انطلاق الجلسات الحوارية حول الاستئناس الحزبي في اللاذقية
اللاذقية – مروان حويجة – آلاء حبيب
انطلقت اليوم في دار الأسد للثقافة بمدينة اللاذقية أولى الجلسات الحوارية التي يقيمها فرع اللاذقية للحزب حول تقييم تجربة الاستئناس الحزبي.
وشهدت الجلسة نقاشاتٍ حوارية واسعة حول إيجابيات وسلبيات الاستئناس الحزبي، وأظهرت الحوارات تبايناً في آراء الرفاق والرفيقات الذين أجمعوا على أهمية تجربة الاستئناس كاستحقاق ديمقراطي حزبي ما يوجب تصويب مساره وتعزيز نجاحه للحفاظ عليه، وأشار بعض الرفاق إلى ملاحظاتهم النقدية حول التعليمات والتوجيهات والآليات المتعلّقة بالاستئناس.
ففي حين كانت هناك مداخلات حول إلغاء الاستئناس لعدم جدواه في ظل بعض المعايير والآليات والثغرات، طالب معظم الرفاق بإعادة النظر به وتصويبه والحفاظ عليه، بينما وجد عدد من الرفاق أن التعيين يمكن أن يكون بديلاً في ظل عدم صوابية الاستئناس بشكله الراهن.
وفي الوقائع الحوارية، كانت الملاحظات التي قدّمها المتحاورون كثيرة ولامست التجربة بعموميتها، وأيضاً من تجربة شخصية لرفاق حملت إليهم عملية الاستئناس مظلمة، وجرى طرح الكثير من الرؤى والانطباعات في الجلسة الحوارية التي أنجزت أعمالها بحضور أعضاء اللجنة المركزية للحزب والرفاق أمين وأعضاء قيادة فرع الحزب.
وعرض الرفيقان عامر فحام رئيس مكتب التنظيم والدكتور عصام درويش رئيس مكتب الإعداد لمحاور الجلسة التي خصّصت اليوم للرفاق في مجال شعب المدينة الثلاث والمنطقتين الأولى والثانية، وتلا الرفيق رئيس مكتب التنظيم تعميم القيادة وبنوده وأهدافه والبيان التفصيلي لاستمارة الاستبيان، مشيراً إلى المجال المتاح أمام الرفاق لتقييم الاستئناس في سلبياته وإيجابياته، بينما أشار الرفيق درويش إلى دور هذه الجلسة في ترسيخ ثقافة الحوار حول قضايا الاستئناس لتطويره وتعزيز تجربته.
بدورهما الرفيقان الدكتور محمد شريتح والمهندسة فيحاء طريفي عضوا اللجنة المركزية للحزب، اعتبرا أن هذه الجلسة الحوارية متفردة في نوعها وأهميتها وخصوصيتها، وتأتي بتوجيه من الرفيق الأمين العام للحزب السيد الرئيس بشار الأسد وإشراف قيادة الحزب للاستماع إلى طروح وآراء وملاحظات الرفاق بكل شفافية وروح المسؤولية في ضوء ما أفرزته الاستئناسات من معطيات تستوجب الوقوف عندها ومراجعتها.
وبعد فتح باب الحوار، قدّم الرفاق مداخلاتهم الحوارية، فأشارت عدة مداخلات إلى أنه على الرغم من أهمية الاستئناس كاستحقاق يفسح المجال واسعاً للرفاق البعثيين في اختيار ممثليهم إلى المجالس، وهذه تعدّ محطة نوعية، إلا أنّ تجربة الاستئناس الحزبي لم تنضج بعد، وهذا اتضح جليّاً في الخروق التي حصلت وعدم الالتزام الكامل بالتعليمات والتوجيهات، وهذا يتصل بحالة وعي وثقافة انتخابية وتعبير عن الممارسة الحزبية التي يُفترض أن تأتي داعمة ومعزّزة للممارسة الديمقراطية، وذلك لابدّ أن ينعكس على صورة وحضور الحزب في المجتمع من خلال ممثليه إلى المجالس، وهو من التحدّيات المطروحة أمام الاستئناس, مشيرين إلى ضرورة تدارك الثغرات التي اعترت الاستئناس مع الحفاظ عليه لأنه حالة حضارية.
وبيّن عدد من الرفاق المتحدثين أن الاستئناس هو حالة ديمقراطية ينتج عنها فوز مرشحين وخسارة آخرين، وأن الجهاز الحزبي يتطلع إلى فوز الأكثر تواصلاً مع قواعدهم الحزبية كحالة فاعلية، كاشفين عن تأثير المال السياسي في الاستئناس ونتائجه على حساب الخبرة والكفاءة والنزاهة والالتزام الحزبي، وعدم تمثيل جميع الشرائح والأطياف بتأثير الأمراض الاجتماعية والاعتبارات الشخصية والمحسوبيات والولاءات التي تقدّمت على الاعتبارات الموضوعية ليصبح الولاء قبل الانتماء.
واستأثر تمثيل العنصر الشبابي والنسائي بحيّز واسع من المداخلات لجهة ضعف التمثيل رغم التأكيدات المستمرة والتوجيهات الدائمة من الرفيق الأمين العام للحزب والقيادة بضرورة دعم حضور العنصر الشبابي والنسائي وزيادة تمثيله لما لذلك من أهمية كبيرة يُعوَّل عليها في بناء الوطن.
ووصف عدد كبير من الرفاق المداخلين الاستئناس الحزبي بالتجربة الإيجابية، وأنه عطاء كبير يتيح للرفاق دوراً كبيراً في اتخاذ القرار واختيار من يرونه جديراً بتمثيلهم، لافتين إلى أن هذه الأهمية بحدّ ذاتها تحتّم العمل على تعزيز هذه التجربة والحفاظ عليها وتنقيتها من الثغرات والشوائب التي تصدم الجهاز الحزبي، وضرورة الشرح الوافي لكل التعليمات الناظمة للاستئناس قبل وقت كافٍ ليكون الرفاق على بيّنة من هذه التعليمات للوصول إلى الاختيارات الصحيحة.
وتساءل عدد من الرفاق الشباب والإناث عن سبب استبعادهم من عضوية المكاتب التنفيذية رغم عدم وجود ما يمنع تمثيلهم، لأن التوجيهات الداعمة لهذا التمثيل لم تفصل بين المجالس من جهة والمكاتب التنفيذية من جهة أخرى، وأكّدوا أنّ الشباب والنساء هم الأقدر على إيصال أصوات الشريحة التي يمثلونها، وهذا لم يؤخذ بعين الاعتبار، ودعا عدد من الرفاق إلى التدقيق في حالات الخلل التي حصلت، ولاسيما فيما يتعلق بفرز الأصوات، وطالبوا بتوضيح الأسباب والمبرّرات التي أدّت إلى استبعاد مرشحين، ولاسيما لعضوية المكاتب التنفيذية، مع أنهم يجمعون بين العنصر الشبابي والنسائي، وعدم مراعاة التمثيل الاختصاصي لقطاع شعبة التربية لأنها تضمّ تربويين ومدرّسين ومعلّمين، وأيضاً قلة عدد الممثلين للشعب بما يوازي حجمها العددي وامتدادها الجغرافي، واعتبروا أن نسبة 13% وهي تمثيل النساء بمجلس المحافظة نسبة قليلة جداً ولا تليق بمحافظة اللاذقية، وشدّدوا على أهمية تعميم الشروط والتعليمات المطبّقة والملزمة للرفاق البعثيين على المرشحين الحياديين أيضاً من حيث الشهادة وعدد دورات الترشح والمهام القيادية والأهلية، كما طالبوا بضرورة أن يكون إجراء الاستئناس سابقاً لفترة التقدم بالطلبات إلى اللجنة القضائية ليتسنى للحزب اختيار ممثليه استئناساً، وهؤلاء يرشحون أنفسهم للانتخابات تالياً، وهذا يخفّف الكثير من الأعباء ويختصر الكثير من الازدحام والتراكمات، مع أولوية مراعاة التمثيل الكامل للأحياء والقرى والمناطق من خلال المرشحين المنتخبين في الاستئناس، وتم تأكيد ضرورة توضيح حالات الاستبعاد لمن حصل على مراكز متقدّمة ولم يتم اختياره، وعدم التركيز على المهام القيادية السابقة عند الاختيار واتباع دورات قيادية وتثقيفية كمعيار أساسي في تقييم المرشحين والمفاضلة فيما بينهم مع الأولوية لمعيار الالتزام، لأن هناك رفاقاً ترشحوا للاستئناس دون أن يكون لهم أي وجود سابق في ميدان العمل الحزبي وربط الترشيح بالالتزام ومعرفة الفرقة الحزبية بوضع كل مرشح وأهليته للترشيح لأن الفرقة هي اللبنة الأساسية في البناء التنظيمي، إذ يتسبّب عدم المعرفة بإعطاء أصوات انتخابية في غير محلها ما يؤدّي إلى نتائج عكسية، وهذا يستوجب إعادة النظر بآلية إجراء الاستئناس ومحدّداته، وتساءلوا عن سبب تأخر صدور القرار الذي يخصّ استبعاد قيادات الشعب لأنه أحدث إرباكاً في عملية الاستئناس، وعن مبرر اعتماد ضعف العدد في الاستئناس ما يرغم الناخبين على اختيار أسماء يجهلون كفاءتها.
وتحدّث الرفيق المهندس هيثم إسماعيل أمين فرع الحزب عن أهمية الحوار بفتح آفاق واعدة في مسيرة ومستقبل العمل الحزبي رغم نقاط التحدّي التي تواجه استحقاق الاستئناس، منوهاً بالحالة الحوارية التي عبّر عنها الرفاق في مداخلاتهم بما يعكس غيريّتهم وحرصهم على تطوير الاستئناس وتلافي أية حالة ضعف، وهنا تكمن قيمة الأفكار التي جرى طرحها تعزيزاً وتصويباً.
وفي تصريح لـ”البعث” أوضح الرفيق عامر فحام رئيس مكتب التنظيم الفرعي، أن الجلسة بدأت الساعة العاشرة وانتهت الحوارات الساعة الثانية عشرة والنصف، تخللها حوار موسّع حول الاستئناس الحزبي بما له وما عليه، بسلبياته وإيجابياته، وقدّموا أفكاراً مقترحة حول الصدور المبكر للقرارات والتعليمات وندوات حوارية توعوية تسبق الاستئناس وتوسيع التواصل بين القيادات القاعدية والجهاز الحزبي وبمدة أطول وعدد من القضايا التي تصبّ في تصويب مسار الاستئناس.
الرفيقة فيحاء طريفي عضو اللجنة المركزية للحزب قالت: هذا اللقاء يأتي في ضوء ما حصل في انتخابات الإدارة المحلية وما قبلها وما أفرزته، وللتعرف على السلبيات والإيجابيات لأجل تطوير العملية الديمقراطية وتعزيزها وتلافي السلبيات في المستقبل للوصول إلى ما نطمح إليه.
الرفيق مراد حاتم من المرشحين الراسبين قال: إن الاستئناس الحزبي تجربة ناجحة وغنية يمكن تعزيزها بتلافي السلبيات، لأنها تأتي في سياق الإصلاح الحزبي وتوسيع الصلاحيات في إطار المشاركة والترشيح وانتخاب الممثلين وإيصال الرؤى والتوجّهات للقيادة الحزبية.
والرفيق نزار عليا (ناجح) قال: إن تجربة الاستئناس رائدة ومميزة، ومن الضروري تكامل الرؤى والأفكار لإغنائها وتعزيز نجاحها وأهمية دور الفرقة الحزبية في تعزيز هذا النجاح.
أما الرفيقة المهندسة وجيهة أسطة (مرشحة مستبعدة) فقالت: تم استبعادي في المرحلة الثانية لأني عضو قيادة شعبة بعد وصول توجيهات القيادة، وأشارت إلى الأثر السلبي للمال السياسي على الانتخابات، وهذا ما ظهر بوضوح من خلال وصول أسماء غير جديرة بالعضوية، ومنهم شخصيات غير معروفة للفرقة والشعبة الحزبية.
وبعد أن أنجزت الجلسة الحوارية، تمّ توزيع الاستبيان على الرفاق المشاركين حول انطباعاتهم وآرائهم بالاستئناس الحزبي وجرى ملء الاستبيان من الرفاق المشاركين في الجلسة الحوارية.