حسام الخطيب.. رحيل في الزمن المختلف
أحمد علي هلال
سيبدو الرحيل بطعم الفقد، سيما وأنه سيتعالق بقامات أسست لفكر النقد وممارسته المبدعة، رحيل في أزمنة مختلفة سيعني الكثير لمن نهلوا من مدرسة عريقة ومن فكر صاف جعل النقد الأدبي كما الأدب المقارن واسطة العقد في العلاقة مع الإبداع، وما يستدعي الحديث هنا ذكرى رحيل ناقد مفكر هو الدكتور حسام الخطيب، الذي عرفته أجيال كثيرة، وحايثت فكره وخصوبة انجازاته الأكثر من أن تُحصى، فهو شخصية متعددة تعكس أنموذج المثقف النوعي والقادر على طرح الأسئلة وصوغ الأفكار التي لا تمس النقد كفعالية معرفية فحسب، بل نمط التفكير النقدي المنتج في العلاقة مع الإبداع أسماءً وأجيالاً ومنجزات، صاحب النقد الطليق باختصاصه النادر وبثقافته الموسوعية التي أثرت الفكر العربي، بإطروحات لمّا تزل طازجة، ومهما شغل الدرس النقدي وعلى أكثر من مستوى، بل صاحب الأسئلة الكبرى التي جعلت من النقد خطاباً عابراً للخطابات، وجعلت من ممارسته ثراءً للتجربة، سيما وأنه الغزير معرفةً تجلت في عطاءاته المديدة، وهو المناضل بالكلمة من أجل مجاز كبير اسمه فلسطين، وكيف تستعيد فلسطين أبجدية العلم والثقافة في الوعي الإنساني، صاحب الإرث الكبير الذي يملي على المؤسسة النقدية العربية استحقاق ذلك الفكر النقدي الذي ينفتح على الأصالة والمعاصرة، والحداثة الواعية التي التقطت جوهر الفعل الثقافي وطيفته على تخوم المعرفة الإنسانية.. حسام الخطيب مؤسسة في رجل ورجل في مؤسسة، سيشكل فقده جسداً فحسب، مأثرة إضافية لمن تنكبوا دروب النقد ومغامرته المعرفية الواسعة الضفاف والمتدفقة أنهاراً كثيفة، وفي فهمه لماهية الأدب المقارن الذي عمل عليه وأنتج فيه أطروحات باذخة شديدة الحساسية والتأثير، ما يعني تلك الثقافة النبيلة المنتجة التي مازلنا نتطلع إليها، ثقافة تمتد لأجيال وأجيال لتنهض بفكر تنويري قادر على وضع الثقافة العربية في مكانها الذي يليق بها، ذلك الفلسطيني العربي الجامع لكبرى المثل الأخلاقية والمعرفية في سلوكه وكفاءة عطاءاته، سيبقى منارة لثقافة مازال مثالها الحق والخير والجمال.