مواقف أوروبية تدعو لوقف التصعيد مع روسيا
تقرير إخباري:
يحمل الموقف الغربي نوعاً من المرونة في الملف الروسي خلال هذه الفترة، فبعد الحملات الإعلامية الكبيرة وتهديدات الناتو وتقديم الأسلحة الثقيلة لأوكرانيا، بالإضافة إلى جملة من العقوبات الغربية التي طالت المؤسسات والأشخاص في روسيا، نسمع حالياً نغمة جديدة في العديد من الدول الأوروبية حول مراجعة العقوبات والمطالبة بعدم التدخل بالعملية الروسية والنأي بالنفس والذهاب باتجاه ما هو أنفع لشعوبهم واقتصادهم، وآخر ما حرّر في هذا السياق دعوة الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي “ناتو” ينس ستولتنبرغ، إلى عدم الاستخفاف بقدرات روسيا العسكرية.
وبيّن ستولتنبرغ أن القوات المسلحة الروسية تحتفظ بقدراتٍ كبيرة، فضلاً عن عدد كبير من القوات المختلفة التي تتحالف معها، مضيفاً: إن روسيا أظهرت استعدادها لتحمّل خسائر كبيرة، ومعتبراً أن الأشهر المقبلة ستكون صعبة.
هذا الاعتراف لا يعدّ عادياً، وخاصة أنه صدر ممّن يمكن تسميته وزير حرب الدول الغربية، وذلك أن حلف شمال الأطلسي يتألف من 30 دولة تمتلك 3 منها أضخم جيوش في العالم الغربي هي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا، كما يعتمد الناتو ميزانية دفاع مشتركة تضمّ نسبة من الدخل القومي لكل دولة من الدول الأعضاء، وتمثل الولايات المتحدة الأميركية أكبر المساهمين في هذا الحلف.
أما الموقف الأميركي فيظهر من خلال تصريح السفيرة الأميركية لدى الناتو جوليان سميث التي بيّنت أن الولايات المتحدة تأمل في أن تجري مفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا في المستقبل القريب، لكنها تعتقد أن على كييف أن تحدّد شروط المحادثات.
ويبدو أن تأثير الأزمة الاقتصادية هو ما جعل الموقف الأوروبي خاصة، والغربي عموماً، يتصف بالمرونة، ولاسيما بعد الدعوات التي وجّهتها الشعوب الأوروبية لحكوماتها والتي انتقدت من خلالها جرّها إلى حرب تستنفد اقتصاداتها، وهنا لابد من الإشارة إلى أن النائبة اليسارية في البرلمان الألماني سارة واغنكنخت دعت واشنطن إلى التخلي عن سياسة فرق تسُد، في استراتيجيتها لمواجهة روسيا والصين، كما اتّهمت البيت الأبيض، بـتأجيج الصراع في أوكرانيا بهدف استعادة أمجاده وبسط نفوذه على العالم، الذي لا يروق لواشنطن أن يصبح متعدّد الأقطاب، كذلك حذرت من خطر غياب خطة من شأنها إحلال السلام في أوكرانيا، ورأت ذلك وصمة عار في جبين الغرب، مشيرة إلى أن الأولوية تقتضي إنهاء الصراع أولاً، ثم الحديث عن ضماناتٍ أمنية.
وبالمحصّلة، هذه الأصوات لم تكن لتخرج من أيّ من المسؤولين الغربيين، حتى الموصوفين منهم بالعقلانية، لولا أن آثار العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، والعجز الغربي عن الاستمرار في تحميل ميزانيات دوله المزيد من المبالغ لدعم الحرب، ساهما في الوصول إلى هذه النتيجة، والحديث الآن لم يعُد يقتصر فقط على التفاوض مع روسيا، بل على كيفية الخروج بأقل الخسائر.
ميادة حسن