من يراقب من؟
معن الغادري
غالباً ما يقتصر دور مديريات السياحة على جوانب الترميم والتأهيل، وقضايا الاستثمار ومنح استمارات الترخيص، وإقامة الحفلات والمهرجانات الفنية في المواسم، على حساب الدور الأهم المنوط بها وهو مراقبة آلية عمل المنشآت والمطاعم المصنفة سياحياً، والتأكد من مقاييس ومعايير جودة منتجها. ما دفعنا إلى إثارة هذه الجزئية المهمة في عمل القطاع السياحي، هو تغييب الدور الرقابي على المنشآت السياحية بتنوع سويتها، وعدم تفعيل دور الضابطة العدلية السياحية، والضابطة العدلية المشتركة، التي نصت عليها المادة العاشرة من القانون 23 لعام 2022، الصادر قبل حوالي خمسة أشهر من الآن، والمنوط بها مهام الرقابة الدورية على المنشآت وضبط المخالفات وتنظيم الضبوط اللازمة بحق المنشآت المخالفة. ويرأس الضابطة ممثلاً عن مديرية السياحة، وتضم في عضويتها ممثلين عن كافة المديريات والمؤسسات المعنية، منها حماية المستهلك والمفترض أن تكون أكثر حضوراً وتأثيراً في هذا الملف بالتنسيق مع السياحة، واتخاذ اجراءات استباقية لمنع ارتكاب المخالفة، خاصة بما يتعلق بالمخالفات الجسيمة، والتي تؤدي إلى إلحاق الأذى والضرر الكبيرين بسلامة وصحة المستهلك، وهو ما حدث قبل أيام قليلة في أحد المطاعم المصنفة سياحياً، إذ أصيب ثلاثة أشخاص بحالات تسمم كادت أن تودي بحياتهم، نتيجة تناولهم طعام فاسد قدمه المطعم لهم.
بطبيعة الحال، لم تمر هذه الحادثة مرور الكرام، بل سارعت مديرية السياحة إلى متابعة هذه الحادثة، واتخاذ ما يلزم قانوناً تجاه هذه المخالفة الجسيمة، وتسطير الضبط العدلي اللازم وإحالة مرتكب المخالفة إلى القضاء، وفق ما أكدته مديرية السياحة في وقتها، وهو أمر جيد، ولكن اللافت في الأمر أن وزارة السياحة، وعلى خلفية هذه الحادثة سارعت مباشرة إلى تشكيل لجنة الضابطة العدلية التي نص عليها القانون رقم 23 لعام 2022، ووجهت بتفعيل عمل الضابطة، وتشديد الرقابة على المنشآت السياحية والمطاعم، وجودة منتجها. وهنا يكبر السؤال: هل كانت الوزارة تنتظر حدوث حالة تسمم أو غيرها من المخالفات الجسيمة لتشكيل اللجنة وتفعيلها بهذه السرعة، والسؤال الأهم: من يتحمل مسؤولية عدم تنفيذ المادة العاشرة من القانون 23، بعد مضي أكثر من خمسة أشهر على صدور القانون؟ الوازرة أم مديريتها في حلب؟ ويبقى السؤال الأهم في معادلة حماية المستهلك الأكثر تعقيداً وتشابكاً، وهو “من يراقب من؟” في مشهد الأسواق اليومي، والذي أكثر ما يشبهه، المسلسل الشهير “حارة كل مين ايدوا إلو”.