العودة إلى المسار الصحيح
ترجمة: هناء شروف
في هذا العام، شهدنا الآثار المدمرة بشكل متزايد لتغير المناخ، والمأساة الإنسانية، والاضطراب الاقتصادي، مع الأعاصير في بنغلاديش، والفيضانات غير المسبوقة في باكستان، وموجات الحر في أوروبا، وحرائق الغابات في أمريكا الشمالية، والجفاف في أفريقيا.
يتوقع العلماء أنه سيكون هناك المزيد من الكوارث المدمرة، والاضطرابات طويلة المدى لأنماط الطقس فيما إذا استمر الاحتباس الحراري، وهذا من شأنه تدمير الحياة، وسبل العيش. وقد يؤدي الفشل في الحصول على الانبعاثات في المسار الصحيح بحلول عام 2030 إلى إغلاق الاحتباس الحراري فوق درجتين مئويتين، والمخاطرة بنقاط تحول كارثية.
إن التحول الأخضر سيوفر كوكباً أنظف مع تلوث أقل، واقتصادات أكثر مرونة وشعوب أكثر صحة، ويتطلب الوصول إلى هذا اتخاذ إجراءات على ثلاث جبهات: سياسات ثابتة للوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2050، وتدابير قوية للتكيف مع الاحتباس الحراري المحاصر بالفعل، ودعم مالي قوي لمساعدة البلدان الضعيفة على دفع ثمن هذه الجهود.
صافي صفر بحلول عام 2050
من الضروري الحد من ارتفاعات درجات الحرارة الإضافية إلى أقل من 1.5 درجة مئوية إلى 2 درجة مئوية، ويتطلب تحقيق ذلك بحلول عام 2050 خفض الانبعاثات بنسبة 25-50 في المائة بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات ما قبل عام 2019. والخبر السار هو أن حوالي 140 دولة – تمثل 91 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري – قد اقترحت بالفعل أو حددت أهدافاً صافية صفرية لمنتصف القرن تقريباً. لكن الوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2050 يعني أن معظم الدول بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لتعزيز أهدافها لخفض الانبعاثات، لا سيما الاقتصادات الكبيرة.
هناك فجوة أكبر على صعيد السياسة، إذ يُظهر تحليل جديد لسياسات المناخ العالمي الحالية من قبل صندوق النقد الدولي أنها لن تحقق سوى تخفيض بنسبة 11 بالمائة، والفجوة بين هذا، وما يتم السعي لتحقيقه كبير جداً تعادل أكثر من خمسة أضعاف الانبعاثات السنوية الحالية للاتحاد الأوروبي. سيتطلب ذلك مزيجاً من الحوافز لدفع الشركات والأسر إلى إعطاء الأولوية للسلع والتقنيات النظيفة في جميع قراراتهم.
إن مزيج سياسات المناخ العالمي المثالي، يجب أن يشمل تسعير الكربون بما في ذلك خفض دعم الوقود الأحفوري، لأنه من شأن اتفاقية وضع حد أدنى لأسعار الكربون الدولية أن توفر طريقة واحدة لتحفيز العمل مثل المطالبة بدفع سعر أدنى يتراوح بين 25 و 75 دولاراً لكل طن من الكربون اعتماداً على مستوى الدخل القومي لكا دولة.
كما يجب أن تتضمن حزمة السياسة الشاملة أيضاً تدابير لتقليل انبعاثات الميثان، لأن خفض هذه الانبعاثات بمقدار النصف خلال العقد المقبل من شأنه أن يمنع ارتفاعاً يقدر بنحو 0.3 درجة في متوسط درجة الحرارة العالمية بحلول عام 2040 .
يحتوي تحليل صندوق النقد الدولي الجديد على توقعات مشجعة لحزمة عادلة من شأنها احتواء الاحتباس الحراري إلى أقل من 2 درجة مئوية، بحيث تقدر التكلفة الصافية للانتقال إلى التكنولوجيا النظيفة – بما في ذلك الوفورات التي تم تحقيقها من خلال تجنب الاستثمارات غير الضرورية في الوقود الأحفوري – بحوالي 0.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2030.
رغم ذلك، كل إجراءات التخفيف ليست كافية مع وجود بعض الاحتباس الحراري المحاصر بالفعل، حيث يدفع الناس والاقتصادات الثمن في كل مكان وفي كل يوم. وعلى الرغم من أن الاقتصادات الأكبر في العالم تساهم بأكبر قدر، لكن للأسف إن الاقتصادات الأصغر تدفع أعلى التكاليف وتواجه أكبر فاتورة للتكيف.
التمويل المناخي المبتكر
إن بذل المزيد من الجهود في مجال تمويل المناخ أمر حيوي أيضاً، ويجب على الاقتصادات المتقدمة أن تفي أو تتجاوز التعهد البالغ 100 مليار دولار لتمويل المناخ للدول النامية، لأسباب ليس أقلها أسباب تتعلق بالإنصاف. لكن الأموال العامة وحدها لا تكفي، لذلك هناك حاجة إلى مناهج مبتكرة وسياسات جديدة لتحفيز المستثمرين من القطاع الخاص على فعل المزيد.
ستكون الأدوات المالية المؤكدة مهمة مثل صناديق الاستثمار المغلقة التي يمكنها تجميع أصول الأسواق الناشئة لتوفير الحجم وتنويع المخاطر، ويجب على بنوك التنمية المتعددة الأطراف، أو الجهات المانحة بذل المزيد من الجهد لتشجيع المستثمرين المؤسسيين على الدخول من خلال توفير الأسهم، التي لا تشكل حالياً سوى حصة صغيرة من التزاماتها.
إن أحد المجالات الجديدة الواعدة، هو تحرير رأس المال من صناديق التقاعد، وشركات التأمين والمستثمرين الآخرين على المدى الطويل الذين يديرون بشكل جماعي أكثر من 100 تريليون دولار من الأصول. الأمر الآخر، هو كيف تسهل البيانات بشكل أفضل اتخاذ القرار والاستثمار؟. لهذا السبب يعمل صندوق النقد الدولي.