هل تكون ألمانيا مفتاح التعاون الأوروبي مع الصين؟
ترجمة وإعداد: هناء شروف
زار المستشار الألماني أولاف شولتز الصين يوم الجمعة الماضية مع وفد من كبار رجال الأعمال، وهو أول زعيم من الاتحاد الأوروبي يزور الصين منذ اختتام المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني، الذي أكد سياسة الصين في تعميق الإصلاح، وتوسيع الانفتاح، ودعم التنمية السلمية.
بعد أيام من المؤتمر العشرين للحزب، أصدرت وزارة التجارة واللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح “كتيب 2022 للصناعات” لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، ما يعكس التزام الصين بمزيد من الإصلاح والانفتاح على مستوى أعلى. كلّ هذه علامات مطمئنة للأشخاص الذين يدرسون مسار التنمية المستقبلية للصين، على الرغم من الحملة المتهورة المعادية للصين التي تقودها واشنطن، والنفوذ الأمريكي المفرط على العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
لقد أوضح شولتز دعمه للعولمة الاقتصادية، ومعارضة تراجع العولمة، كما ندّد بمحاولات بعض الدول الانفصال عن الاقتصاد الصيني. وأكد أن الصين كانت أكبر شريك تجاري لألمانيا على مدى السنوات الست الماضية، ولدى الشركات الألمانية وجود كبير في الصين، بدءاً من توليد الطاقة إلى أجهزة السيارات وأدوات الطهي.
لا ينبغي إثارة الخوف الهستيري من الصين والاعتماد الاقتصادي المتبادل في عالم العولمة، فذلك لن يمنع الصين وألمانيا من السعي إلى تعاون مربح للجانبين، حيث يكمل الاقتصادان بعضهما البعض في العديد من المجالات، بينما تتعاون شركاتهما وتتنافس مع بعضها البعض في السوق العالمية.
إن إعلانات الشركات الألمانية خلال الأشهر الماضية زيادة الاستثمار في الصين، والاستثمارات الضخمة في قطاع السيارات الكهربائية من قبل شركات صناعة السيارات الألمانية مثل “فولكس فاجن” تبشّر بالخير للتعاون الاقتصادي الثنائي.
ومثل هذا التعاون، والاعتماد المتبادل موضع ترحيب، لأن البديل سيكون عالماً وحشياً ومنقسماً، ما قد يؤدي إلى اندلاع حرب باردة جديدة، وتعرف ألمانيا جيداً عواقب مثل هذا السيناريو، لأنها عانت أكثر من أي دولة أخرى من خلال تقسيمها بشكل مؤلم إلى قسمين بسبب الحرب الباردة. وسيكون الجميع أسوأ حالاً في عالم منقسم، وسيكون من المستحيل التصدي بفعالية للتحديات المشتركة، والتهديدات الوجودية مثل تغيّر المناخ، والانتشار النووي، والأوبئة، وتباطؤ النمو العالمي.
قام شولتز بأول زيارة له للصين بصفته مستشاراً لألمانيا، وهو ليس غريباً عن هذا البلد لأنه كان عمدة سابقاً لهامبورغ، وهي مدينة شقيقة لشنغهاي، وشغل مناصب عليا في الخزانات الألمانية السابقة. كما أن هناك العديد من المصالح المشتركة بين الصين وألمانيا، ولكن هناك أيضاً خلافات بعضها طويل الأمد، ولا يمكن حلّ هذه الخلافات إلا من خلال الحوارات القائمة على الاحترام المتبادل.
قالت بعض وسائل الإعلام الغربية إنه بعد أن يزور شولتز الصين، من الأفضل أن يثير مع كبار القادة الأوروبيين مسألة الوصول الأوسع إلى السوق الصينية، فالبرلمان الأوروبي هو الذي منع التصديق على الاتفاقية الشاملة للاستثمار بين الصين والاتحاد الأوروبي، والتي كانت ستمنح شركات الاتحاد الأوروبي وصولاً أوسع إلى السوق الصينية الواسعة. لذلك يجب على البرلمان الأوروبي المصادقة على الاتفاقية في أقرب وقت ممكن، ليس لمصلحة الصين، ولكن للمساعدة في تعزيز اقتصاد وشركات الاتحاد الأوروبي.