في ذكرى الحركة التصحيحية المجيدة.. متمسكون بثوابتنا الوطنية والقومية ..
البعث الأسبوعية – سياسة – محمد غالب حسين:
الحركة التصحيحية المجيدة التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد في السادس عشر من تشرين الثاني 1970 كتبت اسم سورية بحروف من نور، وأعلت بناء صرحها الحضاري، وتمسكّت بالهوية الوطنيه وعقيدتها وثوابتها الوطنية والقومية، ورسّخّت قيم العطاء والعمل وحب الوطن والتضحية من أجل ازدهار سورية وقوتها ومنعتها.
دور رائد مشرف
منذ انطلاق الحركة التصحيحية عمل القائد المؤسس حافظ الأسد جاهداً ليجعل سورية دولة لها وزنها ووجودها وثقلها على الساحة العربية الإقليمية والدولية، وهذا ما تحقق بفضل حكمته واستشرافه للمستقبل، ورؤيته بعيدة المدى، فقد استطاع تجاوز كل التحديات بنجاح، وأثبت للعالم أن سورية دولة لها مكانتها الكبيرة على الساحة العربية والإقليمية والدولية، وأن لسورية دور رائد بكل القضايا التي تعنيها.
ولعل الطابع الوطني القومي التحرري الوحدوي هو أبرز ما ميّز النهج السياسي للحركة التصحيحية المجيدة التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد، لذلك كانت قضية التحرير هي الأساس في عملية تصحيح وتطوير علاقات الجمهورية العربية السورية على الصعيدين القومي والدولي،ووضع الاستراتيجية القائمة على مفهوم حشد الطاقات العربية والدولية.
وفي هذا الإطار بادرت الجمهورية العربية السورية إلى الانفتاح على الدول العربية جميعها، وإنهاء حالة العزلة التي كانت تعاني منها، وإعادة علاقاتها معها جميعاً إلى وضعها الطبيعي، وذلك في نطاق سعيها الجاد والمسؤول لبناء التضامن العربي وتعزيزه، وإلى تقوية جبهة الأصدقاء وتطويرها، وكان اهتمامها منصباً على تصحيح مسار علاقاتها مع الدول العربية، وجعله يقوم على التعاون والتقارب وتوحيد الجهود على طريق حشد الطاقات لخدمة قضايا العرب الأساسية، وفي مقدمتها قضية تحرير الأراضي العربية المحتلة، واستعادة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وبما يمكّن العرب من ضمان حقوقهم ومصالحهم، والتصدي للمخططات المعادية.
وعلى هذا الأساس ظلت سياسة سورية العربية في عهد التصحيح المجيد تدعو إلى تحقيق أي خطوة وحدوية ممكنة بين الأقطار المؤهلة لذلك، وتؤكد أنه ليس لها شروط من أجل تحقيق أي خطوة وحدوية ممكنة، تكون خطوة على طريق الوحدة العربية الشاملة. كما ظلت سورية تتمسك بسياسة التضامن العربي، وتدعو إلى تعزيزه وتفعيله، وتؤكد على ضرورة عدم تغليب الخلافات الهامشية والقضايا الثانوية، على القضايا الأساسية. وقد أدت سورية دوراً بارزاً بل طليعياً فيما تحقق من تضامن وعمل مشترك وتنسيق وحشد للطاقات العربية، وخصوصاً في حرب تشرين التحريرية، وكذلك في العمل من أجل حماية النتائج الإيجابية لهذه الحرب، ومواجهة الآثار السلبية الناجمة عن الحلول المنفردة بدءاً من كامب ديفيد، مروراً بأوسلو، وانتهاء بوادي عربة. هذه الحلول التي ألحقت أفدح الأضرار بالتضامن العربي، والعمل العربي المشترك، وقضاياه الأساسية وخصوصاً القضية الفلسطينية وتحرير الأراضي العربية المحتلة، كما شكلت عقبة كبرى أمام النهوض العربي المنشود، ما حمّل سورية مسؤوليات أكبر في مواجهة التحديات الناشئة، حيث كان خيار سورية الثابت والمبدئي في هذا المجال، هو خيار الصمود والمقاومة ومواصلة الالتزام بالقضايا العربية العادلة .
الإنجازات داخلياً
حققت الحركة التصحيحية المجيدة انجازات لا يمكن حصرها أو تعدادها، ولكن سنذكر بعضاً منها، لأنها أغنت الحياة السورية بمجالاتها المتعددة. ومن هذه الانجازات إقامة الجبهة الوطنية التقدمية، وانتخاب مجلس الشعب، ووضع دستور للبلاد، وصدور مرسوم قانون الإدارة المحلية رقم (15) عام 1971، ناهيك عن الإنجازات الاقتصادية والصناعية والزراعية، والحفاظ على الثروات الباطنية، وتأمين الكهرباء للريف السوري، وتحقيق الأمن الغذائي، وزيادة القدرة الاقتصادية اعتماداً على القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع المشترك.
وفي مجال التربية والتعليم والثقافة أولت الحركة التصحيحية قطاع التعليم عناية خاصة وجعلته إلزامياً في مرحلته الابتدائية و مجانياً في جميع مراحله، وعملت على تشجيع التعليم الفني، وبناء المدارس حتى في أصغر وأبعد قرية سورية.
أما ثقافياً فعملت الحركة التصحيحية المباركة على بناء المراكز الثقافية والمكتبات العامة، وشجّعت التأليف والنشر، وكرّمت الأدباء والكتاب والشعراء. وقائمة الإنجازات تبدأ ولا تنتهي، وهي أكثر من العدّ والإحصاء مما ساهم في ازدهار سورية وجعلتها من بين الدول المتقدمة في جميع المجالات.
ملحمة تشرين التحرير
لقد استطاع قائد التصحيح بجدارة أن يمدّ الفضاءَ العروبي بالدبلوماسية السورية المخلصة إلى المجال القومي، لتستجيب له جماهير الشعب العربي، وتصبح الحكومات العربية أمام صيغة مطلوبة منها شعبياً للتضامن الكفاحي العربي لمواجهة الكيان الصهوني.
وعلى الصعيد الدولي اعترف العالم بانتهاء زمن الفراغ في المنظومة العربية السياسية، وبناءً عليه خاض قائد التصحيح الحرب العربية الأولى ضد الكيان الصهيوني في السادس من تشرين الأول عام 1973 ليحطم الغرور الصهيوني، ويكسر أسطورة الجيش الذي لا يقهر، ويخرج القائد المؤسس المنتصر في حرب التحرير إلى الفضاء الدولي بحالة صاحبِ الحق، والإرادة القوية لاسترداده، واكتسبت قضية فلسطين بعدها الكامل في الاعتراف الدولي بها، فتراجع الكيان الصهيوني الغاصب ليغدو منبوذاً معتدياً، فالقراران الدوليان /338/ و /242/ صارا على رأس اهتمام العالم، لتظهر الأمة العربية القوية بجيوشها وإرادة القتال قوةً دولية ناهضة في ظل وجود السياسة الحازمة والشجاعة للقائد حافظ الأسد الذي نجح في قيادة الصراع العربي ضد الصهيونية، وفرض الاعتراف العالمي بالحق العربي ولا سيما الفلسطيني.
فحرب تشرين التحريرية التي خطط لها وقادها القائد المؤسس حافظ الأسد تعتبر حقاً وصدقاً برأي جميع الباحثين والسياسيين والعسكريين من أهم الإنجازات على الصعد كافة، فقد أولى القائد المؤسس حافظ الأسد الإعداد لمعركة التحرير الأولوية والأهمية ولاسيما في مجال إعداد القوات المسلحة، وبناء الجبهة الداخلية المتينة وتعزيز الوحدة الوطنية، وكذلك على صعيد بناء التضامن العربي والتنسيق مع مصر ومع الأصدقاء على الصعيد الدولي.
وكلنا يدرك الإنجازات العسكرية والسياسية لحرب تشرين التحريرية التي حققت النصر الساحق، وكشفت أكذوبة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر، واتخاذ العرب لقرار الحرب وتحقيق المفاجأة والمباغتة والمبادهة، وتحطيم تحصينات العدو التي كان يتغنّى بها، وجعلت سلاحه الجوي الذي طالما تباهى به مدعاة للسخرية والتندّر بعد إسقاط طائراته بالمئات.
سورية الحديثة
إن الحركة التصحيحية المجيدة أرست أسس سورية الحديثة داخلياً، وعربياً، وإقليمياً، ودولياً بفضل حكمة القائد المؤسس حافظ الأسد، الذي نجح ببناء الدولة الشعبية الدستورية بالمؤسسات الجماهيرية، التي تُبرز هيكلية الدولة الحديثة في الدستور، والانتخابات التمثيلية، والإدارة المحلية، والجبهة الوطنية التقدمية، واستكمال تنظيم الشعب في منظمات، ونقابات تجسّد بنية الديمقراطية الاجتماعية، إلى جانب الديمقراطية السياسية، والدستورية القائمة على نظام التعددية الحزبية، والسياسية والاقتصادية، مما جعل سورية مثالاً مشرقاً للدولة الوطنية العربية الحرّة ذات السّيادة والقرار المستقل، وحق تقرير المصير بالإرادة الوطنية الخالصة، وعبر مؤسسات شعبية وحكومية قوية وجيش وطني وعقائدي، وقد اُختُبرت سورية الحديثة التي بناها القائد المؤسس حافظ الأسد في أكثر من مهمة قومية فأدّتها بكل نجاح، وصمَدَتْ بتجربتها الديمقراطية وخصوصيتها الوطنية القوية.
مسيرة التطوير والتحديث
إن ما حققه القائد المؤسس حافظ الأسد من إنجازات استكملها السيد الرئيس بشار الأسد عبر مسيرة البناء والتطوير والتحديث، والتي حققت في فترة زمنية قصيرة العديد من الإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بفضل قيادة الرئيس بشار الأسد الذي يقف شامخاً أمام كل العالم، يقول ما يؤمن به بكل جرأة و صلابة، مؤكداً أن سورية قوية بشعبها وجيشها البطل، ولا يمكن لأي كان أن يفرض عليها حلولاً، لا تلبي طموحات الشعب السوري، وتحافظ على ثوابته الوطنية وفي مقدمتها السيادة والاستقلال، ووحدة سورية أرضاً وشعباً، وتطهير كل شبر من سورية عبر اجتثاث الإرهاب، وهو ما يترجم في الميدان بالمزيد من الانجازات والانتصارات على التنظيمات الإرهابية ومشغليها.
وفي الذكرى الثانية والخمسين للحركة التصحيحية المجيدة، تواصل سورية العربية مواجهة قوى الشر، ودول العدوان والبغي والإرهاب، محققةً الانجازات والانتصارات في حربها على الإرهاب والإرهابيين وأسيادهم، قاطعةً الطريق على مخططات الغرب والصهيونية، وبعض الأنظمة العربية الرجعية والإقليمية الحالمة بعودة سلطانها عبر دعم التنظيمات الإرهابية، لتدمير الدولة السورية، والابتعاد عن تطوير بناها التحتية، ودعم القضايا الوطنية والقومية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية، ضماناً لأمن الكيان الصهيوني.
إن العدوان الدولي الظالم على سورية خلال السنوات الماضية، وصمود الشعب السوري وتمسكه بقيادته ونهجها السياسي، تعتبر مؤشراً قوياً على سلامة النهج الذي تنتهجه لحماية ثوابتنا الوطنية.
اهتمام و أولوية
وفي ذكرى الحركة التصحيحية المباركة يستذكر أبناء محافظة القنيطرة القائد الخالد المؤسس حافظ الأسد الذي حَبَا أبناء القنيطرة كريم محبته وسابغ رعايته، ووجّه بمنح مشاريع محافظة القنيطرة الأولوية والأهمية بالتمويل والتنفيذ مما صاغ نهضة كبرى، شهدتها المحافظة بعد تحرير مدينة القنيطرة، وخاصة في مجال الإعمار، حيث تمّ إعادة إعمار تسع قرى محررة بآلاف الوحدات السكنية، إضافة لمقرات المحافظة، ومؤسساتها، و شركاتها، و مديرياتها، و دوائرها، حيث تضم كل قرية من القرى النموذجية الحديثة التي تمّ إعمارها منظومة خدمية متكاملة من شبكات مياه الشرب، والكهرباء، والصرف الصحي، والهاتف، والمدارس، والمراكز الصحية، والوحدات الإرشادية الزراعية والريفية، إضافة لبناء مستشفى الشهيد ممدوح أباظة الذي يعتبر صرحاً طبياً علاجياً يستقبل مئات المرضى، وترافق ذلك مع توفير مستلزمات النهضة الزراعية، حيث تمّ بناء سدود رويحينة، وبريقة، والهجة، وغدير البستان، وكودنة، والرقاد، وإنجاز مشاريع التشجير المثمر، ومراكز إنتاج الغراس، ومراكز أمهات الأشجار في أيوبا، وطرنجة، وصيدا، والمشتل الحراجي، ومنشأة دواجن القنيطرة، وغيرها، والذي صاغ ذلك كله نهضة كبرى بالجزء المحرر من المحافظة دعماً لسكانها بمواجهة الاحتلال الاسرائيلي.
وقد تنامى الاهتمام بمحافظة القنيطرة من قبل السيد الرئيس بشار الأسد الذي منح محبته واهتمامه لمحافظة القنيطرة، حيث تمّ إحداث الكليات الجامعية والمعاهد المختلفة، ناهيك عن الاستصلاح المجاني لأراضي الفلاحين الوعرة، والبدء بإعادة إعمار قريتي القحطانية والعشة، وتوسّعت مدينة البعث عمرانياً ببناء مئات الوحدات السكنية الطابقية، وبناء سد المنطرة، وزيادة الاهتمام الخدمي، والصحي، والتربوي بتجمعات أبناء محافظة القنيطرة بمحافظات دمشق ودرعا وحمص وريف دمشق.
تحرير كامل تراب الجولان
وفي ذكرى الحركة التصحيحية المباركة نحيي الأهل الأباة في الجولان السوري المحتل بقرى مجدل شمس، ومسعدة ،والغجر، وعين قنية، وبقعاثا الذين رفضوا الاحتلال الاسرائيلي، وما صدر عنه من قرارات احتلالية زائلة وإجراءات عدوانية باطلة، ويعلنون على الدوام الانتماء الراسخ الثابث للوطن الأم سورية، والتمسّك بالهوية العربية السورية، والاعتزاز بها، والولاء لقائد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد، والثقة الأكيدة التي لا يخامرها شك بتحرير كامل تراب الجولان .
ونؤكد لهم بهذه المناسبة إن الاحتلال لزوال، وسيعود الجولان لوطنه وشعبه وأهله، وسيقوم السيد الرئيس بشار الأسد برفع علم الوطن فوق كل ذرة من تراب الجولان.