المؤسسة الغربية مصيرها الاستسلام
هيفاء علي
منذ بدء العملية العسكرية الخاصة الروسية، حاول الغرب إضعاف روسيا من خلال تشكيل تكتل دولي واسع ضدها، لكن بعد مضي 8 أشهر، حدث العكس. بمعنى أن الأكثرية الساحقة من دول العالم رفضت تطبيق العقوبات الغربية ضد روسيا، بل وضاعفت مبادلاتها التجارية معها.
وقد نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مؤخراً مقالاً حول المبادلات التجارية الدولية مع روسيا منذ إطلاق العملية العسكرية في أوكرانيا، مشيرةً إلى أن هذه التجارة ازدهرت وبلغت مستوى عالياً رغم العقوبات الغربية، وأنه رغم أن عدداً من دول العالم قطع علاقاته مع روسيا وفرض عقوبات اقتصادية بهدف إلحاق الضرر باقتصادها، إلا أن هذا الهدف لم يتحقق حتى الآن، بل على العكس تواصل روسيا توثيق وترسيخ شراكاتها التجارية مع معظم دول العالم باعتبارها أكبر منتج عالمي للنفط والغاز ومواد أولية استراتيجية أخرى.
بلغة الأرقام والإحصاءات، واستناداً إلى متوسط حجم التجارة الشهري منذ إطلاق العملية العسكرية الخاصة، مقارنةً بمتوسط السنوات الخمس الماضية، فإن البلدان التي زاد حجم تجارتها مع روسيا بشكل كبير منذ 24 شباط الماضي هي الهند (+310٪)، وتركيا (+198٪)، والبرازيل (+106٪)، والصين (+64٪).
ولفتت الصحيفة إلى أن الصين تظل الشريك الاقتصادي والتجاري الرئيسي لروسيا الاتحادية بحجم تجارة إجمالي يفترض أن يتجاوز في نهاية هذا العام رقم 170 مليار دولار. وفي العام المقبل، سيكون الهدف هو كسر الرقم القياسي مرة أخرى للوصول إلى ما يعادل 200 مليار دولار. وهناك أيضاً زيادة كبيرة في التجارة الروسية مع السعودية (+36٪)، ومع جنوب أفريقيا (+10٪)، والأخيرة أيضاً عضو في مجموعة “البريكس” مع موسكو وبكين ونيودلهي والبرازيل.
بناءً على هذه البيانات، وبحسب الصحيفة الأمريكية، إذا رغب الغرب في معاقبة الجهات الحكومية والخاصة في البلدان المذكورة، مع الأخذ في الاعتبار أن الغالبية العظمى من أعضاء المجتمع الدولي رفضت الالتزام بالعقوبات الغربية ضد موسكو، فإن ذلك يعني معاقبة سكان تلك الدول، أي ما لا يقلّ عن 3.2 مليارات شخص. وما يثير الاستغراب في هذا الوضع هو أن العديد من الأنظمة الغربية، التي التزمت رسمياً بالعقوبات المفروضة على روسيا، زادت من حجم تبادلاتها مع موسكو خلال هذه الفترة، مثل بلجيكا (+81٪)، إسبانيا (+57٪)، هولندا (+32٪)، النرويج (+16٪)، ناهيك عن النظام الموالي للغرب في اليابان (+13٪).
وأضافت الصحيفة: في هذه الحالة، هل ستفكر واشنطن وبروكسل في معاقبة أنظمتهما المقهورة؟ يكمن التناقض في حالة بلجيكا مثلاً، حيث إن بروكسل ليست فقط المقرّ الرئيسي للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، ولكنها أيضاً عاصمة الدولة البلجيكية. وبحسب محلل روسي، فإن الأمر الأكثر أهمية في هذا الموقف هو أنه سيظهر مرة أخرى بشكل وافٍ أنه في إطار العالم متعدّد الأقطاب لا يدور العالم حول الغرب، وأن أقلية كوكبية متطرفة تفقد نفوذها ليس فقط على المستوى الجيوسياسي، بل وأيضاً على مستوى القوة الاقتصادية، والأهم من ذلك أن مواطني هذه الأنظمة لا يوافقون على سياساتها العدائية، ولهذا لا يمكنها ولن تكون قادرة على إعادة فرض إملاءاتها على الغالبية العظمى من الكوكب، وفي مرحلة ما لن يكون أمام المؤسّسة الغربية خيار سوى الاستسلام.