“التجديد النصفي” يعزّز الانقسام في الشارع الأمريكي
تقرير إخباري:
تحوّلت انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في الولايات المتحدة التي تشهد تنافساً شرساً بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إلى ما يشبه جرد حساب لإخفاقات الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس الديمقراطي جو بايدن الذي تحوّل مع سلفه الجمهوري دونالد ترامب إلى رمزين للانقسام العمودي الذي يضرب المجتمع الأمريكي، وكانت التصريحات والتصريحات المضادة التي بلغت حدّ التجريح، هي ما يميّز هذه الانتخابات.
وغلب على تصريحات بايدن وترامب المتبادلة التحذير من أن فوز الطرف الآخر بالانتخابات، سيرتدّ وبالاً على أمريكا ووحدتها وديمقراطيتها، وفي الوقت نفسه شهدت الانتخابات تعزيزاتٍ أمنية غير مسبوقة وتحرّكاتٍ لعناصر ملثمة ومسلّحة تجوّلت على مراكز الاقتراع بحجّة حماية العملية الانتخابية.
ومع إغلاق صناديق الاقتراع في الولايات الأمريكية، وبدء فرز الأصوات ظهر التقارب في النتائج في مجلس الشيوخ الذي يتكوّن من 100 عضو، فقد تحصّل الحزبان على 48 عضواً لكل منهما في انتظار الكشف عن نتائج الـ4 مقاعد المتبقية لمعرفة من يسيطر على الأغلبية، أما على صعيد مجلس النواب فقد أظهرت النتائج الأولية تقدّماً للجمهوريين بفارق كبير عن الديمقراطيين، كما تبيّن النتائج تقدّم الجمهوريين على صعيد حكام الولايات.
في الأثناء، أفاد استطلاع أجرته شبكة “CNN” وشبكات إخبارية أخرى بواسطة “Edison Research” بأنّ الناخبين في انتخابات التجديد النصفي لهذا العام “غير راضين على نطاق واسع عن حالة الأمة، ويحمّلون النتائج السلبية للرئيس جو بايدن”.
وقال أكثر من 7 من كل 10 ناخبين: إنّهم غير راضين عن الطريقة التي تسير بها الأمور في البلاد، وإنّهم غاضبون من حال الأمة، كما بيّنت الاستطلاعات، أنّ 73% من الأميركيين “غاضبون” أو “غير راضين” عن الطريقة التي تسير بها الأمور في عهد بايدن، مشيرةً إلى أنّ “الناخبين في هذه الانتخابات كانوا أكثر احتمالاً لمعارضة بايدن بقوّة بمقدار الضعفين من الذين سيوافقون عليه بشدة”.
وقال نصف الناخبين: إنّ “سياسات بايدن تضرّ بالبلاد في الغالب”، بينما قال نحو 36%: إنّ “سياساته تساعد في الغالب”. أمّا الباقي، فقال: إنّ “سياساته لا تحدث أي فرق”.
كذلك أظهرت بيانات الاستطلاع أنّ 46% من العائلات قالوا: إن مواردهم المالية “أسوأ” ممّا كانت عليه قبل عامين.
ولم يرَ العديد من الناخبين تصويتهم في الكونغرس استفتاءً على الرئيس. ووفقاً للاستطلاعات، فإنّ ما يقارب نصفهم قالوا: إنّ بايدن لم يكن عاملاً في تصويتهم، بينما قال نحو 18%: إنّ تصويتهم كان للتعبير عن دعمهم لبايدن، وقال حوالي الثلث: إنّه كان للتعبير عن معارضتهم له.
وفي سياق آخر، أظهرت النتائج الوطنية الأولية لاستطلاع يوم الاقتراع الذي أجرته شبكة “CNN” وشبكات إخبارية: أنّ “هناك انقساماً حزبياً كبيراً في أولويات الناخبين ومواقفهم هذا العام”.
وأفادت بيانات الاستطلاع، أنّ “ما يقارب نصف الناخبين الذين أيّدوا مرشحاً من الحزب الجمهوري في مجلس النواب وصفوا التضخم بأنه القضية الأولى، مع أقل من 15% اختاروا أي قضية أخرى أولوية لهم”.
في المحصلة، لم تكن الانتخابات كما توقعها أي من الطرفين، فلا هي كانت مدّاً جمهورياً أحمر كما قال ترامب في وقت سابق، ولا كانت نتائجها مواتية لبايدن كما تمنى الرئيس الحالي، بل كانت أقرب ما تكون إلى مشهد مصغّر لما يمكن أن تصبح عليه الأوضاع في أمريكا في المستقبل القريب أو البعيد، أي انقسام حادّ في المجتمع الأمريكي قد يتحوّل فيما بعد إلى حرب أهلية، كما توقع الكثير من السياسيين والصحفيين والمحللين الأمريكيين.
إبراهيم ياسين مرهج