احتجاجات العمال في أوروبا تهدّد بإسقاط الحكومات
تقرير إخباري:
موجة من الإضرابات تجتاح العواصم الأوروبية على خلفية مشكلات التضخّم وارتفاع أسعار حوامل الطاقة وتكاليف المعيشة، وذلك نتيجة للسياسات الاقتصادية الخاطئة التي اتخذتها بروكسل، وخصوصاً فيما يتعلّق بالموقف من العقوبات الغربية المفروضة على روسيا من جانب واحد، الأمر الذي انعكس سلباً وبالدرجة الأولى على اقتصادات الدول الأوروبية، باعتراف كبار منظّري السياسة الاقتصادية الأوروبية، وحتى المفوّضية ذاتها، التي رغم إعلانها غير مرة أن العقوبات الغربية على موسكو ستنعكس سلباً على اقتصادات منطقة اليورو، إلا أنها استمرّت في السير على النهج العدائي تجاه روسيا، ظناً منها أن موسكو سترفع الراية البيضاء نتيجة لهذه العقوبات.
فبعد إضرابات قطاع النقل العام التي دعت إليها النقابات العمالية في باريس، اليوم الأربعاء، للمطالبة بالحدّ من ارتفاع الأسعار، حيث حذّرت الشركة المشغّلة لقطاع النقل في العاصمة الفرنسية من اضطراباتٍ كبرى قد تشهدها باريس على مستوى خدمات المترو وقطار الأنفاق، واصل العمال في اليونان إضراباً يستمر 24 ساعة مطالبين بزيادة الأجور لمواجهة التضخّم الجامح، وذلك في الوقت الذي أدّى فيه ارتفاع أسعار الطاقة وتكلفة المعيشة في أوروبا إلى إضرابات واحتجاجات عمالية في أنحاء القارة، واندلعت اشتباكات لفترة وجيزة خارج البرلمان بين محتجّين يلقون الزجاجات الحارقة وشرطة الشغب التي أطلقت الغاز المسيّل للدموع في اثينا.
والإضراب في أثينا هو الأحدث في أوروبا، حيث تسبّب تزايد تكاليف المعيشة وارتفاع أسعار الطاقة، بعد العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا، بأن يدعو العمال إلى إضرابات هذا الشهر في بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد في القارة.
وكانت الحكومة اليونانية أنفقت أكثر من تسعة مليارات يورو منذ أيلول 2021 على دعم الطاقة وإجراءات أخرى لتخفيف آثار ارتفاع الأسعار عن المزارعين والأسر والشركات، ووعدت بزيادة رواتب التقاعد في العام المقبل للمرة الأولى منذ الأزمة المالية في البلاد، وكذلك زيادة الحد الأدنى للأجور مجدّداً، ولابد من الإشارة إلى أن الاقتصاد اليوناني ينمو بمعدل يقارب مثلَي نظيره في منطقة اليورو هذا العام بفضل انتعاش السياحة، ولكن التضخّم يقترب من أعلى مستوياته في ثلاثة عقود عند 12%، وهو واحد من أعلى المعدلات في دول منطقة اليورو وعددها 19 دولة.
ومن هنا، يبدو أن الإضرابات العمالية في منطقة اليورو مرشحة لمزيد من التصاعد في الأيام المقبلة، على خلفية المشكلات الاقتصادية المتشابهة التي تعانيها الدول الأوروبية مجتمعة، وربما تتصاعد على مبدأ أحجار الدومينو، وخاصة أنه لا يظهر في الأفق أن لدى السياسيين الأوروبيين قدرة على معالجة الأسباب الحقيقية التي تقف خلف هذه الحالة، وأن الحقن المهدّئة التي تقدّمها الحكومات الأوروبية بين الفينة والأخرى لا يمكن لها أن تحل محل العلاج الجذري مع هذا المرض الذي يبدو أنه سيكون مزمناً مع اشتداد فصل الشتاء، وبالتالي فإن الشوارع الأوروبية مرشّحة هي الأخرى لمزيد من الاضطرابات والاحتجاجات التي يمكن أن تتحكم بالمحصلة بمصير هذه الحكومات.
ميادة حسن