أزمة الغذاء موجودة سابقاً.. ولكن الدعاية الغربية هي التي ظهّرتها
تقرير إخباري:
تحاول الدول الغربية الإيحاء بأن السبب المباشر لأزمة الغذاء العالمية في الوقت الراهن، هو العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا وتداعياتها على صعيد عدم إمكانية نقل الحبوب الأوكرانية إلى دول العالم، وكأنها أصبحت المصدّر الوحيد للحبوب على مستوى العالم.
ورغم أن روسيا أكدت مراراً أن الأزمة الحالية هي نتيجة طبيعية للسياسات الغربية الفاشلة التي أدّت إلى توزّع الثروة في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية على حساب دول الجنوب الفقيرة، وأن النظام الرأسمالي الغربي هو المسؤول مباشرة عن ذلك، غير أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين يصرّون على تحميل روسيا مسؤولية ذلك، في محاولة لصرف نظر الدول الفقيرة عن هذه الحقيقة.
وحتّى عندما وافقت موسكو على صفقة الحبوب لتمكين أوكرانيا من تصدير حبوبها إلى العالم، تبيّن أن حجم الحبوب المصدّرة إلى الدول الفقيرة لا يتجاوز 3% من إجمالي صادرات الحبوب الأوكرانية، بينما ذهب أغلبها إلى الدول الغنية.
فقد ارتفعت مؤشرات أسعار الغذاء بشكل كبير في معظم دول العالم ودول أوروبا نتيجة قلّة العرض للمنتجات الغذائية، ما يثير المخاوف حول حقيقة الواقع الغذائي للدول والأفراد على حدّ سواء، وتشهد الأزمات الغذائية تعاظماً في البلدان الأشدّ فقراً، حيث مشاهد الجوع أو سوء التغذية المترافق مع الأزمة الاقتصادية التي تجتاح العالم، وخاصة في الإنتاج الزراعي ومدخلاته من صناعات زراعية، يُضاف إليها المنتجات الحيوانية التي ترافق عملية التصنيع للمنتجات الغذائية.
الدراسات أكدت أن تاريخ الأزمة الغذائية لم يكن هذا العام، ولكن آثارها ظهرت خلال هذا العام في معظم الدول والمجتمعات العديدة وخاصة تلك التي كانت بعيدة عن سيناريو الأزمة هذا.
وعلى الرغم من أن الأزمة الغذائية ظهرت في دول العالم الثالث والدول الإفريقية منذ زمن بعيد، إلا أنها لم تكن تأخذ هذا الضخّ الإعلامي كما هو الحال اليوم، حيث يأخذ موضوع الأزمة الغذائية صدى إعلامياً غير مسبوق، أرجعه أصحاب الاختصاص إلى اكتواء الدول الأوروبية، والعظمى منها خاصة، بنار الأزمة، حيث لم يكن من المتوقع أن تتأثر بهذا النوع من الأزمات.
ولكن الحرب في أوكرانيا زادت الأسعار عالمياً بنحو أربعين بالمئة مقارنة بما قبلها، وذلك بسبب الضغط الكبير على حوامل الطاقة وارتفاع أسعارها، إضافة إلى انقطاع مادة الأسمدة عالمياً، وارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق، فالغاز الطبيعي هو الأهم في صناعتها، ولأن متتالية الصناعات الغذائية مرتبطة ببعضها، فان أجور النقل واليد العاملة وعمليات الحصاد دخلت في الأسباب التي جعلت الأمن الغذائي في خطر، ويبدو أن الدولار كان له تأثيره في ارتفاع مدخلات الزراعة وحوامل الطاقة، لأن العلاقة بين الدولار والسلع الغذائية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً.
بعض الخبراء يرون أن التغيّر المناخي والبيئي لعب دوراً سلبياً في الأزمة الغذائية، فهناك مشكلات مختلفة منها قلّة المياه وانتشار التصحر والارتفاع في درجة حرارة الأرض والذوبان الثلجي وارتفاع منسوب المحيطات الذي يهدّد بخطر كبير في المستقبل القريب، وزيادة الآفات الزراعية ومشكلات البيئة نتيجة ارتفاع منسوب ثاني أوكسيد الكربون في الجوّ الذي أثّر سلباً في القيمة الغذائية للنبتة الواحدة، كل ذلك كان من الأسباب الرئيسة لوصول أزمة الغذاء إلى هذه المرحلة من الخطورة.
ولكن الأهم من كل ذلك، أن السبب الرئيس لتصاعد الأزمة وظهورها بهذا الشكل المرعب، هو إصرار الدول الغربية على فرض عقوبات على روسيا أدّت بالمحصلة إلى ارتفاع أسعار حوامل الطاقة واضطراب سلاسل التوريد، فضلاً عن التضخم وزيادة الأسعار عالمياً.
ميادة حسن