتخفيف من عواقبها، فإلى الآن ومع كل هطل غزير تستنفر ورشات عدة جهات ومؤسسات للقيام بالتعزيل والتسليك والتصريف، وأمّا الصيانة الاستباقية الشاملة والضرورية فلها شجونها التمويلية التي تدفع إلى تراكمات وتشابكات مالية بين شركة الصرف الصحي ومجلس المدينة دون حلّ المشكلة منذ ١٠ سنوات لم تحصل فيها الشركة على مستحقاتها المترتبة جراء إنجاز أعمال صيانة على مدى سنوات رغم المطالبة المتكررة بهذه المستحقات!

باتت مكلفة

يقول مدير عام الشركة العامة للصرف الصحي في اللاذقية المهندس طلال غانم إنّ الشركة العامة للصرف الصحي هي جهة متعهّدة عند مجلس المدينة الذي تعود إليه شبكة الصرف المطري المكوّنة من ٢٠ ألف فوهة مطرية و٢٠ كم من أقنية الصرف المطري المغطّاة والمكشوفة والبيتونية والترابية في مختلف محاور الشبكة ومواقع تصريف الفيضانات، ويؤكّد أنّ أعمال الصيانة باتت مكلفة وتفوق طاقة الشركة التي لا تتوفر لديها الاعتمادات التي تغطّي هذه الأعمال، ولفت إلى أنّه برغم ذلك نفّذت الشركة خطة صيانة شاملة لمختلف محاور شبكة الصرف المطري ويتعذر عليها إنجاز الصيانات الفنيّة للعام القادم لأنّ هذه الصيانة تنفذها الشركة على مدى سنوات وبات من الضروري استدراك ومعالجة تراكم مستحقاتها لتتمكن من إنجاز أعمال الصيانة .

معاناة كبيرة!

ولم ينفِ غانم المعاناة الكبيرة التي تتكرر في الهطولات الغزيرة التي تؤدي إلى تراكم الأتربة والمخالفات والبقايا التي تغطّي الفوهات المطرية وتسبب انسدادها وإغلاقها وهذا ما يجعل ورشات الشركة والمؤسسات المعنية لإزالة وتعزيل الفوهات لتصريف الجريانات.

وسألنا مدير النظافة المهندس عمّار القصيري عن إمكانية تفادي تكرار إغلاق الفوهات المطرية جراء تراكم المخلّفات والبقايا والأوراق والأغصان وما تتسبب به الاختناقات من أضرار كبيرة عندما يكون الهطل غزيراً، فبيّن أنّ ورشات وكوادر النظافة تزيد من تواجدها وانتشارها في المنخفضات الجوية والأجواء الشتوية على نحو أكبر ومضاعف وتكثّف أعمال ترحيل القمامة وتنظيف الشوارع والساحات وتسارع إلى إزالة أي تجمّع أو تراكم للبقايا والأوراق والأكياس وتعزيل فوهة المصرف المطري، وبالأخص أن الاختناقات تحصل بشكل أكبر  في المناطق المنخفضة مع  تجّمع الأتربة وأكياس النايلون وهذا يحول  دون تصريف المياه بالسرعة المطلوبة و حدوث الاختناقات رغم انتشار  وتواجد فرق عمل النظافة والصيانة وشركة الصرف الصحي، مشيراً إلى  أنّ الغزارة الكبيرة وانجراف النفايات الورقية والأكياس والأغصان المتساقطة تؤدي إلى اختناقات وسرعان ما يتمّ التعامل مع الوضع بإعادة تنظيف الفوهات المطرية وتسليك وتمرير المياه وتصريفها، بالتوازي مع إزالة نواتج الرمي العشوائي والمواد البلاستيكية وبما يساعد على تصريف ومعالجة أية اختناقات في أي منخفض جوي.

وأيضاً من الضروري تفادي الاختناقات في السواقي والمجاري المائية بإجراء أعمال التعزيل التي تعتبر بالغة الأهمية لتصريف الجريانات والاختبارات، وبحسب ما بيّنته مديرية الموارد المائية فإنها تنفّذ  أعمال التعزيل في أماكن الاختناقات على الساقية الممتدة من قرية برنه إلى العليمية بريف اللاذقية، وأنّ ورشات المديرية أنهت تعزيل وترحيل الأتربة والأوساخ من عبّارة كرسانا و تعزيل وترحيل الأتربة والأوساخ من فتحات الجسر والمجرى المائي على طريق عام اللاذقية كسب موقع سد بلوران.

اللاذقية – مروان حويجة